الأميركيون يتغاضون راهناً عن كون «هيئة تحرير الشام» مُصنّفة «منظمة إرهابية»

الدول الأوروبية تحاول تحديد نهجها حيال السلطة الجديدة في سورية

مقاتل من المعارضة أمام مبنى مديرية المخابرات الجوية السابق (رويترز)
مقاتل من المعارضة أمام مبنى مديرية المخابرات الجوية السابق (رويترز)
تصغير
تكبير

لندن - أ ف ب - تجد الحكومات الأوروبية نفسها في حالة ترقب بعدما فوجئت بسقوط بشار الأسد في سورية، حيال الموقف الذي ينبغي اعتماده من الفصائل المتشددة التي استولت على الحكم مع مزيح من القلق و«التفاؤل الحذر».

منذ الأحد، أجمعت هذه الدول على الترحيب بسقوط الرئيس السوري بعدما حكم البلاد بقبضة حديدية على مدى 24 عاماً من بينها 14 شهدت نزاعاً أهلياً حصد الكثير من الأرواح.

إلا أن نهج «هيئة تحرير الشام»، «جبهة النصرة» سابقاً قبل فك ارتباطها بتنظيم «القاعدة»، وتصنيفها «منظمة إرهابية» من جانب دول غربية عدة، يثير مخاوف أيضاً.

في محاولة لاعتماد نهج مشترك حيال السلطات الجديدة في سورية، قررت دول مجموعة السبع عقد اجتماع عبر الإنترنت، اليوم.

وقال الباحث المشارك في معهد «رويال يونايتد سيرفيسيز» في لندن أوربن كونينغهام لـ «فرانس برس»، إن الحكومات الأوروبية حتى الآن «لا تملك جواباً (...) ولا يسعها إلا الانتظار لمتابعة ما سيحدث».

وأعلنت الفصائل المسلحة مساء الخميس تكليف محمد البشير تولي حكومة تسيير أعمال.

تواصل الحذر

وتؤكد هيئة تحرير الشام أنها تخلت عن الخط الجهادي، إلا أن ثمة مخاوف من تكرار السيناريو الذي حصل في أفغانستان حيث تفرض حركة «طالبان» تطبيقاً صارماً للشريعة الإسلامية.

وأشار كونينغهام إلى أن فصائل المعارضة المسلحة وقائدها أبومحمد الجولاني «بذلوا قصارى جهدهم حتى الآن مع تحدثهم عن ضرورة قيام حكومة براغماتية وجامعة».

ورأى أن «التفاؤل الحذر» هو الشعور الطاغي حالياً في صفوف الدول الأوروبية.

ولبدر موسى السيف، الباحث في مركز شاتام هاوس للأبحاث الرأي نفسه، مشيراً إلى أنه بعد سقوط مدينة حلب، لم يتعرض أحد للمسيحيين فيها.

في مقابلة مع صحيفة «كورييري دي لا سيرا» الإيطالية، أكد محمد البشير التزامه «ضمان» حقوق الأقليات في سورية التي تضم طوائف وإثنيات عدة من مسلمين سنة وشيعة ودروز وأكراد.

في المملكة المتحدة، لم تستبعد حكومة كير ستارمر، وهو محام سابق في مجال حقوق الإنسان، الحوار. وقال ناطق باسم الحكومة العمالية «كون هيئة تحرير الشام مجموعة إرهابية محظورة لا يمنع الحكومة من الانخراط في مباحثات معها في المستقبل».

وأعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس من جهتهما أنهما «مستعدان للتعاون مع القادة السوريين الجدد» بشروط.

وأفاد مصدر دبلوماسي أوروبي بأن بعض الدول باشرت «إقامة قنوات اتصال غير مباشر مع هيئة تحرير الشام» التي «تحولت من حركة جهاد عالمي إلى حركة إسلامية وطنية». لكنه أضاف «من السابق جداً لأوانه» التخلي عن الحذر.

بالنسبة إلى الأمم المتحدة، قال مبعوثها الخاص إلى سورية غير بيدرسن الثلاثاء إن «الاختبار الأهم» يبقى في وضع المرحلة الانتقالية موضع التنفيذ.

تجنب الفوضى

لكن يبقى أيضاً التحديات المتمثلة بالأمن والهجرة.

فقد تستغل جماعات متشددة مثل تنظيم «داعش» من فوضى محتملة أو انقسامات بين الفصائل، في مرحلة ما بعد حكم الأسد لاستعادة السيطرة على مناطق خسرتها.

وأشار أوربن كونينغهام إلى أن «وجود كميات كبيرة من الأسلحة في سورية من بينها أسلحة كيميائية» يزيد من خطورة الوضع.

يضاف إلى ذلك أيضاً، المعتقلات التي تكتظ بالمعتقلين في منطقة سيطرة الأكراد في شمال شرقي البلاد التي تضم عشرات آلاف المقاتلين من «داعش» مع نساء وأطفال من بينهم مواطنون أوروبيون.

ورأى الباحث أن «ثمة خطراً أن يحرر تنظيم الدولة الإسلامية هؤلاء المعتقلين». ووضعت أجهزة الاستخبارات في المملكة المتحدة في حالة تأهب لمواجهة احتمال مماثل.

وشدد جوليان بارنز-دايسي، من المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية، على أن «استقرار سورية يصب في مصلحة الأوروبيين» متحدثاً عن موجة هجرة جديدة محتملة في حال غرق سورية في الفوضى.

أما الولايات المتحدة، فيبدو أن المسؤولين فيها يتغاضون راهناً عن كون «هيئة تحرير الشام» مصنفة «منظمة إرهابية»، ويؤكدون أنهم يريدون أن يحكموا «على الأفعال»، مشددين على أن الهيئة «تستخدم في الوقت الراهن الكلام المناسب».

ودعا وزير الخارجية أنتوني بلينكن الذي توجه إلى الأردن، أمس، وينتقل اليوم إلى تركيا لإجراء مباحثات حول سورية، «إلى مرحلة انتقالية جامعة (...) نحو حكومة مسؤولة وذات صفة تمثيلية».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي