سموتريتش يعتبر أن «حدود إسرائيل الكبرى تصل إلى دمشق»

تل أبيب تُعلن الحرب على سورية وتحتل 2400 كيلومتر مربع

قوات إسرائيلية في جبل الشيخ
قوات إسرائيلية في جبل الشيخ
تصغير
تكبير

وصل الصراع السوري إلى نقطة تحوّل محورية مع مَنْحِ الرئيس السابق بشار الأسد «لجوءاً إنسانياً» (وليس سياسياً)، حيث رفعتْ السفارة السورية في موسكو عَلَمَ القيادة الجديدة.

وقد اغتنمتْ إسرائيل فرصةَ الاحتفالات بسقوط الأسد لتُوَسِّع سيطرتَها مستهدفةً أكثر من 150 هدفاً بما فيها عشرات المقاتلات من طراز «الميغ - 29» وعشرات المطارات والمخازن الإستراتيجية في أنحاء البلاد، بالتزامن مع تقدُّم قواتها في هضبة الجولان المحتلّ حيث احتلت جبل الشيخ وجزءاً من القنيطرة من دون إطلاق رصاصة واحدة.

وبإزاء هذا الواقع المستجدّ، كيف سيتصرف السوريون؟ هل المقاومة ممكنة؟ وهل سيتحرك المجتمع الدولي؟

ضربت إسرائيل عرض الحائط باتفاق وقف إطلاق النار وفك الارتباط عام 1974، حين أنشئت منطقة عازلة منزوعة السلاح تحت مراقبة الأمم المتحدة في مرتفعات الجولان. وفي مارس 2019 اعترف الرئيس دونالد ترامب بسيادة إسرائيل على الجولان، وهو ما قوبل بإدانة واسعة حتى من مجلس الأمن الذي اعتبره باطلاً وملغى تماشياً مع قرار الأمم المتحدة 242.

أما اليوم، فقد استغلت إسرائيل سقوط الأسد لتوسّع احتلالها لنحو 2400 كيلومتر مربع، بما في ذلك 1200 من مرتفعات الجولان. فقد تقدمت القوات المحتلّة في محافظة القنيطرة، وهي منطقة تمتدّ على مساحة 1861 كيلومتراً مربعاً وتقع بجوار مرتفعات الجولان.

وتنظر إسرائيل إلى القنيطرة باعتبارها منطقةً مهمة لتعزيز طموحاتها ودفاعاتها ولتأمين حدودها الشمالية وإبعاد الخطر عن طبريا والمناطق المحيطة بها.

ولذلك احتلت جبل الشيخ (1000 كيلومتر مربع عبر سورية ولبنان) والقرى المحيطة به بعدما كانت احتلت في الماضي 70 كيلومتراً من المنحدرات الجنوبية عام 1967 ليصبح نحو 600 كيلومتر مربع تحت سيطرتها لتضمّه إلى الجولان.

وهذا الاحتلال لقي موقفاً غير مفاجئ من الرئيس جو بايدن الذي دعا سورية الجديدة إلى احترام القوانين الدولية ليتقبّلها المجتمع الدولي من دون ذكر ما تفعله إسرائيل. بل إن تل أبيب سرّبت خبر موافقة البيت الأبيض على تقدّم الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي السورية.

ومن الواضح أن ترامب لن يتّخذ موقفاً مغايراً خصوصاً بعدما صرح سابقاً بأن «إسرائيل صغيرة جداً وتستحقّ المزيد من الأراضي».

وبالتزامن مع التقدم البري، استهدفت إسرائيل القدرات العسكرية السورية الإستراتيجية الهجومية والدفاعية لإنهاء هذا التهديد. فعلى مدى أعوام طويلة، طوّرت سورية قدرات إنتاج الصواريخ المحلية لتعزيز دفاعاتها والتي اعتُبرت حيوية، وخصوصاً بعدما زوّدتْها إيران بأنظمة صواريخ بعيدة المدى تفرض توازناً إستراتيجياً.

وبمغادرة المستشارين الإيرانيين، بلاد الشام، توقّف خط الإنتاج والإمداد، وهذا ما يعيد تشكيل المشهد الإقليمي.

وهذا التحوّل قد يعزّز مكانة إسرائيل الإقليمية ويوجِد بيئة أكثر ملاءمة للاستقرار والتعاون الأوسع في الشرق الأوسط وإعادة تعريف التحالفات وتغيير توازن القوى لصالح «المعتدلين» كما تراه إسرائيل والغرب.

لكن سورية تواجه تحديات ملحةً تتطلب اهتماماً فورياً مثل إعادة البنية التحتية ومعالجة احتياجات السكان والعمل على إزالة اسمها من «لائحة الإرهاب» وتخفيف العبء على الاقتصاد وجذب الدعم الإقليمي والدولي للنهوض من جديد.

وهذه الضرورات التي تشكّل الأولوية الداخلية لن تسمح بتعافي قدرات الجيش الدفاعية ولن تستطيع سورية التعامل مع التهديدات الخارجية مثل العدوان الإسرائيلي المستمر على أراضي الدولة.

الخلاصة

أن التقدم الإقليمي الأخير الذي أحرزتْه إسرائيل إلى جانب حملتها العسكرية التدميرية ضد البنية الأساسية للأسلحة الإستراتيجية في سورية، يعكس إستراتيجيةً مدروسة لإعادة تشكيل توازن القوى الإقليمي.

وتفتقر سورية في حالتها الحالية إلى القدرة على إطلاق «رصاصة واحدة» ضد إسرائيل.

ومن خلال استغلال ضعفها وصمت المجتمع الدولي، نجحت تل أبيب في الاستفادة من الفوضى لتأمين مكتسبات إقليمية وإستراتيجية في سورية بغض النظر عما يفكر به المجتمع الدولي وما تقوله القوانين الدولية.

وهذا يتجلى بتصريح وزير المال بتسلئيل سموتريتش، الذي قال إن «حدود إسرائيل الكبرى تصل إلى دمشق»، ما يدلّ على نيات تل أبيب التوسعية وخصوصاً في غياب المقاومة أو الردع الدولي، ما يعزز هيمنتها ويعيد تشكيل المشهد الجيو - سياسي في المنطقة لمصلحتها.

وهذه الدينامية تضع الحجر الأساس لترسّخ تل أبيب أهدافها الإستراتيجية... إنها «تداعيات» السابع من أكتوبر 2023.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي