قيم ومبادئ

خدمات جليلة؟

تصغير
تكبير

جاء في قانون الجنسية لسنة 1959، تعداد الحالات التي يجوز بمرسوم – بناء على عرض وزير الداخلية – منحهم الجنسية الكويتية، ففي المادة الرابعة البند الرابع

(أن يكون على كفاية أو أن يقوم بخدمات تحتاج إليها البلاد)، وفي المادة الخامسة تحت البند أولاً (من أولى للبلاد خدمات جليلة)، وثار الجدال مجدداً في تفسير هذه المواد من الدستور فهناك من يضيق ويمنع وهناك من يوسع ويشفع.

والحق دائماً وسط بين إفراط وتفريط، حيث إن تفسير هذه المواد لا يتم بالاختيار أو بمصلحية ومزاجية وإنما المرجع في ذلك قيود وضوابط تفسير النصوص المعتمدة والتي سارت عليها كل دول العالم، حيث أجمعت المدارس القانونية على أن نصوص التشريع يجب أن تكون واضحة ومحدّدة ومفهومة وعباراتها لا تثير أي لبس أو غموض أو إطلاق وعدم تحديد في شأن انطباقها على الواقع أو القرائن والفروض التي تنظمها، لكن في مثل حالتنا (الأعمال الجليلة) والجانب العملي منها كشف عن مشاكل في التطبيق حتى سمعنا عن حالات نستغرب كيف تم تمريرها حتى بأخطر الملفات؟ لذا، كان لزاماً علينا تفسيرها التفسير المتسق مع السيادة وروح الدستور... وسعياً لتحقيق العدالة ذهب الفقه القانوني الحديث إلى أن العدالة لا تتحقق على مجرد تكرار الأحكام للحالات التي تبدو في الظاهر متشابهة... ولكن دونما النظر إلى عوائد الزمان والمكان... وهذه سنة التطور في القانون ومدى ملائمته للمستجدات والنوازل والحاجات المتصاعدة لتحقيق المصالح العليا وأمن البلاد والقاعدة الشرعية والدستورية تنص على هذه الحقيقة فجاء فيها (يُستحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من فجور).

وإذا أردنا الجمع بين الحُسنيين الرجوع لحرفية النص (الأعمال الجليلة) والتقيّد بألفاظه مع التوسعة بفحوى النص دون الإخلال بالمصالح العليا نقول، أولاً الأعمال جمع عمل والعمل حسب دين الدولة الإسلام ينقسم إلى قسمين: عمل بمعنى عبادة وعمل بمعنى معاملة، فالأول مثل الصلاة والصيام والزكاة والحج، والثاني المعاملة أي معاملة الناس في البيع والشراء وسائر المعاملات إذا كانت بصدق وإخلاص واستقامة فيعتبر عمله مشروعاً.

وثانياً معنى (الجليل) الجليل من أسماء الله تعالى، وهو العظيم القدر والألف واللام (ال)، هنا للحصر لأننا ننظر هنا إلى معنى الصفة، ففي هذه الحال لا يُتسمى به غير الله، وعلى هذا لا يجوز أن يُسمى به أحد إلا الله تعالى، وفي شأن الملوك يُسمى صاحب جلالة لكن جلالة الله ليست كجلالة البشر.

والإسلام يشجع على الاتقان والتميز في جميع الأعمال وفي كل المجالات التي تعود بالنفع على مكونات المجتمع.

والاتقان يعتبر من القيم الكبرى المحمودة. والنبي، صلى الله عليه وسلم، حث على الاتقان بقوله (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه)، معناه أن الله تعالى يحب أن يقوم المؤمنون بأعمالهم بإتقان وتميز خصوصاً في مجال العمل اليدوي ومجال العلم والمعرفة، ويشجع المسلمين على السعي للتعلم واكتساب المعارف واستخدامها لخدمة البشرية وتطوير وتنمية المجتمع وكل ما من شأنه الوصول إلى المطالب العالية – وهذه القيم سار عليها رجال الدولة في الخمسينات وجنسوا من يستحق لأعمالهم الجليلة – وليس الابتذال والمعاصي وسفاسف الأمور وهذه الأعمال وإن سُمّيت جليلة إلاّ أنها تتعارض مع الدستور ولا يقبلها المجتمع!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي