كلمة صدق

العنف ضد المرأة

تصغير
تكبير

نشرت الأمم المتحدة تقريراً عن العنف ضد المرأة كشفت من خلاله عن أرقام محزنة عن العنف ضد النساء والفتيات في عام 2023، إذ تم قتل 85 ألف امرأة عن سابق إصرار، المحزن في الأمر أن الغالبية منهن كن ضحايا شريك الحياة أو أحد أفراد الأسرة.

أكثر من ستين في المئة من النساء الضحايا، أي ما يقارب الـ 50 ألف امرأة وفتاة تم قتلهن من شريك الحياة، أو من أحد أفراد أُسرهن، في ظاهرة وصفها تقرير الأمم المتحدة بأنها «عابرة للحدود».

ظاهرة العنف عابرة للحدود، بعضها في الدول الفقيرة وبعضها في الدول الغنية، وبعضها في دول متطورة تكنولوجياً وأخرى في دول نامية.

هناك نساء في دول فقيرة يقعن ضحايا للحروب والاستغلال والأجرة الرخيصة أحياناً. وبعض الحالات في بعض الدول الإسلامية من تعرض النساء للعنف، وتعرّض حياتهن للخطر على الظن والشك، لأسباب تلصق بالدين ولم ينزل الله بها من سلطان.

ولو أن التقرير ذكر بأن حالات العنف ضد المرأة ليست الأعلى في الدول الغربية الأوروبية، لكنه في الوقت نفسه أشار الى ارتفاع معدل العنف المنزلي ضد المرأة الأوروبية الغربية بمقدار 12 في المئة بالعقد الأخير، فلماذا ترتفع النسبة هناك رغم سيل الحريات المتسع؟

لماذا حالات العنف تزداد رغم أن العصر الآن هو عصر التكنولوجيا والتطور، ولماذا ترتفع الحالات في الدول الغربية نسبياً على الرغم من الاستقرار الأمني هناك ووجود حكم القانون؟

ليس الحل سهلاً، فمن طباع بعض البشر التوحش، لكن تكمن المشكلة الرئيسية بعدم القدرة على وضع حد للعنف ضد النساء والفتيات خصوصاً العنف المنزلي بسبب العلة في التشخيص لهذه المشكلة، فدائماً يتم تشخيص المشكلة بازدياد العنف ضد المرأة وربطه بحلول من نوع «تمكين المرأة» بالناحية الاقتصادية أو الإدارية أو غيره، أو محاولة إيجاد الحلول عبر رفع مستواها المادي، أو عبر إعطاء مزيد من التحرر في اللباس، وما أبعد من ذلك من صور التحرّر.

بعض من الحلول يتم طرحه بما يسمى بمصطلح «إزالة الفوارق بين الجنسين»، ويقصد بهذا المصطلح الفروق الإحصائية التي تتم الإشارة إليها غالباً باسم الفجوات بين النساء والرجال، والتي تعكس عدم مساواة في الكم. حتى بدأت الدول الغربية المتطورة بإزالة الفوارق حتى تحقق المساواة وأفرطت بذلك حتى تمادى سيل إزالة الفوارق ليطول الفوارق البيولوجية بين الرجل والمرأة ومحاولة ردمها، ووصلت إزالة الفوارق إلى حد غريب عندما تمت الدعوة إلى تسمية الشذوذ بالمثلية، للوصول إلى أعلى حد من إزالة الفوارق الكمية.

هذا النوع من التشخيص، وهذا النوع من الحلول لم يحل مشكلة ازدياد العنف ضد المرأة.

تقرير الأمم المتحدة يُشخّص المشكلة بمسائل مادية تتعلّق بالمرأة، وبمصطلح إزالة الفوارق بين الجنسين، وغيره من الحلول التي لم تجد نفعاً ولم تعالج جذر المشكلة.

في الوقت ذاته، هناك معاناة كبيرة ومتزايدة تعاني منها النساء والفتيات في العالم الغربي لم يولها التقرير اهتماماً، من حيث قساوة العالم المادي وفرط الحريات وفقر الجوانب الروحية والذي يؤدي إلى حالات عالية من المعاناة النفسية كالوحدة والاكتئاب وحالات الانتحار العالية هناك.

أرقام الأمم المتحدة حول العنف ضد المرأة مخيفة، وهي توضح أن قضية التعامل مع المرأة يقع ضمن إطاري التفريط والإفراط، فكثير من الحلول المطروحة حالياً تتماشى مع رغبات البعض لذلك هي غير فعّالة وقد تعطي نتائج عكسية، بينما حل مسألة العنف ضد المرأة يتطلّب تصوراً عميقاً وحلولاً جذرية، ولا يتطلب خطوات أيديولوجية وغير واقعية لا تحل أصل مشكلة العنف ضد المرأة بل قد تفاقمها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي