إطلالة

جزاء مجرم الحرب

تصغير
تكبير

إن مذكرة الاعتقال الموجهة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه السابق يواف غالانت، الصادرة من المحكمة الجنائية الدولية هي بمثابة جزاء لمن يتمادى بارتكابه جرائم حرب ويستحق العقاب.

فما حدث في قطاع غزة من جرائم قتل بشعة ضد الحقوق الإنسانية وقتله نحو 44 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال الأبرياء منذ 412 يوماً يستحق أوامر الاعتقال من المحكمة الدولية بلا شك.

المحكمة الدولية المستقلة التي تتخذ من لاهاي مقراً دائماً لها، أوضحت في بيان رسمي على أنها أصدرت مذكرتي الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت بعدما وجدت أسباباً مقنعة في ارتكابهما جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب منذ 8 أكتوبر العام الماضي 2023 وحتى 20 مايو العام الحالي 2024، فكان من بين هذه الجرائم استخدام سلاح التجويع كسلاح حرب والاستمرار في ممارسة القتل وسفك الدماء والاضطهاد من خلال استخدامهم أسلحة محظورة دولياً، ومنها تم رصده وتوثيقه لتكون أدلة دامغة مثل قنابل جدام الذكية والقنابل الفراغية وأسلحة دايم الفتاكة التي تترك آثاراً لا يمكن علاجها للمصابين، وكذلك استخدام الاحتلال لصواريخ وقنابل هالبر، والقنابل الغبية التي يبلغ وزنها حوالي 2 طن من المتفجرات التي تُلقى وتسبب دماراً هائلاً.

كما استخدام نتنياهو وغالانت الفسفور الأبيض واليورانيوم المنظم والقنابل العنقودية وأسلحة (جي بي يو) وبالتالي نرى أن كل هذه الأسلحة الفتاكة مصنفة حسب اتفاقية 1993 للأسلحة الكيميائية والأسلحة الأكثر إلحاحاً على أنها «محرمة دولياً»، ولكنها استخدمت ضد أبناء الشعب الفلسطيني في غزة، وكذلك في الضفة الغربية والقدس كخطوة للإبادة الجماعية، ومحكمة العدل الدولية على علم في ما يجري على الأراضي الفلسطينية، كما ظهرت مؤشرات عديدة على استخدام الاحتلال أنواعاً كثيرة من الأسلحة المحرمة دولياً والتي تحدث أضراراً بالغة في صفوف السكان من المدنيين والتي بات من غير المقبول دولياً استخدامها كسلاح في الحروب الحديثة مهما كانت شدة الحرب وضراوتها، ولكن نلاحظ أن توحش إسرائيل كان شيئاً مختلفاً أثناء عملياتها العسكرية في قطاع غزة بالذات وكأنها حرب جنونية!

ولعل العالم كله شهد عملية الرصاص المصبوب في حينها حيث رصدت ميدانياً العديد من الإصابات الدموية غير المعتادة مثل الجثث المتفحمة حرقاً والجثث الذائبة على نحو يشير إلى إصابتها بأسلحة غير تقليدية وممنوعة، وأطراف مقطوعة تاركة جروحاً بالغة تشبه الحروق تم استخدامها ضد المدنيين العزل في القطاع، وكذلك تركيز القوات الصهيونية على القنابل الفسفورية كأداة قذرة استخدمتها بكثافة في معاركها الأخيرة ضد الفلسطينيين، وهي أسلحة حارقة تحتوي على الفسفور الأبيض كحمولة أساسية حيث جرى صناعتها لتوليد حرارة شديدة تبلغ قرابة 1000 درجة مئوية!

كما يسبب الفسفور الأبيض حروقاً مؤلمة قد تصل من الدرجة الثانية إلى الدرجة الثالثة خصوصاً أنه يذوب بسهولة في الدهون السطحية، فيمتص مباشرة عبر جلد الإنسان، ومن ثم ينتشر في بقية الجسد حيث يلحق أضراراً خطيرة بالكلى والكبد والقلب حتى يؤدي إلى وفاة الإنسان.

وقد لوحظ أن الفسفور الأبيض يتفاعل بسرعة مع الأوكسجين الموجود في الهواء، فتظهر عملية الاحتراق بشدة قد ينتج عنها سحابة كثيفة من الدخان والجزيئات المشتعلة تحدث دماراً هائلاً على الأرض لترى أجساد البشر والحيوانات والنباتات والمركبات هي مواد قابلة للاحتراق والذوبان، بالإضافة إلى خصائصه الحارقة حيث ينتج الفسفور الأبيض دخاناً كثيفاً يحجب فيه الرؤية ويخنق البشر، فيتم استخدامه لأغراض تكتيكية عند الحروب، ناهيك عن الضحايا التي بدت أجسادهم تتبخر أو تذوب نتيجة القصف الإسرائيلي المستمر على المنازل السكنية والمساجد والمدارس والمستشفيات وأماكن الايواء وليس للمناطق التي يوجد بها قوات «حماس».

إذاً، وبسياق كل ما سبق من معلومات خطيرة تفيد بأن قوات الاحتلال تبحث عن ما هو محرّم دولياً والآثار الناتجة عن هذه الأسلحة المحرّمة دولياً لا تفرق بين ما هو عسكري أو مدني سواء كانوا رجالاً أو نساءً أو أطفالاً في غزة.

وبالرغم من أن حكم المحكمة الجنائية الدولية يمثل خطوة إنسانية حاسمة في مواجهة جرائم الإبادة الجماعية للاحتلال وان قرار اعتقال نتنياهو وغالانت إجراء مستحق ويمثل العدالة الدولية لتوافقه مع القانون الدولي، إلا أننا نجد أن هناك أوساطاً عبرية تحاول التهوين من اثر خطوة المحكمة والتي تهدد بعزل نتنياهو وحرمانه من التحرك الدولي، فيما عبّر رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، عن رفض تل أبيب باشمئزاز هذه الاتهامات باعتبارها اتهامات كاذبة، معتبراً بكل حماقة أن قرار المحكمة الدولية «معادٍ للسامية»!

ويبقى السؤال هنا: هل سينصاع نتنياهو وغالانت لأمر الاعتقال، أم أن الهروب من واقع الاحتلال هو الحل الأمثل؟!

ولكل حادث حديث،،،

alifairouz1961@outlook.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي