مشاهدات

الظاهرة السلبية

تصغير
تكبير

من الظواهر الغريبة التي انتشرت في مجتمعنا تداول إشاعات وفضائح وأسرار حياة الأفراد والمسؤولين والمشاهير، والتي هي أسرع في الانتقال من الأخبار الحقيقية المتعلقة بأعمالهم.

نجد جلياً في وسائل التواصل الاجتماعي تلك الظاهرة المستهجنة (تسريب الرسائل الخاصة - التسجيلات الصوتية - بالإضافة إلى التسجيلات المرئية -... ) من أفراد دون عِلم الطرف الآخر، سواءً كان ذلك الفعل عفوياً بحسن نية أو بقصد توجيه الاتهام للآخرين ونعتهم بكلمات جارحة وبذيئة أو لاستغلالهم في أمور خاصة.

والغريب بأن أخبار الفضائح والاتهامات التي قد تكون غير صحيحة تلقى رواجاً غريباً لدى الناس!

ومنهم من قد ينتابهم الفضول في بعض الأحيان للاطلاع على هذه الأخبار!

ما يجعلنا نتساءل:

لماذا يستمتع بعض الناس بتتبع الفضائح والإشاعات؟ أليس من الممكن أن تكون تلك الاتهامات عارية عن الصحة؟

هل ذلك جائز قانوناً وشرعاً؟

ألا يعتبر ذلك الفعل من الأعمال المشينة؟ أليس التجسس والنميمة من أقبح الأخلاقيات؟

أليست المجالس أمانات ولا يجوز إفشاء أسرارها؟ أليس التنصت على هواتف الناس ومكالماتهم جريمة؟

لماذا انتشرت تلك الظاهرة المقيتة بيننا؟

قال المولى عز وجل في محكم كتابه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾.

فمن ينتهج هذا النهج يهدف إلى تضليل العقول لتطويع الجماهير لأهدافه الخاصة، وما نخشاه هو تأثير ذلك على المراهقين الشباب والذين هم أبناؤنا والتعاطف مع هؤلاء المنحرفين!

وبالتالي يجرم القانون فعلهم؟

هل هذا السلوك مقبول أخلاقياً؟

من أضاف الشرعية لهذا السلوك المشين؟

مجلس الأمة:

هو السلطة التشريعية ويختص بالتشريع والرقابة على تنفيذ السلطة التنفيذية للقوانين!

للأسف في المجالس السابقة كان جلياً بعد أن أدى الأعضاء يمين القسَم على كتاب الله بأن يحترموا الدستور وقوانين الدولة، تحوّل المجلس إلى منبر للجدل العقيم، وافتعال الأزمات وكيل الاتهامات لغايات شخصية على حساب مصلحة الوطن؟

بل تحول أداة الاستجواب إلى عصا في يد النائب يلوّح بها للوزير من دون سبب مُقنع؟ وطغت الفزعة والاصطفاف من البعض نظير مصالح فئوية أو حزبية؟

وللأسف، بدأت التجاوزات تظهر علناً من نواب تجاهلوا واجبهم وقسَمهم باحترام قوانين الدولة، ومنذ بداية أول يوم عمل في المجلس شاهدنا هذه التجاوزات الغريبة، ومنها:

1/ الباركود وتصوير أوراق الاقتراع السري.

2/ ارتفاع الأصوات والصراخ الذي لا معنى له والذي يقوم به بعض الأعضاء.

3/ التعدي على الآخرين سواءً أكانوا من الوزراء أو من زملائهم أعضاء مجلس الأمة ، أو من مسؤولين في القطاع الحكومي.

4/ تصوير المستندات (القرارات) ونشرها بطريقة غير قانونية

5/ تسجيل الجلسات السرية ونشرها في وسائل التواصل الاجتماعي.

6/ محاولة فرض الرأي على الآخرين ومن لا يوافقهم الرأي فهو خائن.

7/ الطعن في ذمم الآخرين واستخدام مفردات سيئة وغير أخلاقية، وغيرها من التصرفات التي لا تليق بنائب يمثّل الشعب.

وهذا يحدث للأسف بسبب الفهم الخاطئ للحصانة - فالحصانة لا تعني الفوضى وانتهاك قوانين وبنود الدستور.

وهنا اختلفت الموازين بحيث بدأ عضو مجلس الأمة بالتعدي على كرامات الناس سواءً بالقول أو الفعل!

وتم ترويج ثقافة التمرد والتطاول بقبيح العبارات والدعوة إلى العنف والتشابك بالأيدي والعراك الجسدي مع من نختلف معه في الرأي!

وهنا نتساءل: هل برَّ (الأعضاء) بالقسَم العظيم؟

إذاً، ما الحل؟

الحل كما نرى:

1/ التوعية الإعلامية في التلفزيون والمدارس ووسائل التواصل خصوصاً لأبنائنا الطلبة لتبيان سوء استخدام تلك الأساليب الدخيلة على مجتمعنا.

2/ ملاحقة من ينتهج هذا النهج قانونياً وإحالتهم إلى القضاء.

3/ إذا كان (المتطاول) غير موجود في الوطن ويقيم في دولة أخرى، فيجب التواصل عن طريق وزارة الخارجية مع هذه الدول والتنسيق معها بالطرق الدبلوماسية لمنع هؤلاء من الاستمرار في نشر الإشاعات والمعلومات المغلوطة.

4/ اللجوء إلى القضاء ورفع قضايا دولية ضد من ينتهج هذا السلوك المقيت.

5/ التواصل مع مسؤولي التطبيقات (تويتر / واتس - إنستغرام ...) لإغلاق الحسابات المشبوهة التي تبث سموم الفتن.

فمن الظواهر المسيئة استخدام الحرية من دون آداب ولا قيود، فبالرغم من أن ديننا الحنيف يحرّم ويقيد هذه الأمور ولا يجعل الحرية مفتوحة على مصراعيها بلا حساب، لأن الشخص الذي ينتهج هذا المنهج معرّض للذنب.

ختاماً،

ندعو من ينتهج هذا النهج بالتخلي عن هذه الأخلاقيات المشينة التي حرّمها ديننا الإسلامي وسن عقوبات شديدة على من يرتكبها، وإن أراد أن ينتقد الآخرين فلينتقد حسب القواعد الشرعية وليكن انتقاده للمصلحة العامة وليس انتقاداً لأسباب شخصية أو كيدية للإساءة للآخرين، وإلا رجع انتقاده وعيبه للآخرين عليه، فكما أن للآخرين عيوباً، فهذا المنتقد بلا حساب له عيوب يستطيع الآخرون أن يعيبوها عليه:

لسانك لا تذكر به عورة امرئ

فكلك عورات وللناس ألسن

وعيناك إن أبدت إليك معايبا

فدعها وقل يا عين للناس أعين

وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى

ودافع ولكن بالتي هي أحسن

اللهم احفظ الكويت آمنة مطمئنة، والحمد لله رب العالمين.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي