لا يوجد على وجه الأرض مجتمع بلا أخطاء ولا حتى في مخيلة الفلاسفة – قبل الميلاد – وأفلاطون حينما دعا إلى المدينة الفاضلة! في كتابه ((الجمهورية)) بل حتى في المجتمع الأول (الأزهر) في عهد الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم، وقعت أخطاء – لأنهم بشر غير معصومين – فهناك من شرب الخمر ومن زنا ومن سرق ومن قتل، فأُقيمت عليهم الحدود وعاودوا من جديد إلى مجتمعهم وعاشوا معهم. وقال، صلى الله عليه وسلم، (ومن أصاب منكم شيئاً فعوقب به فهو كفارة له).
ولهذا، جاءت النصوص الشرعية تحث على الأُلفة والمحبة، وتنهى عن العداوة والبغضاء، لما في الاجتماع والائتلاف من الخير والتمكين، ولما في الشقاق والخلاف من الشر والفساد وتسلّط الأعداء.
جاء الإسلام الذي هو دين الدولة ليؤكد أن ائتلاف قلوب المسلمين مقصد من مقاصد الشريعة يقدم على بعض المندوبات، فمصلحة تأليف القلوب أعظم في الدين من بعض المستحبات.
ويقرّر فقهاء الشريعة والقانون أن اجتماع القلوب وتآلف الكلمة على ولاة الأمور من أعظم مقاصد الشرع، وقد سدّت الذريعة ما يناقضه بكل طريق حتى في تسوية الصف في الصلاة لئلا تختلف القلوب. فالاجتماع على الحق ونبذ الفرقة والاختلاف من مقاصد الدين العظيمة، ومن مقتضيات الأُخوة الإيمانية التي أمرَ الله بها ومدح المؤمنين في قوله تعالى: «إنّما المؤمنون إخوة» وفي الحديث: (...وكونوا عبادَ الله إخوانا)، ولا تتحقق الأُخوة مع التباغض والتباعد.
فحريُّ بمن يروم الإصلاح ومكافحة الفساد أن يدرك ان معيار نجاح الدول وتقدمها هو بمقدار تخطيها للعقبات بنجاح وتوظيفها لجهة التنمية والاستقرار.
ولك أن تسأل نفسك كم مرة واجهت عقبة وماطلت في حلها؟ بدلاً من مواجهتها؟ فالمماطلة رد فعل شائع عالمياً لمشكلة لا نريد مواجهتها والكثير من الناس غير قادرين على الاستمرار في تخطي العقبات التي تواجههم وممكن لأي شخص أن يستسلم، لأن الاستسلام أسهل شيء في هذا العالم المتصارع اليوم ولكن الحفاظ على التماسك يمثل القوة الحقيقية المستمدة بعون الله لك.
وختاماً نقول كما قال سبحانه «ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا»، وقال أيضاً «وليس عليكم جُناحٌ فيما أخطأتم به ولكن ما تعمّدت قلوبُكم وكان اللهُ غفوراً رحيماً» أي وإنما الإثم على مَن تعمّد الباطل ومن أعانه.