رؤية ورأي
الأبعاد القانونية للبصمة البيومترية
قبل يومين، نظّمت أكاديمية سعد العبدالله للعلوم الأمنية بالتعاون مع قطاع الأبحاث في جامعة الكويت ندوة بعنوان «الأبعاد القانونية للبصمة البيومترية على ضوء الاتفاقيّات الدولية لحقوق الإنسان والتشريعات المحلية»، حاضر فيها كوكبة من المتخصصين من جهات مختلفة معنية بموضوع الندوة.
تضمّنت الندوة خمس محاضرات، طُرحت فيها أمور فنية مثل ماهية البيانات البيومترية ومراحل تطورها وأنظمة حماية سرّيتها، كما عرضت في المحاضرات جوانب قانونية من قبيل انعكاس البيانات البيومترية على أعمال سلطة التحقيق، والتشريعات المحلية التي تُنظّم شؤون البيانات البيومترية.
الندوة كانت ثرية بالمعلومات القيّمة، التي تستحق إعادة النشر بغرض المشاركة في مساعي توعية المجتمع.
ومن بينها ما ذكره أستاذ القانون الجزائي في جامعة الكويت الدكتور محمد التميمي، ضمن محاضرته حول البيانات البيومترية في القوانين الكويتية، حيث قال إنه بالرغم من عدم ورود نص صريح في الدستور على الحق بالخصوصية، إلا أن حكم محكمة التمييز رقم 3 لسنة 1982 بالاستناد إلى نص المادة 30 من الدستور «الحرية الشخصية مكفولة» أكّد على أن حق الفرد في حريته الشخصية يقتضي صون كرامته والحفاظ على معطيات حياته، وعدم انتهاك أسراره.
وأضاف التميمي، أنه رغم عدم وجود قانون محلي خاص بالبيانات البيومترية، إلا أن البيانات البيومترية في الكويت تستظل بمظلّة الحماية الجزائية لقانون 20 لسنة 2014 في شأن المعاملات الإلكترونية وقانون 63 لسنة 2015 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات.
بالرغم من الجهود المضنية من قِبل منظّمي الندوة والمحاضرين، إلا أن الندوة لم تعطِ الجرعة الكافية من الاطمئنان بشأن البيانات البيومترية. بل انّ بعض المعلومات التي طرحت في الندوة أثارت شيئاً من القلق، كمعلومة أن البصمة الجينية تُعتبر عالميّاً أحد أنواع البيانات البيومترية.
لذلك، بعد تقديم الشكر والامتنان للمنظّمين والمحاضرين، أدعو إلى تنظيم ندوة ثانية مكمّلة للأولى يُشارك فيها ممثل عن الديوان الوطني لحقوق الإنسان لإلقاء محاضرة بشأن المخاوف الواردة في تقارير المنظمات الحقوقية الدولية حول البيانات البيومترية، ويشارك معه ممثل عن الجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات للحديث من المنظور التقني حول ضمان نزاهة وخصوصية وحماية قواعد البيانات، ويشارك معهما محاضر أكاديمي لاستعراض المشاريع التقنية والقانونية الجارية والمنظورة في الاتحاد الأوروبي أو المملكة المتحدة ذات العلاقة بالبيانات البيومترية.
نحن بحاجة إلى ندوة مكمّلة متوافقة مع قرار مجلس الأمن – التابع للأمم المتحدة – رقم 2396 الذي طلب من الدول تطوير وتنفيذ أنظمة لجمع البيانات البيومترية بما يتوافق مع القوانين المحلية والدولية، شاملاً «قانون حقوق الإنسان».
نحن بحاجة إلى ندوة مكمّلة تتداول بشفافية وحرفية التحذيرات الصادرة من منظّمات حقوق الإنسان الدولية بشأن البيانات البيومترية، كالتحذير الذي جاء في التقرير السنوي الأخير الصادر من منظمة العفو الدولية حول أوضاع حقوق الإنسان في العالم، الذي نبّه إلى تنامي هيمنة شركات التكنولوجيا العملاقة وتزايد قدرتها على انتهاك حقوق الإنسان، وذلك بسبب استمرار وتفاقم العجز والتأخر في تشريع القوانين وإصدار اللوائح المُنظِّمة المُواكبة للطفرات المتتالية في عالم المعلومات والاتصالات...
اللهمّ أرنا الحقّ حقاً وارزقنا اتباعه.
abdnakhi@yahoo.com
