كلمة صدق

صمت الحملان

تصغير
تكبير

«صمت الحملان» يعتبر أحد أعظم أفلام الرعب النفسي الأميركية في القرن العشرين. تقوم في هذا الفيلم متدربة شابة بمكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي بالتقرب من الداهية هكتر هانيبال، الطبيب النفساني السابق الذي تحول إلى قاتل لكن بلسان فيلسوف.

تستعين المتدربة الشابة بالدكتور هانيبال، لفك طلاسم ورموز عمليات خطف وحجز وقتل يقوم بها المجرم المتسلسل البشع بافلو بيل، الذي يستدرج ضحاياه من الشابات بصمت نحو الحجز والتعذيب والقتل، يقود بافلو ضحاياه بصمت كقطيع من الحملان نحو مصيرهم المحتوم.

ما أثار الجمهور أكثر ليس الفيلم فقط بل اسم الفيلم، الذي تم استقاؤه بقصته من رواية «صمت الحملان» للأميركي توماس هاريس، الذي استفاد في معرفة الكثير من علم الجريمة خلال عمله السابق كمحقق صحافي للجرائم لدى وكالة أنباء اسوشيتدبرس الأميركية.

ما سبق كان في عالم الروايات والسينما، في عالم الواقع يشهد العالم في كل ناحية منه صراعات شرسة ونذر بانفجارات كبيرة مقبلة، وسط عجز يقترب من الشلل لأهم منظمة وهي منظمة الأمم المتحدة، فهي تقف صامتة وعاجزة أمام صراعات قد تدمر الحجر وحياة البشر.

الأمم المتحدة التي تم إنشاؤها بعد الحرب العالمية الثانية، بعد فشل سلفها عصبة الأمم في كبح جماح هذه الحرب،

ها هي الخلف عاجزة كالسلف في منع الصراعات حول العالم، وأخطرها وأشرسها في الوقت الحالي الحرب في أوكرانيا والحرب في الشرق الأوسط. حتى منظمة من منظمات الأمم المتحدة كمنظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) لم تسلم من التمادي في العدوان.

سيطرة الأمم القوية على مجلس الأمن في الأمم المتحدة، وتأثيرها على الأجهزة والتنظيمات التابعة لها وانعكاس ثقل الدول القوية والغنية على المنظمة الدولية شكّل عائقاً أكبر وحاجزاً إضافياً لأي أمل في قدرة أممية لكبح جموح القوى المتمادية.

الآن هناك صراع بين روسيا وأوكرانيا يكاد أن يدخل مرحلة أخطر بعد ما تم نشره في صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية العريقة عن مسؤول أميركي لم ينشر اسمه، قال إن إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، أعطت كييف الضوء الأخضر لاستخدام الصواريخ الأميركية بعيدة المدى في ضرب العمق الروسي، وهذا خبر لم تنفه إدارة بايدن للساعة. القرار المزعوم اعتبرته موسكو تصعيداً خطيراً في الصراع، وعلق عليه الرئيس الأوكراني زيلينسكي في تحدٍ لروسيا قائلاً إن «الصواريخ ستتحدث عن نفسها».

في المنطقة العربية تواصل إسرائيل الغاصبة لفلسطين جرائمها، ويصل مسلسل التمادي فيها إلى أن يوجه الحاخام الصهيوني دانيال سجرون، الدعوة للقيام بحملة عالمية لحشد الرأي العام لمرحلة جديدة في الصراع وتتويجه بإقامة «الهيكل الثالث» على أنقاض المسجد الأقصى المبارك. ويقول إن الحرب على غزة هي حرب دينية وإن كل بيت فلسطيني تعلّق فيه صورة للمسجد الأقصى.

الصين تواجه أميركا في مد شبكات للتجارة في البراري والبحار، وتبني قدراتها العسكرية لتتحدى الغرب في المضائق بشرق وجنوب آسيا وفي بحر الصين وتايوان ومضيقها بالخصوص. وكوريا الشمالية تقف بعناد وقوة رئيسها وترسانتها من السلاح بجانب الشقيق الصيني الحليف القديم والحليف الروسي الجديد.

روسيا تتقدم بالقوة في أوكرانيا لتواجه زحف الناتو نحو الشرق، وأوكرانيا بإدارتها الغربية الهوى تتسلح بأعتى الأسلحة الغربية لتواجه الدب الروسي ولو أدى ذلك لاشعال حرب عالمية ثالثة.

تبقى المنطقة العربية تقوم فيها دولة الاحتلال الإسرائيلي التي يقودها قتلة متسلسلون بشعون ببشاعة أكثر من القاتل السينمائي المتسلسل بافلو بيل، تقوم إسرائيل في مسرح الحياة الحقيقي بأبشع عمل رعب نفسي حقيقي وهي تحجز وتقتل ضحاياها، وتستهدف شعوب المنطقة العربية كلها بمصير مؤلم وسط صمت، لكن أي صمت!

هو صمت أكثر ريبة وغرابة وخداجة من صمت الحملان.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي