أدباء ومثقفون قدّموا لـ «الراي» تصوّراً شاملاً لإنجاح الاحتفالية
«الكويت عاصمة للثقافة العربية 2025»... آمالٌ معلّقة على منارة الخليج
تستعد الكويت لاستضافة حدثين مهمين خلال العام المقبل، الأول هو اختيار دولة الكويت عاصمة للثقافة العربية لعام 2025، وذلك من قبل المنظمة العربية للتربية والثقافة والفنون «ألكسو». كما ستكون الكويت عاصمة للإعلام العربي 2025، وذلك بعد موافقة المجلس التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب.
وللمناسبة، استطلعت «الراي» آراء عدد من الأدباء والمثقفين ممن سيكون الرهان عليهم كبيراً لإنجاح هاتين الاحتفاليتين، ليضعوا النقاط على مناطق القوة والضعف في الجسد الثقافي الكويتي، إذ قدموا تصوراً شاملاً لإنجاح هذه الاحتفالية الوطنية، لتعود «درة الخليج» منارة متفردة كما كانت.
طالب الرفاعي: الكويت كانت على الدوام رافداً مهماً للثقافة العربية
اعتبر الأديب الكويتي القدير طالب الرفاعي، الذي اختارته أخيراً «المؤسسة العربية للدراسات والنشر» لينضم إلى قائمة شخصيات العام الثقافية، أن «العالم بأسره يُسلّط الأنظار تجاه منطقتنا العربية، وذلك بسبب اشتعال الحروب الوحشية الدائرة فيها، ومع مناظر التفجير والقتل والدم اليومي، تضاعفت مسؤولية الجهات الفكرية والثقافية والفنية، سواء كانت حكومية أو أهلية، مثلما تضاعفت المسؤولية على المفكر والكاتب والفنان لتقديم مشهد ورؤى فكرية وثقافية وفنية إنسانية النزعة تقاوم هذا التوحّش والقبح، وتقدم مخرجاً لهذا المشهد المتأجج، وتساعد الناس على حفظ توازنهم النفسي ومحاولة تجاوز هذه الفترة المحزنة».
ورأى أن «اختيار الكويت عاصمة للثقافة العربية للعام 2025، وكذلك عاصمة للإعلام العربي في العام نفسه، يضعها تحت الأنظار لتقديم الجديد والمتجدد، فكرياً وثقافياً وفنياً، وبشكلٍ يليق بسمعة الكويت وتراثها الفكري والفني، وبما يتماشى مع حضورها العربي الكبير، منذ صدور مجلة (العربي) عام 1958، ومنذ اشتغال الكويت وأخذها لزمام الأمر في (الخطة الشاملة للثقافة العربية)، واستمراراً في عطاءات المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب المتمثلة في إصداراته: (عالم المعرفة)، و(عالم الفكر)، و(إبداعات عالمية)، و(الثقافة العالمية)».
وأضاف «أعلم أن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، عمل ويعمل بهمة عالية، لتقديم العديد من الفعاليات الفكرية والثقافية والفنية، وعلى امتداد العام، وأنه سعى إلى التعاون مع العديد من المؤسسات الرسمية والأهلية لإخراج هذه المناسبة بما تستحق ووجه الكويت الحضاري، وكذلك وزارة الإعلام تستعد لتقديم أنشطة إعلامية وثقافية وفنية محلية وعربية وعالمية تماشياً مع احتفالاتها بأن تكون الكويت عاصمة للإعلام العربي، وأن ذلك يسير بهمة عالية وفي جميع قطاعات الإعلام، وبمتابعة واهتمام شخصي من وزير الإعلام وزير الثقافة وزير الدولة لشؤون الشباب عبدالرحمن المطيري، والذي بشّر الساحة الكويتية بجائزة الإعلام الكبرى، لتقدير كل الجهود المتميّزة التي يُقدّمها الإعلاميون الكويتيون في مختلف مناحي الإعلام».
وأردف «الطموح كبير بأن يكون للكتّاب حضور لافت في الاحتفالية، وأن يكون للكاتب الكويتي والعربي والعالمي مكان مرموق يليق بالاحتفالية، إضافة إلى الاهتمام بالفعاليات المسرحية والغنائية الجادة والأصيلة، وإشراك مختلف فئات المجتمع الكويتي، بما في ذلك فئة الطفولة والناشئة والشباب، فهم رهان المجتمع المستقبلي الأهم والأجمل».
وأشار الرفاعي إلى أنه «سبق للكويت أن تمَّ اختيارها عاصمة للثقافة العربية في العام 2011، ولقد تشرّفت حينها بالعمل ضمن فريق المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وكنت وراء فكرة إصدار (جريدة الفنون)، التي لاقت قبولاً كبيراً في الوطن العربي. لذا، أتمنى على الإخوة في المجلس الوطني وفي وزارة الإعلام تدشين مشاريع فكرية وثقافية وفنية جديدة في هذه المناسبة، لتأخذ حضورها واستمرارها في السنوات المقبلة. كما أتمنى أن تقدّم الكويت فعاليات ثقافية وفنية تكون لافتة في محيطها الخليجي والعربي».
ثريا البقصمي: إنشاء متحف حقيقي للفنون... وإنجاز ترميم القاعات
رأت الفنانة التشكيلية القديرة ثريا البقصمي أن «اختيار الكويت كعاصمة للثقافة العربية شيء مُفرح ويدعو للفخر، وأنا لديّ أكثر من تصوّر لناحية الفن التشكيلي الذي يتعلّق بي، أولاها أن تكون هناك مجموعة من المعارض والفعاليات التشكيلية التي تواكب هذه الفعالية، لتكون حدثاً مهماً ونوعياً، ولإظهار صداها بـ (رنين) جميل».
واستدركت «لكن أمامنا مشكلة واحدة، وأتمنى حلّها قبل انطلاق الفاعلية، وهي أن صالات العرض الرئيسية التابعة للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، مثل قاعات (العدواني) و(الضاحية) و(الفنون) و(معجب الدوسري)، لاتزال قيد الترميم، ونأمل بإنجازها في أقرب فرصة حتى تكون متاحة أمام الزوّار في هذه الاحتفالية، كما نتمنى إنشاء متحف حقيقي للفنون، ومختلف عن المتحف - المتواضع - الموجود حالياً، إذ إننا نفتقر لهذا الشيء مع الأسف».
وأضافت «كذلك، يُفترض طباعة وإصدار الكتب التي تستحق أن تُهدى إلى ضيوف الكويت، بالإضافة إلى إقامة الأمسيات لشعراء مميزين، ودعوة الفنانين المبدعين من الخارج»، مردفة «أعتقد أن احتفالية مهمة كهذه، تستوجب تخصيص ميزانية تتناسب معها، لأنه من دون المادة يصعب تحقيق أمور كثيرة، وأهمها المعارض الفنية النوعية، ولذلك على الدولة أن تقدم الميزانية المناسبة لإنجاح هذا الحدث الوطني، أسوة بالميزانية التي تقدمها للأنشطة الرياضية، وغيرها».
واعتبرت أن «الكويت كانت في السبعينات، مروراً بالثمانينات والتسعينات منارة ثقافية متفردة في المنطقة، ولكن اليوم ازدادت المنارات الفنية والثقافية في الدول المجاورة وأصبحت متميزة جداً، وأتمنى أن نحذو حذوهم».
هيثم بودي: إنشاء منصات ثقافية بإدارة حكومية
أعرب الكاتب الروائي هيثم بودي عن سعادته الغامرة باختيار الكويت كعاصمة للثقافة العربية، وأضاف «أتطلع إلى الاستفادة من ثورة الإنترنت بإنشاء منصات ثقافية تديرها المؤسسات الحكومية، مشابهة لمنصات المسلسلات والأفلام. منصات ثقافية يتم فيها تسويق المنتج الأدبي والثقافي وبيعه للجماهير، كمنصات لبيع لوحات الفنانين التشكيليين وتوصيلها، ومنصات تقييم دورات تدريبية للمشروعات الثقافية أو على الأقل ترصد وترشد الجماهير وتتواصل معهم لإثراء المشهد الثقافي».
وأوضح «في المنصة، يستطيع مصور الفوتوغراف بيع نتاجه، وأيضاً الحرفيون والأدباء من دون الحاجة إلى انتظار مواعيد معارض الكتاب، منصة تجد فيها كل النتاج الأدبي والثقافي والفني يسهل شراءه و بيعه، حيث إن الأديب والفنان غير متفرغ وليست له القدرة على تسويق أعماله. وسيستفيد الجميع من ذلك بالطبع وستدور عجلة الثقافة بشكل أسرع ودائم ومنظم».
نادية الشراح: التشجيع والرعاية لجهود الكتّاب
قالت الكاتبة نادية الشراح إن «التطلعات بأن ترعى الجهات الحكومية جهود الثقافة بكل أنماطها، وأن تدعم جهود الكتّاب الذين يساهمون بتوثيق تاريخ بلدهم الكويت الحبيبة، لناحية الحصول على الدعم، وأقصد بالدعم أن يتم التوجيه إلى المؤسسات المعنية بالتوثيق بتقديم التشجيع والرعاية لجهود الكتّاب بحيث تكون الجهود في التوثيق جهودا مؤسسية وليست جهوداً فردية».
بدر محارب: إشهار الفرقة الوطنية للمسرح
أشار الكاتب المسرحي بدر محارب إلى أن «اختيار الكويت عاصمة للثقافة العربية للمرة الثانية، يشكّل مصدر فخر واعتزاز لنا جميعاً، ونتمنى بهذه المناسبة أن يتم تكريم المبدعين، لما قدموه للثقافة بمفهومها العام، في مجالات التراث الشعبي والغناء والأدب والفنون والمسرح، والدراسات حول اللهجة وغيرها. فالثقافة أكبر من مجرد أدب وفن فقط».
وأضاف «أيضاً، نأمل بأن تكون بداية الفاعلية مع بداية العام الجديد إلى نهايته في شهر ديسمبر 2025، على أن يتم اختيار الأنشطة بعناية بالغة، وتكون متنوعة بين الأدبية والفنية والمسرحية والشعرية، لتكشف عن الوجه الثقافي والحضاري لدولة الكويت الحبيبة، كما أرجو الاهتمام بالمسرح على وجه الخصوص بشكلٍ أكبر باعتباره (أبو الفنون)، بالإضافة إلى مشاركة جهات ذات صلة، على غرار رابطة الأدباء الكويتيين ومكتبة البابطين، لإنجاح هذه الفعالية وحتى تكون شاملة وغزيزة بالفائدة. وهذا ما أتمناه وأتوقعه من وزير الإعلام والثقافة رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب عبدالرحمن المطيري لتحقيق النجاح».
وأردف «كذلك، تعد هذه الفعالية فرصة مناسبة لإشهار الفرقة الوطنية للمسرح تحت رعاية المجلس الوطني للثقافة، لتقدم أول أعمالها برعاية حكومية لتكون هي الفرقة الوطنية للدولة».
أفراح الهندال: تخصيص «دعوم مالية» أكبر للمؤسسات الثقافية الأهلية
اعتبرت الكاتبة وسكرتير التحرير في مجلة «البيان» الكويتية أفراح الهندال أن اختيار الكويت لتكون عاصمة الثقافة العربية للعام 2025 هو تجديد استعاديّ لدور الكويت الكبير الذي عرفت به منذ بدايات نشأتها، فهي رائدة العمل الثقافي على مستوى الوطن العربي بدورها التنويري ودورياتها المعروفة، ومبادراتها الكثيرة.
وتابعت «ما نأمله اليوم هو الحفاظ على هذا البريق بتطوير مخرجات مشهدها الثقافي الذي تميّزت به، وسط فسحة الحريات التي كفلها الدستور وتحقّقت بفضل الحرص على وجود خطط تنموية شاملة نتمنى أن تتأصّل بإنشاء (وزارة مستقلة للثقافة) بميزانية ثابتة تعزز أداء العمل الثقافي لتنظّم وتدعم حرية الرأي والبحث العلمي وإلغاء الرقابة على المستوى الإبداعي في أنشطة وفعاليات الجامعات والمؤسسات الثقافية ومنشورات الكتّاب، وحفظ الحقوق المادية والمعنوية لهم، وبتخصيص (دعوم مالية) أكبر للمؤسسات الأهلية التي تقوم بدور ثقافي كرابطة الأدباء التي مازالت تحتاج ما يدعم أنشطتها ويساعد في نشر إصداراتها».
ومضت تقول: «كما نطمح إلى إعادة نظام (إجازة التفرّغ العلمي) للكتّاب والباحثين وإفساح المزيد من الإمكانات للإنتاج الإبداعي، وتوفير الدعم المادي للمكتبات والمراكز الثقافية لتقوم بدور أكبر على مستوى المجتمع، باعتبارها مؤسسات في نظام معرفي شامل لا مجرد أنشطة تجارية».
وتابعت «حسناً فعلت وزارة التربية بإعادة (حصص القراءة في المكتبة)، لكن ما نطمح إليه هو اعتبارها جزءاً أساسياً في المنظومة التعليمية بحوافز تنافسية مستدامة تدعم العطاء والإبداع، بإفساح حرية الاطلاع بحسب ميول النشء، وزيارة المكتبات الخارجية كالمكتبات العامة والمكتبة الوطنية والمدارس التراثية القديمة، وتعزيز أنشطة المسابقات الكبيرة على مستوى الدولة، في مجالات البحث والقراءة والتعبير والإثراء اللغوي وتحسين الخط وإعادة المسرح المدرسي، وتطوير استخدام التقنيات الحديثة».
وختمت الهندال «مما نأمله أن نرى يوماً في بلدنا مدينة متكاملة تؤسس لإقامة الفعاليات والأنشطة في مكان واحد وبمواسم متفرقة تتجاوز فكرة البناء وتتجه للمساحات المفتوحة والشوارع والشواطئ، مدينة مخصصة لتضم مشاركات المراكز الثقافية والمكتبات والمراسم والمتاحف وإبداعات الموهوبين بفعاليات حيّة في كل ركن فيها، فهنا أمسية شعرية وهناك عرض مسرحي وعلى امتداد شوارعها يستكمل الرسّامون لوحاتهم على الجداريات واللوحات المعلقة والمنحوتات.. بينما نرى الكتب في الأنحاء كلها، وهي ما تحقق الهدف التنموي لنشر الثقافة في المجتمع وتطوير السياحة».
الجازي السنافي: جذب السياح بغرض التعرف على ثقافتنا الأصيلة
اعتبرت الإعلامية الجازي السنافي أن «هذا (العرس الثقافي) المتمثل باختيار الكويت عاصمة للثقافة العربية، ما هو إلا تتويج لمسيرة الكويت الثقافية الغنيّة منذ نشأتها وتأسيسها، وهو حدث استثنائي على كل المقاييس، حيث لا يقتصر فقط على المؤسسات الثقافية والإعلامية أو الوزارية، بل يشمل كذلك جميع أطياف المجتمع ونخص المثقفين والأُدباء والكُتّاب والإعلاميين الذين تركوا بصمات واضحة على خارطة الثقافة العربية».
وأشارت إلى أنها «فرصة ذهبية نتطلع من خلالها إلى إنعاش الحياة الثقافية وإبراز أهميتها وتعزيز روح العمل الجماعي المؤسسي، وأهم تطلعاتنا هو التركيز على دعم (السياحة الثقافية) وهي النواة الرئيسية لتحويل الثقافة من عملية إلى منتج، وجذب السيّاح الثقافيين إلى البلاد بغرض التعرف على ثقافتنا العربية الأصيلة بكامل تفرعاتها من فنونها وآثارها وتاريخها والتعرف على هويتنا المحلية الفريدة لخلق تجربة ثقافية سياحية استثنائية لا تنسى».
وتمنت «أن يكون العام المقبل - الكويت عاصمة للثقافة العربية - مشروعاً ثقافياً متكاملاً لا يقتصر على سنة واحدة فقط، بل يكون مشروعاً يعكس الوجه الحضاري للكويت ولرؤيتها المستقبلية 2035»، لافتة إلى أن «الكويت رائدة فنياً وثقافياً ونتطلع لأن يكون هذا (العرس الثقافي) بداية انطلاقة الكويت بحلتها الجديدة».