قيم ومبادئ

الصوم عن الأخبار!

تصغير
تكبير

نحتاج إلى محطة (الانفصال الموقت) والعزلة عن الأخبار العالمية لجهة سباق بعض الفضائيات المحموم في إخراج الأخبار بطريقة (الأكشن) والجري وراء الأنباء عن الكوارث والحروب والصراعات ونشر صور المآسي وأشلاء الضحايا وجثث الأطفال ويتولى إذاعتها للأسف من جلست ساعات مع (الكوافير) لتخرج بكامل زينتها ولا أدري هل يتلاءم هذا مع سياق الخبر والذوق العام ومشاعر المسلمين؟

والحال لا يبتعد كثيراً عن الأخبار المحلية لكثرة وسرعة ما ينتشر الخبر مع مقاطع الصور حتى يوصل (ترند) ثم يأتي ما ينفي الخبر!

ولعل هذا بات يُغذي بصورة أو بأخرى في المُشاهد العربي والكويتي المشاعر السلبية وتالياً اليأس من الواقع والهروب لملء الفراغ ... خصوصاً للجيل الناشئ من الشباب، فهذه المرحلة لا عديل لها، حيث الذاكرة العلمية في أسعد لحظات فتوتها... ولكن للأسف جمهور الشباب اليوم تجده معصوب العينين عن النظر إلى الموعد القريب لانتهاء مرحلة الشباب وما زال ينفق ساعاته النفيسة في الفضول أو التفرج ومتابعة المشاهير! أكثر ما يتابع في قاعات الدرس والمكتبات والمختبرات؟

وما أقرب أن يتفاجأ كأن شيئاً في كمّه سقط فضاعت عنده (الغيرة على الزمن) والغيرة على الوقت، فأين الشاب الذي يغار على أوقاته أن يذهب منها وقت في غير رضا محبوبه...؟ والزمن إذا نظرت له (كأنفاس) فإن هذا النظر يثمر للمرء كمال اليقظة حتى لا يضيع نَفَسٌ في غير ذُخرٍ، فإنّ كلّ نَفَسٍ من أنفاس العُمر جوهرة نفيسة لا عِوض لها، والمرء أمام هذه الجواهر في سباق ورهان على أن يسجل في كل نَفَسٍ ذُخراً يلقاه غداً بين يدي ربه، وها أنت أيها القارئ اللبيب تشعر بتسارع انسكاب العمر والعمر أنفاس تسير (لا بل تطير) وكل نَفَس يذهب لن يعود وأنه ذهب مع ما سُجّل فيه من العمل فاحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز.

والإمساك عن متابعة الأخبار لغرض صحيح موقت فعله طائفة من العلماء خصوصاً في أوقات الفتن العامة التي يختلط فيها الحق بالباطل ويصعب التمييز!

فهذا التابعي الجليل المطرف بن عبدالله، قال: (لبثت في فتنة ابن الزبير تسعاً ما اخبرت فيها بخبر ولا استخبرت فيها عن خبر)، وقال شُريح القاضي (ما اخبرت ولا استخبرت مذ كانت الفتنة)، ومعلوم أن الفتنة استمرت 12 عاماً، سنة 64 هجرية تقريباً.

وفي المثل الدارج (ابعد عن الشر وقنّى له)، أي اجعل بينك وبينه قناة لا يصل إليك. نعم إنه الدوران في تروس كواليس الأخبار لا يزال يتتبعها المرء فتزيحه شيئاً فشيئاً عن العلم والطاعة وزيادة الإيمان وينتهي بصاحبه إلى الثرثرة وشح العمل مع ما يُزينه الشيطان له من الوعي المزيف، ويتوهم أنه في كبد مشروعات الإصلاح وما هو إلا واضع ذقنه على كفه فوق أريكة الجمهور من المتابعين والجماهير فقط! وكل يوم يمر علينا بالكويت دون إنجاز فهو خسارة للجميع ولو أننا ننجز بقدر ما نتكلّم لسبقنا العالم!

والمثل يقول (يصوم ويفطر على بصلة)!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي