الرأي اليوم
تكفينا هذه الصورة
... وهل هنالك أغلى من الدم عنواناً للتضحية والفداء؟ هنا يكمن الفارق بين المتضامن والمتعاطف والمؤيد، وجميعهم في القلب، وبين المقاتل جنباً إلى جنبٍ معك؛ لاستعادة حقك وأرضك وسيادتك.
لا يمكن للكويتيين نسيان ملحمة الفداء بالدم، التي سطرها جنود الدول الخليجية الشقيقة، وكان لهم الفضل في السباق، والفضيلة في الدعم.
رئيس دولة الإمارات الزائر اليوم لبلده، الشيخ محمد بن زايد، صُورته باللباس العسكري، عابراً حدود النار مع جنود كتيبته، خلال حرب تحرير الكويت، محفورةٌ في وجدان كل كويتي، وفي تراب الكويت وأسوارها التي اكتملت بسواعد الأشقّاء من دول مجلس التعاون الخليجي.
تكفينا هذه الصورة؛ لنكلّل تاريخ العلاقات مع الإمارات وقادتها بالعزّ والفخر. هو ابن الحكيم، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، الذي سبق عصره، ومهّد لإعجاز التّحدي البشري مع الرمال والصحاري، مؤسّساً دولة عصرية، وحّد أركانها بقوّة الروابط الأخوية، والمصالح الاقتصادية والتعاون الإنمائي، لا بقوة السيف أو زحف القوي على الضعيف. في رؤية الراحل الكبير الشيخ زايد، الجميع أقوياء عندما تكون الدولة قوية، والجميع ضعفاء عندما تتراجع الدولة وتضعُف. معادلةٌ واضحة خارقة للأعراف، جعلت كل إمارة تتسابق لبناء نهضة... تجمّعت في «الإمارات».
محمد بن زايد، ليس زائراً في الكويت، أو ضيفاً مميزاً على صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد. هو كويتي في بلده. الرجل الذي ورث الحكمة من والده الراحل، وكان امتداداً للرؤية الوحدوية والتنموية. لعب دوراً تأسيسياً في نهضة أبو ظبي الجديدة، عندما تولى ولاية العهد خلال حكم الراحل الشيخ خليفة بن زايد، واستكمل هذا الدور بشكل طبيعي، حاكماً ورئيساً لدولة الإمارات.
مساران أساسيان لازَما الشيخ محمد بن زايد منذ بداية عهده: التقارب مع الجميع، وفق سياسة تصفير المشاكل، والدّفع بكل قوة لإنجاز مشاريع التنمية، خصوصاً تلك المرتبطة بالإبحار في مدار مستقبلٍ مرتكزٍ على الحداثة والتّطور. ولا عجب أن نرى الإمارات سبّاقة -حتى عالمياً- في جذب واستقطاب وتصنيع كل ما هو حديث ومتطوّر، كما لا عجب في رؤية الإمارات موطن الوساطات وتسوية النزاعات بالطرق السلمية.
الإمارات التي تجمع بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر، هي نفسها الإمارات التي تقتحم بشبابها وروادها الفضاء وكواكبه. الإمارات التي تُصدِر قراراً بمعاملة الخليجي لديها نفس معاملة الإماراتي في العمل والاقتصاد والاستثمار، هي نفسها التي تعقد عشرات الاتفاقات مع كبرى الشركات الأميركية؛ لتوطين الذكاء الاصطناعي عندها مع منظومة التطور التقني. الإمارات التي تتذكر دائماً تاريخ التعاون مع أشقائها، وتتحدث عن دور الكويت في دعم التعليم والاستشفاء وقطاع الإعلام لديها، هي نفسها التي استقطبت مايو كلينك لديها وجامعة السوربون ومتحف اللوفر وغيرها من علامات النجاح الدولية، وفي مختلف الاختصاصات والقطاعات.
لسنا هنا في معرِض تعداد ما فعلته الإمارات وتخطّط لفعله، إنما زيارة الضيف الكبير تُعيد تلقائياً استحضار الكثير، خصوصاً العلاقة التاريخية مع الكويت، التي يحرص صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد على تعميقها وتمتينها واستكمال ما بدأه الأولون.
أهلاً وسهلاً بضيف الكويت في بلده، وبين أهله وإخوانه... والخيرُ كل الخيرِ في هذا اللقاء.