مسؤول يتحدث عن تعرضه للظلم فيما مضى، وما أكثر أعداء النجاح، لا بأس من سماع قصص كفاح في المجتمع، بعد هذا الظلم جاءه العوض من الله، وانتقم من الأعداء شر انتقام. إن الإنسان عندما يتحدث عن ظلم وقع به، فهو بذلك يطمئننا أننا سنتحسن لو كنا مظلومون، وبأن قصته مثال يمكن للمجتمع والعالم أن يتحدثوا عنها، وما يجعل الموضوع أكثر دراماتيكية هو عندما نشعر بالشفقة والعطف أثناء سرده.
سمعنا تلك القصة، ولكننا بشر والحياة تجارب ودروس وعِبر، لا تمر علينا هذه القصص مرور الكرام، فإننا نتابع (أفعال) هذا الشخص، نتابع حالته النفسية، وكيف يتصرف في العمل، ومع زملائه؟ أكثر الذين يتعرضون للظلم لا يعلمون أنهم قد تصبغوا بصبغة من ظلمهم، وأصبحوا مثله تماماً في التعامل مع البشر ومعاملتهم بظلم وإجحاف، بل ويعتقدون أنهم أكثر الناس عدلاً على الإطلاق.
قصص القتل المتسلسل، يقوم المحققون والصحافيون في البحث عن ماضي المجرم، فإما تعرض لاعتداء جنسي وحشي، أو كان أبواه أو أحدهما يعنّفه، أو حبيبة هجرته فأعلن الانتقام من جميع النساء، لماذا لا يكتف القاتل بـ«مواجهة» من كان سبب معاناته؟ لماذا يحرص على قتل من لا علاقة له به؟ فيتيتم الأطفال، وتفقد الأسر من يعولها، وأبوان يعانيان من فقد ابنهما الوحيد، والذي قُتل من شخص معتوه، يحمل في طيات قلبه صوراً من الماضي، وآثر الانتقام من المجتمع بدلاً ممن ظلمه، بل ويسرد في المحكمة سبب القتل بأنه ضحية لظالم، هل يخاف القاتل من مواجهة ظالمه؟
أريد إسقاط هذا المثال على ذلك المسؤول في بداية المقال، لماذا لا يواجه المسؤول من ظلمه؟ بدلاً من أن يورَث هذا العنف والظلم ضد أناس لا علاقة لهم بالأمر.
يجب على كل شخص عانى من الظلم سابقاً أن يتوجه مباشرة إلى أقرب «طبيب نفساني» كي ينقذه، فالبقعة السوداء في قلبه تكبر مع الوقت ويزداد شرها، ساعات مع «الطبيب النفساني» تقي من خراب بيوت، وصلوات مليئة بالدعاء على ظالم حقود معتل نفسياً.