من خامنئي إلى سلامي... إيران بلا مواربة «الأمر لي»
تحرّيات في لبنان عن «الوعد السحري» لترامب
- زكي: إسرائيل قد تُنهي الحرب بصورة بالغة الإجرام والبشاعة
- مستشارة جمهورية: ترامب يريد أن تنهي إسرائيل حروبها بانتصارات حاسمة
- التوحّش دمر مبنى يعود للعصر العثماني قرب معابد بعلبك... وحطّ على تخوم مطار بيروت
- نتائج الانتخابات الأميركية من «مفصلية إلى تفصيل» في إطلالتين متتاليتين لقاسم... لماذا؟
- الاغتيالات الاسرائيلية على قارعة الطرق... من عاريا الى مدخل صيدا
فيما المنطقةُ مشغولةٌ بـ «ملء الفراغات» في نهاية «الجملة السرية - السحرية» للرئيس الأميركي المنتَخَب دونالد ترامب، والتي جاءت تحت عنوان «وَعْد السلام وإنهاء الحروب» ومن دون تحديد «كيف» وبشروط مَن، انبرتْ إيران إلى كسْر آخِر الحواجزِ أمام إعلان «الأمر لي» في لبنان وعلى «حزب الله» وفي شكل سافِرٍ لا يحتمل التأويلَ ولا فَصْلَه عن مقتضيات ملاقاةِ مرحلةٍ بالغة الحراجة والدقة في الطريق إلى انتقال دفّة الحُكْم في واشنطن من السلَف إلى الخلَف في 20 يناير المقبل، وتبيان تأثيراتِ «الزلزال الترامبيّ»، سواء في اتجاه تشكيل «كاسحة ألغام» تَفتح أمام حلولٍ على قواعد متوازنة بالحدّ الأدنى أو تعميق الحفرة التي تتقلّب فيها «بلاد الأرز» وغزة، فوق جمْر حربٍ قد يكون الأسوأ فيها لم يأتِ بعد ويُخشى أن يطلّ من الميدان الذي اعتُمد كـ«ميزانٍ»لأيّ تسويةٍ ولو بعد حين.
وبدا من الصعب أمس، القفز فوق موقفين متوالييْن «أكدا المؤكد» لجهة شبه انتفاء الهامش اللبناني في وضعيّة «حزب االله» والذي بقيَ قائماً حتى اغتيال اسرائيل أمينه العام السيد حسن نصرالله (في 27 سبتمبر) الذي أدار «حرب إسناد غزة» على قاعدةٍ لم تُسْقِطْ الاعتبارات الداخلية اللبنانية وراعتْ إلى الحدّ الممكن المصلحةَ الوطنية، وإن كان ما ساعَدَه على ذلك تمثّل في أنّ هذه «الهنْدسة» لاقتْ قراراً من طهران بعدم وضْع «رأس الحزب» تحت المقصلة نفسها مع حركة «حماس»، وذلك في سياق عملية توزيعٍ منظّمة لخطوط «الهجوم والدفاع» عن «مشروع الممانعة» الذي تشكّل إيران قاطرته.
فالمرشد الأعلى السيد علي خامنئي، وفي لقاء له مع أعضاء مجلس خبراء القيادة في إيران، أعلن أن «الجهاد المستمرّ بقوةٍ في لبنان وغزة سيؤدي لانتصار جبهة المقاومة وجبهة الحق وهذه النتيجة مؤكدة وهذا ما يُدركه المرء من مُجمل الأحداث، ومن الوعد الإلهيّ أيضاً»، موضحاً لمناسبة أربعين رحيل نصرالله، أن «السيّد العزيز عرج إلى المقامات السامية للشهداء، ونال ما كان يتمنّاه، ولكنّه ترك لنا إرثاً خالداً، ألا وهو حزب الله الذي تحوّل ببركة شجاعة السيّد نصرالله، ودرايته، وصبره، والتوكّل المذهل الذي كان لديه، إلى منظّمةٍ عجزَ العدوّ المجهّز والمدجّج بأنواع الأسلحة الماديّة والإعلاميّة، عن التغلّب عليه، وسيعجز عن التغلّب عليه».
وكان قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي قال أمام المجلس نفسه إنه «رغم الخسائر والأحداث المؤلمة، أُعيد بناء حزب الله بشكل إعجازي مقابل هذه الضربات الشديدة والمتتالية، وتمكّن الآن من الوقوف بشجاعة وثبات» بمواجهة إسرائيل.
وعلى طريقة «وصْل النقاط»، تكتمل الصورة، وفق أوساط سياسية مطلعة، إذا رُبطت بإطلالة الأمين العام الجديد للحزب الشيخ نعيم قاسم، أول من أمس، والتي «ارتدّ» فيها على كلامٍ قاله قبل أسبوع حين اعتبر أن الانتخابات الأميركية «مفصل وأحد عوامل التأثير» في أمد الحرب، إلى جانب «خسائر الجيش الإسرائيلي في الميدان»، قبل أن يعلن الأربعاء «لا نبني على هذه الانتخابات سواء نجحت (كامالا) هاريس أو ترامب، فهذا ليس له قيمة بالنسبة لنا»، ولا نعوّل «على حِراك سياسي لوقف العدوان بل على الميدان»، ومتوعداً بمرحلة من «عضّ أصابع» حتى تصرخ اسرائيل أولاً «من صواريخنا وطائراتنا وتطلب هي وقف الحرب».
ولم يكن ممكناً التعاطي مع ما اعتُبر بمثابة «البلاغ الرقم 1» من قاسم و«إفراط» طهران في تظهير «أبوّتها» ووصايتها المباشرة على الحزب، إلا على أنه في سياق «التكيّف» مع انتخاب ترامب رئيساً، والتي بكّر بنيامين نتنياهو بدوره في ملاقاتها بتوحُّش مفرط تجاه لبنان، جنوباً وبقاعاً وفي الضاحية الجنوبية لبيروت حيث «هبطت» إحدى الغارات على تخوم مطار رفيق الحريري الدولي.
وفي تقدير الأوساط المطلعة أن طهران التي جّربتْ ترامب على مدى أربعة أعوام من رئاسته، لم يتوانَ خلالها عن «تمزيق» الاتفاق النووي وإعطاء الضوء الأخضر لاغتيال قاسم سليماني وإخضاع إيران لأقسى عقوبات، لن «تتفرّج» على عودته الكاسحة أو تَطْمئنّ إلى وعْد إنهاء الحرب الذي لا يمكن توهُّم أنه سيكون على حساب اسرائيل، ولكن من دون أن يكون ممكناً استشراف، هل ستكتفي طهران في الفترة الفاصلة عن 20 يناير الأميركي في الإبقاء على «الإصبع على زناد» ضربة لاسرائيل في إطار «الوعد الصادق 3» كورقة ضغطٍ و«ربْط نزاع» من موقعٍ تعتقد أنه قويّ ومع ترْك التصعيد المتدرّج لأذرعها وفي مقدمهم «حزب الله»، وذلك على قاعدة أن «مَن يملك زر التفجير» في يده مفاتيح الاستقرار أي «تبيع إيران توتراً لتشتري النفوذ».
وفي الوقت الذي استعادت الأوساط كلاماً لترامب قاله قبل أشهر قليلة ان «مساحتها تبدو صغيرة على الخريطة، ولطالما فكّرتُ كيف يمكن توسيعها»، استوقفها ما أعلنته الناطقة باسم الحزب الجمهوري إليزابيث بيبكو لقناة 12 الاسرائيلية، من أن الرئيس المنتخب «يريد أن تنهي إسرائيل حروبها في أسرع وقت بانتصارات حاسمة (...) وأعتقد أنه يتوقع منهم إنهاء الحرب بالانتصار فيها، بنسبة مئة في المئة، هكذا يتحدث دائماً عن إنهاء الحروب»، ومعتبرة «أن إدارة (جو) بايدن كانت مسؤولة جزئياً عن إطالة مدة الحرب بسياسة متقلبة».
وفي دلالة على أخطر مرحلةٍ ستمرّ بها «بلاد الأرز»، حذّر الأمين العام المساعد للجامعة العربية السفير حسام زكي من أن «الأسابيع المقبلة خطيرة على لبنان»، معتبراً أن «الاسرائيلي حين يكون في هذه المرحلة وعلى وشك أن يُنْهي حربه، لأنه سينهيها هدية لترامب، فهو يفعل ذلك في شكل بالغ الإجرام ويحتفظ بعمليات في منتهى البشاعة كي يُنهي بها الحرب».
ولم يخالف الميدان هذه التوقعات البالغة القتامة حيال ما ينتظر لبنان، في ضوء ارتقاء «حزب الله» منذ فوز ترامب بعملياته، كماً ونوعاً وإدخال صواريخ بالستية بحمولةٍ تفجيرية من 500 كيلوغرام، وصولاً الى تل أبيب وملامسته مطار بن غوريون (الاربعاء) وهو ما قابلتْه اسرائيل «بالمثل» مستهدفة نقطة ملاصقة لمطار بيروت ليل الأربعاء، بالتوازي مع غاراتٍ مدمّرة في البقاع، حصدت عشرات الضحايا وطالت مبنى «المنشية» الأثري في مدينة بعلبك الذي دُمر ويعود إلى الحقبة العثمانية وموقعه ملاصق لمعابد القلعة التاريخية.
وفي وقت كان الجيش الاسرائيلي يُعطي إشارات الى أنه يدرس خططاً لتوسيع العمليات البرية في الجنوب، حيث أعلن مقتل 5 جنود احتياط وإصابة 16 خلال معركة مع«حزب الله»، مضى في الغارات المستهدفة التي طالت سيارة تقودها سيدة في منطقة عاريا – الجمهور (طريق بيروت – البقاع) ما أدى الى مقتلها وجرْح مواطن وحفيده بشظايا أحد الصواريخ الثلاث التي أطلقت، قبل أن تستهدف غارة سيارة أثناء مرورها عند حاجز الأولي - صيدا ما أدى إلى سقوط 3 ضحايا إضافة إلى إصابة 3 من عناصر الحاجز (الجيش اللبناني) و4 من عناصر الوحدة الماليزية العاملة ضمن «اليونيفيل».
وذكرت تقارير أن الشخص المستهدّف يُدعى محمد حسين أمين شومر، وكان بصحبة شقيقتيه.
وكان ليل الأربعاء شهد عودة «الرعب» الى الضاحية الجنوبية ومحلة الأوزاعي، حيث شنّ الطيران الحربي غارات مروّعة إحداها على بُعد مرمى حجر من مطار بيروت، الذي أجرى لبنان الرسمي اتصالات حثيثة للحؤول دون استهدافه وتحييده، بوصفه المنفذ الوحيد الى الخارج ويستقبل المساعدات الإنسانية. وقد أكد وزير الأشغال علي حمية أن المطار «يواصل عمله بشكل طبيعي وهناك طائرات أقلعت وأخرى هبطت فيه»، في حين عاين صحافيون هنغاراً تابعاً لشركة أجهزة تدفئة يقع في محيط المطار، وقد لحقت به أضرار كبيرة.