قيم ومبادئ

فكونا من الحراك؟

تصغير
تكبير

فقه المرحلة يقتضي خلع رداء الحراك والانتقال إلى نطاق مفهوم الدولة والدعوة العامة البنّائية والتركيز على التربية وتعزيز القيم، وهذا سيُسجل انتقالاً تاريخياً كبيراً من (الحركة الإسلامية) إلى (دعوة الإسلام الصحيح).

ولو أمعنّا النظر بمصطلح (حراك) ويعني الحركة والتي تعبر عن كل مظهر عام من مظاهر النشاط الإنساني وهي بذلك ضد السكون. ثم شاع استعمال (الحراك السياسي) للإشارة إلى عملية يتم فيها التحرك من موقف سياسي إلى آخر مع تفاعل شعبي من أجل إبراز قضية سياسية واجتماعية والنضال من أجلها من دون اعتبار لرضا السلطة القائمة، ما نتج عنه تبعثر الأوراق والرجوع إلى الوراء بدل التقدم للأمام!

ومع بروز أكبر الاتجاهات السياسية في العالم مثل الليبرالية والماركسية تمثّل الحراك الليبرالي في العالم العربي والإسلامي نحو التحول الديمقراطي - المزعوم - بينما الصراع هو الطريق الوحيد لعملية الحراك السياسي الذي يؤدي إلى الثورة الشاملة وصولاً إلى التغيير الجذري وفقاً للاتجاه الماركسي، وسارت بهذا الاتجاه المعاكس التيارات العروبية والناصرية والقومية.

ومؤسف حقاً أن يقف الحراك الإسلامي داخل الكويت في منزلة بين المنزلتين! وهو يحمل خلفيات غير إسلامية والقضية ليست لفظية، ولكن الحراك يحمل معه جهازاً مفاهيمياً كاملاً وهيكلاً تصويرياً فوضوياً شاملاً.

ومع هذا كله، فالحركة النيابية بعد 60 عاماً قد استنفدت أغراضها ورموزها وأوصلتنا إلى هذه الحال، فبتنا في بيئة العولمة والأممية الجديدة، وعليه فإن أي مغامرة دخول عبر هذه الصيغ الحركية مستقبلاً يعني الانخراط في فلك هذا النظام.

وعليه نقول، بات لزاماً علينا تنظيف الفكر الدعوي من تبعات هذه الحمولة ويجب العودة إلى المصطلح الشرعي (الدعوة إلى الله) بقواعدها وآدابها المعروفة مع إحياء دور المساجد.

والكويت تعيش في فرصة ذهبية وخاصة بعد إغلاق المقرات الحركية والحزبية إلى غير رجعة والتحليق في فضاء الإسلام الواسع الذي ترعاه الدولة... ولا نعني بطبيعة الحال تطليق أصل التنظيم والترتيب في الدعوة إلى الله، ولكن الذي ننكره ما أنكره كبار العلماء وهو (التنظيم الحركي الحزبي الميكانيكي) ولا نقصد التنظيم الفطري والبرنامج الدعوي القائم على العلماء الربانيين ومجالس العلم فقط، كما جاء في الحديث (وعالم ومتعلم) وكلاهما فطري في حياة الأمة حيث أنتجت لنا الدعوة الإسلامية من خلال المساجد جيل الرواد الذي يدير اليوم أنجح المؤسسات العلمية والقرآنية والدعوية.

أما قداسة (التنظيم الميكانيكي) فلا يخلو غالباً من (فتنة العُجب التنظيمي) وفتنة المال وفتنة الزعامة التي شغلت الحركة الإسلامية منذ 1980 إلى 2024 عن التوجه إلى تدّين المجتمع ومعالجة انحرافه فهُجّرت المساجد وتفعّلت «دعوة الجواخير» وقروبات التواصل الاجتماعي، فصار هم الشباب النقد اللاذع والسخرية ونشر الفضائح ومتابعة الردود والتعليقات إلى حد «التورم السياسي». كل هذا وقع تحت السمع والبصر بحجة مصلحة الجماعة!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي