يقع الشباب والشابات في مشاكل وجرائم، من أعظمها الوقوع في فخ الإدمان، الإدمان آفة خطيرة قاتلة، دمّرت المجتمعات كافة وحرمتها أعز ما تملك، وهم شبابها الذين أهلكوا أنفسَهم ولم يقدّروا مكانتهم وحاجة العالم إليهم... لأسباب أهمها غياب أو انشغال الأسرة عن أبنائها، وعدم مراقبتهم.
ينبغي أن يكون لكل أسرة دور فعّال في توجيه الأولاد-الابن والبنت- إلى الصواب من الصغر إلى الكبر، والاستماع لكل ما يشعرون به، سواء كان الكلام في أمور مزعجة أو طيبة، فتفرح لفرحهم وتحزن لحزنهم حتى يشعروا بالاهتمام، فإن لم يشعر الولد بالقرب من والديه، والحرمان من الأمان اتجه إلى حياة بعيدة بلا رقيب ولا قريب.
في بعض الحالات لا يهتم الأهل للابن إن وقع في خطأ، ولا يلتفتون إلى ما يظهر عليه من آثار سيئة، حتى في حال ملاحظة بعض الأمور السلبية كتدني المستوى العلمي، تكون ردة الفعل هي العقاب كالضرب أو الحبس والمنع من الخروج ، بلا معرفة الأسباب، ولما يشعر الابن بالإهمال، أو شدة العقاب يبحث عن حياة جديدة خارج البيت بعيدة عن الأسرة، ويختار طريقاً منحرفاً يظنه طريق الحرية والراحة النفسية، يلازم فيه الصحبة السيئة التي تقوده إلى الفساد، وإدمان المخدرات وما فيه من دمار نفسي وعقلي.
مع بداية دخول الشاب في عالم الإدمان وضياع العقل، تظهر علامات تدل على ذلك، والتي يجب على الأسرة الانتباه لها، منها التغيير الكبير في سلوك الولد وأخلاقه، وضعف المستوى الدراسي، وكثرة السهر خارج البيت، ومرافقة أصحاب السوء، وطلب المال بصورة متكرّرة، وملاحظة التعب والخمول وضعف ووهن الجسم، والغضب والعصبية الشديدة بلا مبرر، وأحياناً تجد مواد غريبة مخدرة يخفيها بين أغراضه، والأشد رؤية ما يدل على أنه يتاجر في المخدرات كالميزان الحساس وأكياس لتجزئة المخدرات ومسدس للدفاع، فهي صدمات للأهل.
ومن هنا يبدأ العلاج وهو دور تقوم به الأسرة، كما في حكاية أحد الآباء عن ابنه: بدأ سلوك ابني يتغير، وصار بعيداً منعزلاً، لا يتكلّم إلا حال طلب المال، مع كثرة كذبه وغيابه المتكرّر عن البيت، وظهور صحبة غريبة، راقبته حتى علمت أنه دخل في طريق الإدمان، اتجهت إلى مركز لعلاج الإدمان، فيه أطباء متخصصون في علاج تلك الحالات، وأصحاب خبرة في التعامل مع الشباب، تكلّمت مع ابني وأقنعته بالذهاب إلى المركز، وبعد انقضاء فترة العلاج، عاد ابني إلى حياته الطبيعية، واستقرت أموره، ووصل إلى مرحلة رائعة، وهي إعطاء دورات تدريبية في المدارس لمساعدة الطلاب في الوقاية من خطر الإدمان... تلك التجربة التي حكاها الأب أشارت إلى جوانب من مشكلة الإدمان منها علامات الإدمان وعلاجه.
وللمدارس دور رئيسي لا يقل أهمية عن دور الأسرة، فإن الأصل في المدارس أنها جهة للتربية قبل التعليم، وهي المكمل لدور الوالدين، وللأسف ان بعضاً منها أصبح من طُرق هلاك وتدمير مستقبل الشباب، فقد تراجع دور المدارس اليوم، فما عادت تربي وغابت الرقابة في المدارس، ما أدى إلى ضياع الشباب والإهمال في تعليمهم... كما أن الاختلاط بزملاء المدرسة له تأثير بشكل كبير، حيث يجرب الشاب ما يراه منتشراً في المدرسة وإن كان سيئاً، وأكثره تعاطي المخدرات، والأشد أن بعض المدارس صار مركزاً أساسياً للعصابات...!
وكما أنها كانت سبباً في الفساد، فإن لها دوراً كبيراً في العلاج، فهي مركز لتوجيه الطلاب وتربية جيل واع، وذلك بإعطاء المحاضرات التي تحد من مشكلة المخدرات في المجتمع، وللمعلم دور كبير في العلاج؛ لأنه يقضي وقتاً مع الشباب، ويتأثر الطلاب بالمعلم الذي يحسن التعامل، ويشعرهم أنه كالصاحب القريب إلى قلوبهم، يستمع إلى مشاكلهم، ويحاول حلها، ويقف معهم لإبعادهم عن خطر الإدمان، فالشباب ليس لديهم القوة الكافية لتخطي تلك المشكلة بمفردهم، فهم بحاجة إلى من يُشعرهم بالأمان والخروج من عالم الإدمان.
aaalsenan @