فيروز غنّي

ناصر الجبر
ناصر الجبر
تصغير
تكبير

واصِــلي فـيروزُ غـنّي «فـالغـنا سـرُّ الخـلـودْ»

أنـتِ يا أجـمـلَ صـوتٍ أنـتِ يا أحـلـى قصـيدْ

تبـحـثُ الوديانُ عـنكِ يتـحـرَّاكِ الصــعــيــدْ

يسألُ الوروارُ حـزنًا أين ضـحْكاتُ الورودْ

ولـمَ الـبـــدرُ كـفيــفٌ ولـمَ الـلــيــلُ وئـيـــــدْ

ولــمَ الشـمـسُ سـوادٌ ســدَّها كـسـفٌ مَــديــدْ

ولـمَ الـتــيـنُ سـقـيــمٌ ولـمَ الـنـخــلُ جـريـــدْ

ما لـبـيـروتَ أنــــيـنٌ ما لــلبـنـانَ وحــيـــــدْ

ما لأرضِ الأَرْزِ ثكلى بـيـن نــارٍ وحـــديـــدْ

وســوادٍ في غــبـــارٍ ودمـــارٍ ووعـــيـــــدْ

وريــاحٍ مــن رَمـــادٍ ولـهــيــبٍ ورُعــــودْ

والندى دمعُ المراعي ذابَ مـشـلـولاً طـريـدْ

بـلـدُ الـعـيـدِ تهـاوى بين مــيْــتٍ وفـقـيـــدْ

تنزلُ الطعْناتُ شــرًّا يجرفُ السهلَ الودودْ

تهجمُ الغـربانُ سيــلاً يطفئُ الصبـحَ السعيدْ

ينزفُ الزيتونُ قـيـحًا وسُـخـامًـا وصـديـــدْ

نزَّ جرحُ العشبِ آهًا والصدى نـوْحُ الوئـيدْ

قالتِ الأطـيارُ تـبكي: كـيـدُ أحـفـادِ الـقـرودْ

ذبحـــوا غزَّةَ غــدرًا مـن وريــدٍ لــوريـــدْ

نهشوا بيروتَ وغنَّوْا يا ترى هل من مزيدْ

دبَّـروا الأمـرَ بـليـلٍ قادهـم غـيـلانُ ســودْ

أنَّتِ الأشجارُ عطشى: آهِ من لــؤمِ الـيـهــودْ

قـينـقاعٌ قد تـمــادتْ وبنو العرب رُقـودْ

خاطبَ السحبَ بفخرٍ وهْـي تمــضي للبعيدْ:

أمطري في أيِّ أرضٍ فلنا حـبُّ الحــصـيــدْ

لم يعدْ فيروزُ سيـفٌ يلجُـمُ الوحـشَ المَريدْ

لـم يـعــدْ إلاكِ أنـتِ فارفـعـي عـنا القـيـودْ

أطـلـقـي الأيامَ فـجـرًا واكـتـبـيـها من جـديـدْ

غرّدي الآلامَ لــحــــنًا كابــتـساماتِ الولـيـــدْ

ردّدي الإعصارَ شعرًا وغـــــنـاءً ونـشــيـــدْ

واسكبي الأقمارَ نبعًا ساقــيًـا بـيــدًا وبـيــدْ

واجـعـلي النجمَ يغـني عـازفًا أوتـارَ عـــودْ

عـطِّـري غـزَّةَ مسكًا ورياحــــيـنًـا وعـــودْ

واصدحي فيروزُ نبضًا بـيـن أنَّــاتِ الوريـــدْ

صوتُكِ المنسابُ روحٌ وحــيـــاةٌ ووجـــــودْ

وســــــلامٌ ووئــــــامٌ ومضُ ماضـيـنا التـليدْ

صـوتُـنا فـيـروزُ أنـتِ من سـنيــن وعُـــقـودْ

جُـنـدُنـا فــيـروزُ أنـتِ بـعـد أن ذلَّ الجـنــودْ

سيـفُـنـا فـيـروزُ أنـتِ درعُنا.. أنتِ البُـنـودْ

فلْتذودي عن حِــمانا لـيس فـيـنا من يــذودْ

واجهي الأرماحَ عنَّا واقـبـلي مـنَّا الجُـحودْ

نحـن أفــواهٌ سُكارى وقـلـوبٌ من جــلــيــدْ

وعــقـولٌ من هـبــاءٍ في فراغٍ لا يـبـــيــــدْ

وحكيـمُ القـومِ يهـذي ليسَ يـدري ما يـريـدْي

خـجـلُ التاريـخُ منَّا يستحي عصرُ الجدودْ

تطـأُ الأرضُ علـينا تـتـخـطَّانـا الـحـــدودْ

واصلي فيروزُ غنِّي أنت يا صوت فريدْ

أنتِ لـلـيـلِ نــهــــارٌ أنــتِ للـسـيـلِ سُــدودْ

أنتِ لـلـبـردِ غــطاءٌ أنتِ للصعـبِ الشديـدْ

أنتِ لبنانُ العــصِيُّ أنتِ بيروتُ الصمودْ

أنتِ من أرضِ كِرامٍ أنتِ من شعبٍ عــنيدْ

يركبُ الإعصارَ حرًّا نابــذًا عـيـشَ العـبــيدْ

راغبًا لـلـمـوتِ عــزًّا رافـــضًا ألاّ يــســـودْ

دونَ دمعٍ.. دونَ آهٍ واصِلي.. إنَّـا قُـعـودْ

واصلي فيروزُ غنِّي ربما يصحـو البـلـيــدْ

ربما يـقـوى جـبـانٌ ربما يـمـشي قــعــيـدْ

ربما النـخـوةُ تحــيا بـعـد مــوتٍ وركــودْ

واصلي فيروزُ غـنّي سـوف يزدانُ الوجودْ

وتــدورُ الساقـيـاتُ والعـصافـيـرُ تعــودْ

تثمرُ الأشجارُ شهدًا والسمــاواتُ تجــودْ

تُقبل الأزهارُ حشدًا والـفـراشاتُ وفــودْ

والصبايا مُشرقاتٌ طيفُ أقـمارٍ وغــيـدْ

دبـكـةٌ في كل حـيٍّ كلُّ يومٍ يـومُ عــيــدْ

واصلي فيروزُ غنّي دونَ يأسٍ أو خُمـودْ

إن في المقبلِ نصرًا إن في الـغـابِ أسـودْ

في سوادِ الـغـيـمِ مـاءٌ وحـيًـا تحت الجـلـيدْ

وبُـعَـيْدَ البرقِ رعـدٌ ثم قــطْــرٌ فــــورودْ

في قلوبِ الصبرِ نارٌ والشـرايـيــنُ وَقــودْ

إنــهــا الأيــامُ حُـبـلى هـذه الأرضُ وَلــودْ

يحملُ الليـلُ صباحًـا عيــدَ مـيـلادٍ مـجـيدْ

وعـصا السّنوارِ تبقى سرّ من يرجو الخلود

واصلي فيروزُ غنّي إنــــه فــجـرٌ جـديـدْ

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي