دعوات من «الخريجين» لتخليد اسم من عَلَّمَ «الكمبيوتر» لغة الضاد

الشارخ ... عرَّاب التعريب

تصغير
تكبير

-فهد الهندال: حمل على عاتقه رسالة النهوض بلغة الضاد
-إبراهيم المليفي: أنفق على مشروعاته من ماله الخاص
-رياض الشارخ: تجربة «صخر» كان بها الكثير من التحدي والإبداع
-إبراهيم داود: يعز عليّ أن أكون في الكويت وأبو فهد غائب عنها
-عبدالعزيز بومسهولي: رجل عظيم... كنت محظوظاً بالتعرف عليه
-فهد الشارخ: تعلمت من والدي القدرة على الإصرار والإيمان بالحق والجرأة

تزامناً مع يوم مولده في الـ22 من أكتوبر 1942، تداعى حشد من محبيه من داخل وخارج الكويت، لتأبين الأب الروحي لتعريب الكمبيوتر، الراحل محمد الشارخ، خلال احتفالية أقيمت مساء أول من أمس بجمعية الخريجين تخليداً لذكرى الراحل الكبير الذي غادر عالمنا في مارس الماضي.

الشارخ، الذي أنطق الحواسيب ولقنها حروف العربية وكلماتها، لم يكن طريقه مفروشاً بالورود، ومع ذلك وقف شامخاً في وجه الأزمات التي عصفت بطريقه، بما في ذلك معركته القضائية مع «بيل غيتس»؛ حيث واجهه «أبو فهد» بجسارة في عقر داره ببلاد العم سام.

الوجيه الشارخ، الذي أدخل أجهزة «صخر» في كل بيت، كان أول من اعتنى بالنص القرآني، وأرشف السنة النبوية على الكمبيوتر، ووجد اللغة يتيمة فتبناها وخاف عليها مخافة الأب على ابنته.

شهود العيان على الرحلة الثرية أكدوا أنه «قد نجد العشرات من أصحاب المليارات، لكن لن تجد إلا (محمد الشارخ) واحداً، لذا وجب تخليد اسمه بإطلاقه على إحدى كليات الحاسب الآلي أو أحد شوارع الكويت، وإنشاء متحف يحكي قصته».

الشاشات إلى صفحات

البداية كانت مع الدكتور فهد الهندال، الذي أدار الاحتفالية، مؤكداً أن «الراحل حمل على عاتقه رسالة النهوض بلغة الضاد، وسط عجيج التكنولوجيا العاتية»، لافتاً إلى أنه «أحال الشاشات الجامدة إلى صفحات تنبض بالحروف والكلمات في زمن كانت فيه العربية تبحث عن موطئ قدم في عالم رقمي غريب».

بدوره، دعا رئيس جمعية الخريجين إبراهيم المليفي، الحضور للوقوف دقيقة حداد على روح الراحل، مشيراً إلى أن «إنتاج حاسوب صخر سد نقصاً هائلاً في السوق العربية وقتها وبأسعار كانت في متناول الجميع»، لافتاً إلى «تجربته في ثانوية كيفان عندما كان عمره 14 عاماً واستخدم أجهزة (صخر) في العام 1985».

وذكر المليفي أن «الشارخ أنفق على مشروعاته من ماله الخاص، دون دعم من أحد»، مشدداً على أننا «نحتاج لأكثر من شارخ وأكثر من (صخر)، حتى نحافظ على لغتنا وهويتنا الإسلامية أمام هذا الذكاء الذي لا نعلم إلى أين سيأخذنا».

بدوره أكد مستشار التسويق وعلاقات العملاء في شركة أفنان القابضة رياض أحمد الشارخ أنه «عايش الراحل قرابة 50 عاماً»، لافتاً إلى أن «تجربة (صخر) كانت مسيرة ورحلة بها الكثير من التحدي والإبداع والتميز»، مشيراً إلى «الانطلاقة التي تزامنت مع أزمة سوق المناخ، حيث كانت الأسهم تتهاوى بينما الشارخ يبدأ مشروعه الجديد».

وأضاف «أسسنا شركة (العالمية للبرامج) ككيان منفصل عن شركة (العالمية للإلكترونيات)، وبدأنا في تعيين مبرمجين ومصممين عرب في وقت كان هناك شح كبير في هذه الشريحة»، مشيراً إلى أنه «في العام 1985 تم طرح أول منتج باسم (صخر) في جامعة الكويت، وكان الأول من نوعه في الوطن العربي».

واستذكر الشارخ «جهود الفريق الفني الذي قام بتعريب لغتي (لوغو) و(بيسك) اللتين كانتا تستخدمان في ذلك الوقت»، مشيراً إلى أنه «في العام 1986 بدأ التسويق خارج الكويت».

وأشار إلى أنه «تم إنتاج مجموعة من الكتب باللغة العربية لتعليم الكمبيوتر بلغة مبسطة، فضلاً عن 60 برنامجاً تعليمياً تم إنتاجها في أول ثلاث سنوات، واعتنينا بالقرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، ثم دخلنا في فترة الخلافات القانونية مع شركة مايكروسوف مع الاستمرار خلال فترة التسعينات في تقنيات المعالجة الطبيعية للغة العربية».

الشارخ الأديب

أما الكاتب المصري إبراهيم داود، فاستهل كلمته بالقول، «يعز علي أن أكون في الكويت، وأبوفهد غائب عنها، فللراحل منزلة كبيرة في قلبي لما قدمه للغة العربية، وما تحلى به من خصال جمعت بين الفراسة والجسارة والنبل والطيبة والتواضع».

وشدد على أن «الراحل لعب دوراً في تقريب المسافات بين البلدان العربية»، مشيراً إلى أنه «كان يفرح بالأعمال الأدبية ويدافع عنها كأنه صاحبها».

وبين أن «الراحل حين قرر الكتابة اختار منطقة لم يسبقه إليه أحد فيها، فكتاباته تحيلك إلى كبار كتاب العالم من خلال أعماله التي تناقش العدالة الاجتماعية وعلاقة العرب بالعولمة».

أما الناقد والباحث الفلسفي المغربي عبدالعزيز بومسهولي فقال إن «هذه الأمسية تستحضر ذكرى رجل عظيم، كنت محظوظاً بالتعرف عليه بفضل الفيلسوف الراحل محمد عابد الجابري»، مشيراً إلى أنه بعد أن تعرف على الشارخ اكتشف أنه «يخالط شخصاً من طينة نادرة».

وذكر أن «الراحل كان معجباً بالتجربة المغربية، وزياراته المتكررة للمغرب لم تكن للاستجمام بل لتمتين روابط الصداقة».

حديث الابن عن أبيه

أما نائب رئيس مجلس إدارة «كامكو إنفست» والمدير الشريك لصندوق JEDI فهد محمد الشارخ (نجل الراحل)، فأكد أنه تعلم من والده القدرة على الإصرار والإيمان بالحق والجرأة والشجاعة على الاستمرار، مشيراً إلى أنه في الوقت الذي كان الجميع يتحدث فيه عن أزمة سوق المناخ في العام 1981، كان الراحل يتحدث أنه بصدد إنتاج كمبيوتر، وفي الغزو أصر على الاستمرار في مشروع (صخر)، وكانت التهديدات تتزايد عليه فأصر على أن ينطلق في البر متسلحاً بالجرأة والإيمان لينطلق إلى مصر.

وتابع «بعدها بدأت أزمة مايكروسوفت، فأصر الوالد على أن يذهب لعقر دار بيل غيتس ويقاضيه وحصلنا على تسوية، واستمر في تطوير صخر»، لافتاً إلى أن «تطوير البرامج كلف الملايين، لكن عدم احترام الملكية الفكرية تسبب في خسائر في العام 1995، ورغم ذلك حصلنا على براءات اختراع أميركية وأصررنا على تكملة المشوار».

وذكر أنه «في 2010 تحولت (صخر) لمشروع ثقافي، واهتمت بتعليم الآلة اللغة العربية الصحيحة والكتابة السليمة»، لافتاً إلى أنه «قد نجد آلافاً من أصحاب المليارات لكن لن نجد إلا (محمد الشارخ) واحداً».

وتحدث عن معاناة الراحل في آخر ثلاث سنوات بسبب مرض الفشل الكلوي، لافتاً إلى أنه رغم الألم كان دائم السؤال على الأرشيف والمعجم والمصحح لخوفه على اللغة العربية.

وأشار إلى استحواذ المملكة العربية السعودية على المعجم الذي يسمى الآن معجم الرياض، مشيداً بما تشهده المملكة من تطور لافت.

وبين أنه عند وفاة الراحل وصل عدد مستخدمي تطبيق التصحيح اللغوي قرابة 300 ألف مستخدم، بينما وصل مشروع أرشيف الشارخ للمجلات الأدبية والثقافية العربية لأكثر من نصف مليار كلمة و2 مليون صفحة.

أم فهد... رفيقة الدرب

موضي الصقير

في وقت استذكر فيه الحضور مناقب الراحل الكبير محمد الشارخ، كانت رفيقة الدرب زوجته (أم فهد موضي الصقير) حاضرة بقوة حيث أكدوا أنها «كانت نعم الزوجة والأم، ووقفت إلى جوار الراحل في أصعب الظروف».

الكمبيوتر وسكين المطبخ

أكد السفير عبدالعزيز الشارخ أن «الراحل كان يقول لي إن الحضارة الغربية تجاوزتنا بكثير، ولن نستطيع اللحاق بها إلا في حالة واحدة وهي أن يصبح الكمبيوتر بأهمية السكين التي في المطبخ»

شخصية عبقرية

الملحق الثقافي بالسفارة المصرية الدكتور محمد عبدالنبي ألقى كلمة نيابة عن السفير المصري لدى البلاد أسامة شلتوت، قال فيها إن الراحل كان له عظيم الأثر، واصفاً إياه بالشخصية العبقرية المنفتحة علمياً.

تخليد ذكرى الراحل

اقترح الكاتب السعودي الدكتور سليمان الذييب أربعة مقترحات لتخليد اسم الراحل وهي:

1-تسمية أحد شوارع الكويت باسمه.

2- تبني جامعة الكويت تسمية كلية الحاسب الآلي أو قسم أكاديمي في الكلية أو قاعة كبرى باسمه.

٣- إنشاء متحف يحكي قصة مشروعه والمراحل التي مر بها.

٤- أن تقوم جامعة الكويت أو الجهات الثقافية بإقامة مؤتمر علمي عن هذه التجربة.

خصال نادرة

أكد الباحث المغربي حسن أوزال أن الراحل تمتع بخصال نادراً ما تجتمع في شخص واحد، حيث إنه أنجز وحده أشياء لم يستطع مئات الرجال مجتمعين أن ينجزوها، فنذر حياته خدمة للفن والإبداع والثقافة.

يسابق نفسه

الباحث المغربي عبدالصمد الكباص أكد أن «محمد الشارخ كان زمناً يسبق نفسه. لم يحاور الحاضر وإنما أنتج المستقبل، وكان همه أن يمنح للعربية حياة جديدة، انبثاقاً مؤثراً في عالم سريع مكسوّ بالتدفقات الهائلة من أبنية النصوص والمعلومات».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي