حروف نيرة

حاملُ المسك ونافخ الكِير

تصغير
تكبير

الرفقة الصالحة تقودك إلى طريق الخير، أما السيئة فتقودك إلى طريق الشر، ولكل منهما أثر فعّال في حياة ومصير الإنسان، يقول رسولنا الكريم في حديثه الشريف: «إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كحامل المسك ونافخ الكير(الحداد)، فحامل المسك إما أن يحذيك (يعطيك)، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة» متفق عليه.

لقد شبّه نبينا الكريم الجليس الصالح بحامل المسك أو الطيب، إما أن يعطيَك مسكاً أو طِيباً على سبيل الهدية، أو أن تشتري منه، أو تجد منه ريحاً طيبة، وأما جليس السوء فإنه كنافخ الكير: أي كالحداد الذي يصهر الحديد وينفخه فيتطاير الشّرر، فإما أن يحرق ثيابك أو تجد منه ريحاً خبيثة...

يحث هذا الحديث الشريف على جلسات الصالحين، ويحذر من جلسات الفاسدين.

مَن يجالس أهل الفضل والخير والمعروف، يأخذ من طيب خلقهم، وأما مَن جالس سيئ الخُلق، فيتأثر بسلوكه السيئ، ينبغي للإنسان أن يفكر ويقارن بين مجالسة أصحاب الكلام النافع والأخلاق الطيبة، والاحترام، وبين قوم إذا جلس بينهم فَقَدَ كرامته وحشمته ومروءته، وكما قيل:

عن المرء لا تسأل وسلْ عن قرينهِ

فكـل قرينٍ بالمقارنِ يقتدي

الصاحب الحقيقي يفرح لفرحك ويحزن لحزنك، يعينك على ما يصيبك من مشاق وصعاب، يقف معك في الأزمات، يخفّف من همومك، يغفر زلتك ويستر عورتك، يشجعك ويشاركك في عمل الخير، وينبهك قبل الوقوع في الخطأ.

احرص على صحبة الصالحين واحذر من الفاسدين، الصاحب الصالح نعمة عظيمة، عُملة نادرة وقليلة في هذا الزمان، وقليل من يقدرها، وقد أحسن من قال:

(ما أعطي المسلم بعد الإسلام نعمة أفضل من صديق صالح)... ومهما كثر عدد الأصحاب فلن يظل معك إلا الحقيقي منهم، ويكفي أن يكون لك صاحب واحد يغنيك عن الجميع، فهو سند لك إلى نهاية طريقك في هذه الحياة، وإن لم تجد الصاحب فلا تصحب إلّا نفسك.

من كان بلا صاحب لا شك أن في ذلك خيرة له، وحتما سيعطيه تعالى البديل الذي يرضيه ويزيد من العطاء الذي يفقده الكثير، كالزوج والزوجة، حيث يكمل كل منهما الآخر، أو الأخ الصالح الذي هو أقرب من الصديق، وكالوالدين إن سارا مع الولد في كل خطواته وفتحا له قلبيهما، ومن ظل وحيداً فتح الله تعالى له من الوحدة أبواب خير في عالم بعيد هادئ يزيد من الإنجاز في كل مجال، يتيح له الفرصة لأخذ العلم، والعمل الجديد والخير الكبير الذي انحرم منه طوال السنين، فيعطي وينشر كل خير للآخرين.

aaalsenan @

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي