نجومية الرويشد... دروسٌ وعِبر

صالح الدويخ
صالح الدويخ
تصغير
تكبير

في مشوار النجم عبدالله الرويشد، لا تُعد الأغاني مجرد كلمات تُغنّى أو ألحان تُعزف، بل هي تجسيد لتجربة إنسانية كاملة. كل أغنية له، وكل لحن، يُعتبر حكاية تحكي عن حال شعورية معينة، فهو لا يختار أغانيه اعتباطاً، بل يخوض فيها وكأنه يبحث عن ذاته وعن دواخل الإنسان. هذه الفلسفة الفنية تُميّز أعماله، حيث يمكن للمستمع أن يشعر بأن الأغنية تخاطبه بشكل شخصي، وكأنها تُترجم لحظات عاشها أو مشاعر اختبرها.

عودة الرويشد إلى الساحة بعد العلاج كانت بمثابة درسٍ مهم للفنانين الشباب، إذ أثبت أن الفن ليس مجرد أضواء وشهرة، بل هو رحلة يتخللها الكثير من التحديات. لقد قدم الرويشد نموذجاً يُحتذى به في الصمود والإصرار، وكان التواضع السمة الغالبة عليه دائماً. ومن أبرز المواقف التي تعكس ذلك، لحظة عودته من رحلة العلاج، حيث بادر الجمهور بالترحيب به بحرارة. وقد لاقى ذلك استجابة صادقة ومؤثرة من الرويشد، الذي لم يتردد في التعبير عن شكره وامتنانه العميق لكل من دعمه خلال تلك الفترة. كان مشهداً يعكس التبادل الحقيقي للحب والاحترام بينه وبين جمهوره، مؤكداً للجميع أن النجومية لا تتعارض مع التواضع، بل يمكن أن تكون وسيلة لتعزيز علاقة الفنان بجمهوره.

على الشباب أن يتعلموا من «بوخالد» قدرته الفائقة على التوفيق بين الأصالة والتجديد، حيث لم يقف عند حدود الأغنية التقليدية، بل تجاوزها ليقدم أعمالاً تستلهم التراث وتعيد صياغته برؤية حديثة. هذا التجديد لم يكن انحرافاً عن مساره الفني، بل كان امتداداً طبيعياً لفلسفته التي ترى في الفن حركة دائمة وسيرورة تتجدّد باستمرار.

وعليهم أن يستفيدوا منه كذلك، بأن الفنان الحقيقي هو من يستطيع تطوير أدواته الفنية مع الحفاظ على هويته، وهذا ما حققه طوال مشواره.

إن تجربته تبرز كمثال حيّ على كيفية المزج بين عمق التراث وبساطة الحداثة، ليخلق أعمالاً تتسم بالاستمرارية والتأثير العابر للأجيال. كل أغنية جديدة له هي بمثابة إضافة لرصيده الفني، وليست مجرد إصدار جديد، فهي تحمل جزءاً من روحه وتجسد رؤيته للحياة والموسيقى.

بهذا الفهم العميق للفن، وبقدرة استثنائية على ملامسة القلوب، يظل عبدالله الرويشد نجماً ساطعاً في سماء الموسيقى، ورمزاً يُحتذى به للفنانين الشباب وللأجيال القادمة الذين يسعون إلى تقديم فن يتجاوز حدود الزمان والمكان، ليبقى خالداً في الذاكرة.

نهاية المطاف: سننتظرك «بوخالد» بعد عام أو عامين أو عشرة أعوام ونفرح بإطلالتك الجميلة على المسرح كما عهدناك... شافاك الله وعافاك.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي