حروف نيرة

مَن قلّ كلامه قلّت زلّاته

تصغير
تكبير

من أراد الكلام حكّم عقله على لسانه، فتفكَر في الكلمة قبل نطقها، حتى لا يقع في الخطايا، فمِن الكلام ما هو نافع، ومنه ما هو ضار؛ أما النافع من الكلام وما فيه خير فهو الذي يتكلّم به العاقل، كالنصيحة، وكل ما فيه دفع الضرر عن الناس وجلب المصالح لهم، وعليك بالصمت إن ترتب على الكلام ضرر، وإن كان الكلام لا يضر ولا ينفع فالأفضل تركه.

ولا شكَّ أنّ الصمت حكمة، ويدل على ثبات العقل، بينما الهذر يدل على ضعف العقل... الصمت يولد الاحترام ويمنح التركيز وقوة التفكير، ويُعلم الفرد حسن الاستماع... ولكن إن رأينا الخطأ أو العيب وجب علينا التنبيه والتوجيه والنصح، فإننا نتكلم ولا نسكت عن الحق، مع الالتزام بآدابه وحدوده، يقول أحد الحكماء في آداب وفن النصيحة: (إذا رأيت من أخيك عيباً فإن كتمته عنه فقد خنته، وإن قلته لغـيره فقد اغـتبته، وإن واجهته به فقد أوحشته، فقيل كيف نصنع؟ قال: تُكني عنه، وتعرض به في جملة الحديث).

ومما يُحكى في فن النصيحة أن الحسن والحسين، عليهما السلام، مرَّا على شيخ يتوضأ ولا يُحسن الوضوء، فاتفقا على أن ينصحا الرجل ويعلّماه كيف يتوضأ، ووقفا بجواره، وقالا له: يا عم، انظر أَيُّنا يُحسن الوضوء!

ثم توضأ كل منهما فإذا بالرجل يرى أنهما يحسنان الوضوء، فعلم أنه هو الذي لا يحسنه، فشكرهما على ما قدّماه له من نُصح دون تجريح.

النصيحة ثقيلة على النفس، لا تصل إلّا بفن ومهارة وذكاء، وقد لا يتقبلها الفرد ولا يعمل بها إلا إن كانت بأدب ولباقة، فمن لم يراعِ ذلك لن يصل إلى الهدف من نصيحته، ولن يجد ثماراً طيبة بل الرفض والنفور.

فابدأ بالنصح والتوجيه إن أتقنته، وإن لم تكن متقناً فعليك بالصمت، فالسكوت في كثير من الأحوال خير وأفضل من النطق والكلام، يقول أحد الصالحين: يا لسان قل خيراً تغنم، واسكت عن شر تسلم من قبل أن تندم.

aaalsenan @

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي