كلمة صدق

سواق بشهادات عليا

تصغير
تكبير

في فترة التسعينيات من القرن الماضي كان هناك حارس أمن من إحدى الدول الآسيوية يحرس بوابة أحد المباني التجارية، سألته في حديث سريع عن معاشه فذكر أنه يقارب 150 ديناراً كويتياً، فسألته عن شهادته العلمية، فكانت دهشتي بأن شهادته ماجستير في إدارة الأعمال، لكن لا قيمة لشهادته في بلده فعمل حارساً بالكويت.

كان لافتاً للجميع ما نشرته بعض الصحف ووسائل الإعلام المختلفة عن مقترح مقدم من وزارة الداخلية لتحسين دخل شريحة من المواطنين، عبر دمج المتقاعدين في سوق العمل من خلال تمكينهم للعمل كسائقين لتوصيل الركاب في جميع مناطق الكويت.

ومما تم ذكره من أهداف لهذا المقترح كما نشرته إحدى الصحف المحلية في السادس من أكتوبر لهذا العام هو تحسين الدخل للمتقاعد، وتوفير فرص عمل جديدة له، وتعزيز مشاركته في المجتمع وتقليل الشعور بالعزلة عنه.

كما يقال دائماً ليس هناك من عيب في العمل والكسب الحلال، والشكر لوزارة الداخلية في التفاتتها للمتقاعدين، لكن لماذا الظن بأن المتقاعد يعاني من عزلة عن المجتمع، ويحتاج من يعزز شعوره بالانتماء إليه!

معلوم أن سن التقاعد في الكويت مبكر بشكل عام لأسباب مختلفة، وأن كثيراً من المتقاعدين لديهم طاقات كبيرة، صحيح طاقة أقل من الشباب، لكنهم أكثر حكمة ونضجاً وخبرة من العنصر الشاب، هنا يجب الاستفادة من خبراتهم أكثر من الاستفادة من طاقاتهم البدنية مثل قيادة السيارة للتوصيل وما يتطلبه ذلك من جهد وشد أعصاب خصوصاً مع أزمة الزحام المتفاقمة في البلاد.

ثم إن هناك قوانين في التأمينات الاجتماعية تحد من الاستفادة من المتقاعدين، فهي لا تسمح للمتقاعد بالعمل بوقت جزئي وتعتبر أن المكافأة التي يحصل عليها مثلا كأستاذ في الكليات الأكاديمية التابعة للدولة متضاربة مع المعاش التقاعدي، ما يكون حائلاً للاستفادة من المتقاعدين حتى من ذوي الشهادات العليا منهم.

لماذا يتم منع المتقاعد أن يجمع بين معاشه التقاعدي وبين الراتب خصوصاً إذا كان لوقت جزئي بشكل مكافأة؟ لماذا لا تتم الاستفادة من خبرة المتقاعد، أو منعه من الاستفادة منها خصوصاً في التخصصات النادرة التي يملكها بعض المتقاعدين، أو من حملة الشهادات العليا منهم؟

وحتى لو أراد هذا المتقاعد العمل ببند المكافأة في أكاديمية أهلية أو في القطاع الأهلي، فيجب أن يكون عمل كمؤمن عليه 25 سنة كحد أدنى حتى يستطيع أن يحصل على مكافأة.

قوانين عويصة تكبل أيدي المتقاعد، لا أحد يود مراجعتها والفحص في جدواها، خصوصاً في وقت يحتاج فيه سوق العمل للعنصر الوطني في بعض التخصصات وفي الشهادات العليا.

فما دام هناك همة وتوجه لدمج المتقاعدين في المجتمع فلتكن هناك إعادة نظر ببعض القوانين التي تطوقهم، حتى يتم الاستفادة من خبراتهم وشهاداتهم غير أن يكونوا سائقين للتوصيل.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي