ديوان «سهر والمعطش» جمع لاعبين سابقين في جلسة حوارية عن «دورها في الوحدة الوطنية»
خارطة طريق متخصّصة... «الرياضة» تنمي المواطنة
- عبدالرضا عباس: لدينا الإمكانيات لكننا غير قادرين أن ننتشل أنفسنا من التراجع
- حسين المكيمي: مفهوم الولاء يُغرس في الطفل بالبيت ثم تعززه الأنشطة في المدارس
- فيصل بورسلي: إبان الغزو انضم اللاعب الكويتي إلى الأندية العربية والخليجية ليمثّل هويته العزيزة مع أنه كان لاجئاً
أجمع عدد من الرياضيين والأكاديميين المختصين، على أهمية الرياضة ودورها في تعزيز الوحدة الوطنية، لافتين إلى أن الرياضة تجمع دائماً ولا تفرق، وأن قيم الولاء موجودة لدى المواطنين لكن يجب أن يرادفها تحقيق النتائج والفوز من المنتخبات الوطنية، معتبرين أن القيم الموجودة للمواطنة في الرياضة يجب أن تعزز بشكل أكبر على الرياضيين.
جاء ذلك في الجلسة الحوارية «الرياضة ودورها في تعزيز الوحدة الوطنية»، التي استضافها، أول من أمس، «ديوان الوحدة الوطنية» ديوان «سهر والمعطش»، في منطقة المسايل.
تآلف
البداية، كانت نجم المنتخب الوطني السابق الكابتن عبدالرضا عباس، الذي أكد أهمية الرياضة في التآلف بين الناس وأن «الرياضة تجمع دائماً».
ولفت عباس إلى أن دولة قطر اليوم أفضل دولة تنظم بطولات لكل الرياضات، وهي منذ عام 2010 حتى 2015 أقامت 150 بطولة في مختلف الألعاب، وسميت عاصمة الرياضة العالمية، وهذا لم يأت من فراغ، بل بتنظيم ورجال وفكر، مردفاً أنه «لدينا الإمكانيات لكننا غير قادرين على أن ننتشل أنفسنا من التراجع».
وعن كيفية تعزيز قيم المواطنة، بين عباس أنه «للأسف الأندية لا تكتمل سواسية كمظومة رياضية، وهي هدفها المفترض إيجاد وسيلة بإيصال أفضل اللاعبين إلى المنتخبات الوطنية. فخلال 10 سنوات، كم لاعباً قدمناه للمنتخبات الوطنية؟ ولا لاعب»، مبيناً أنه «إذا لم تكن هناك منظومة والدولة ترعى منظومة جديدة، وإذا لم تتدخل الدولة سنستمر على ما نحن عليه».
مفهوم الولاء
بدوره، تطرق نجم المنتخب الوطني السابق وأستاذ التربية الرياضية الدكتور حسين المكيمي، إلى المواطنة الصالحة وكيفية عملية التنشئة التي تبدأ من البيت ثم المدرسة ثم مراحل الحياة.
وأشار المكيمي، إلى أن «مفهوم الولاء يُغرس من البداية في الطفل، في البيت ثم الأنشطة التي تقام في الروضة والمدارس؛ لذا نرى حرص الدولة منذ البداية على أنه في كل لحظة الكويت موجودة سواء في مسرحيات رياض الأطفال أو في مراكز الشباب أو في الكشافة، وأي مكان فيه علم الكويت يعني غرس مفهوم الولاء»، مؤكداً أن «في الكويت، الكل يقوم بذلك على أكمل وجه، وهذه القيمة موجودة ولا تحتاج لغرسها فهي موجودة فينا». ولفت إلى أنه «في بعض الحالات في الرياضة، (نزعّل) القيم بسبب نتائجنا»، مبيناً أن «الولاء موجود لكن القصور في أماكن أخرى والنتيجة لها علاقة بالتأكيد».
وأوضح أن «الدولة والأهالي لم يقصروا في غرس قيمة الولاء، لكن هناك خلل يقع على عاتق اللاعبين، وكذلك المسؤولون عليهم مسؤولية بأن الفريق يجب أن يفوز كي يحضر الجمهور».
الرياضة والسياسة
من جانبه، قال نجم المنتخب الوطني لكرة السلة الكابتن فيصل بورسلي، «نعم لدخول الرياضة إلى السياسة، لكن لا لدخول السياسة إلى الرياضة».
واستعرض بورسلي مواقف رياضية تعزز من تلاحم الشعب، وقال «في الغزو الغاشم عندما كان اللاعب الكويتي يلعب في الدول العربية وخاصة دول الخليج، مثّل الهوية الكويتية، وهو في الأساس لاجئ، لكنه يمثل هوية عزيزة، وتلعب من كل قلبك؛ كونك كويتياً».
وأشار بورسلي إلى دور الرياضة في السياسية، قائلاً «في عام 1970، اتجه أول فريق أميركي إلى الصين للقاء مع فريق صيني يلعب تنس طاولة، إذ منذ عام 1950 كانت هناك قطيعة بين أميركا والصين إلى 1970 ولاتوجد علاقات دولية»، مضيفاً «بحسب وجهة نظري، هذا تخطيط أميركي لعودة العلاقات عن طريق منحى تنس الطاولة، وهي اللعبة التي تشتهر بها الصين حيث عادت العلاقات عام 1971، وهذا ما تفعله الرياضة في السياسة، وهي عنصر مهم في تقريب سياسات الدول».
ولفت إلى أن «قيم المواطنة، في التفاني والعمل بروح الجماعة واحترام الرموز هذه نابعة من الدين الإسلامي، وبالتالي عند تطبيقها على أرض الواقع على الرياضي فهو يتعلمها من خلال مدير الفريق وزملائه والمنافسات»، مبيناً أن «الرياضة تقرب أكثر مما تبعد، خصوصاً على المدى السياسي».
وانتقد بورسلي عدم تطور مراكز الشباب لتطوير المجتمع، داعياً إلى تحويلها إلى صالات للرياضات أو ملاعب لمباريات المدارس، مؤكداً أن القيم الموجودة للمواطنة في الرياضة يجب أن تعزز بشكل أكبر على الرياضيين.
صورة ناصعة للولاء
سرد حسين المكيمي قصة عن الولاء، فقال «يؤذينا كرياضيين أن الولاء موجود لكن لا يوجد أداء أو فوز»، مردفاً «عندما أخذنا بطولة الخليج، استغرق وصول الباص من المطار إلى العديلية 6 ساعات، أليس هذا ولاء؟ لكن يجب أن تكون هناك نتائج وفوز يعزز هذا الولاء».
وشدد على أن «المواطنة الصالحة ليست وليد لحظة، بل هي منذ الصغر، ولابد على الجميع حتى المسؤول أن يكون مواطناً صالحاً يهتم بجميع الجوانب حتى نقول إن هذا مجموع تراكم قيم إيجابية، أنتجته الدولة بطريقة صحيحة».
هكذا الرياضة تجمع
أشار عبدالرضا عباس إلى موقف للشهيد فهد الأحمد في جمع الفريقين الإيراني والعراقي على أرض الكويت، إبان الحرب بين البلدين، وقال إن «الشهيد فهد الأحمد الرجل الرياضي العملاق الذي كنا نتوسم فيه أن يكون قائداً من قادة الرياضة في العالم، كرئيس لجنة أولمبية، وكان هذا طموحنا، في عام 1989 جمع الفريقين الإيراني والعراقي على أرض الكويت، وكان البلدان وقتئذ في عز الشقاق».
وأضاف «كان هناك شهداء بين الطرفين وحرب ضروس لمدة 8 سنوات، وأتى هذا الرجل الكويتي وقدم لهم القرآن، وقال هذه علاقتكم المفترضة، وهذا القرآن يجمعنا».
الرياضة تُوقِف الحرب
استذكر فيصل بورسلي قصة عن تأثير الرياضة في السياسة، فقال «في عام 2005 تأهل منتخب ساحل العاجل إلى نهائي كأس العالم، وكان البلد وقتها يعيش حرباً أهلية طاحنة، وقام لاعب المنتخب ونادي تشيلسي ديدييه دروغبا مع رفاقة بتصوير فيديو يخاطبون بلدهم قال فيه «وصلنا إلى كأس العالم، وهذا ليس بالأمر السهل، واليوم نريد تضافر الشعب معنا». فتوقفت الحرب الأهلية حتى يشاهدوا منتخبهم ولاعبيهم في هذا المحفل الدولي، وهذا ما تفعله الرياضة في الدول».
أهمية الرياضة المدرسية
انتقد بورسلي عدم الاهتمام بالرياضة المدرسية، مشيراً إلى أنه «في الكويت لدينا ما يقارب 1150 مدرسة منها 900 حكومية و200 خاصة، وهذه المدارس لا تستخدم في المساء للأندية»، لافتاً إلى أن «المدرسة الأميركية عظيمة في الرياضة، لأن ولاء الطالب لمدرسته، وجمهور الجامعات الأميركية أكثر من جمهور كرة القدم في الكويت»، مؤكداً أهمية أن تكون الرياضة منبعاً من مراحل الدراسة.
الرياضة والقيم الدستورية
قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور عبدالله سهر، إن «الرياضة بطبيعتها تجمع ولا تفرق، وهي تجسد القيم الدستورية في التكافل والتسامح». وأضاف «أهم شيء خلق الشعور الجميل لدى الفريق الذي يتضمن جميع أطياف المجتمع، وكذلك خلق شعور جميل لدى الجمهور»، مبيناً أن «الرياضيين اليوم لديهم رسالة سامية، فالرياضة يفترض أن تسيطر على السياسة وتغرس الأخلاق في السياسة».