قيم ومبادئ

صناعة المحتوى

تصغير
تكبير

صناعة المحتوى، مفهوم واسع يشمل عملية إستراتيجية في توليد الأفكار وبلورتها – المرئية والمسموعة – ونشرها بين الجمهور وهذه مهمة أصحاب الفكر الذين زكت نفوسهم بحمل قيم الإسلام ورايته، وفهموا الواقع وما هو الواجب فيه ولا نؤيد من يقول إن الظروف اليوم غير مهيأة ولا من يقول بنظرية (المرشد العام أو مرشد الثورة) وبتأثير الفرد الأوحد... وإنما نقصد إيجاد الشخصية المؤهلة لحمل التكاليف... تكليف النهوض مجدداً من خلال مشاركة جميع من كان قادراً ومؤهلاً وعالماً بمكونات المجتمع متبعاً الحكمة والتدرج ومراعاة مستوى عقول الناس ومدى استعدادهم.

ولكن أتدرون لماذا فشل كتّاب هذه الأمة عن إصلاحها؟ على الرغم من ملايين من أطنان الكتب تقذفها المطابع!

لأنهم يظنون أنه يجب عليهم اتباع (ما يطلبه المستمعون) وأنهم ما زالوا جالسين في مدرجات الملاعب والمسارح والسينما وخلف كواليس وسائل التواصل ومتابعة المشاهير يتلقون عنهم أساليب (ألّا تكتب إلا ما يُملى عليك) مع دروس البلاغة والبيان، فترى الواحد منهم يكتب المقالة وهمُّه المالئُ قلبَه أن يُعجِبَ اللغويين أو يطرِبَ الأدباءَ أو يُضحِّك الظرفاء... ولا يضع في قلبه ولا مقاصده أن يتفقّد آلام الأمة ومواجعها ثم يتخيّر المسلك الذي يريد أن يسلكه إلى قلوب الناس الذين يقولون إنه يثقفهم أو يعظهم أو ينصحهم ويهذبهم ليعلم كيف ينفذ إلى قلوبهم وتتقبله نفوسهم، وتالياً يملِك ناصية عقولهم فيعول بها عن ضلالها إلى هداها وعن غيّها إلى صلاحها.

ومما يؤسف له أن يتولى صناعة المحتوى التافهين لتسويق ثقافة الاستهلاك... وعلى حدّ المثل الشامي (شاب رياضي والبيت فاضي) فمثله كمثل الفارس الكذاب فتراه كل يوم حاملاً سيفه إلى الجواهرجي يرصع قبضته... أو الحداد ليشحذ له حدّه أو الصفّار ليجلو له صفحته... ولا تراه في ساحة الحرب ضارباً به!

فقد يكون الولع برضاء الناس والخوف من سخطهم... هو ما جعل الأقلام عقيمة والنوايا سقيمة؟ فالنتائج كانت وخيمة؟

فلو كانت الفضيلة هي الخلق المنتشر فيهم والغالب على أمرهم حتى يُعرض المرء نفسه على الفضيلة ذاتها من حيث هي لا من حيث تشخُّصها في أفعال الناس وأقوالهم فإذا استوثق منها وعلِم أنها قد خالطت كيانه وآنس منها رشدَهُ وأخذت مستقرها ومستودعها من قلبه جعلها ميزاناً يزن به أقواله وأفعاله كما يزن به أقوال الناس وأفعالهم، ثم لا يبالي بعد ذلك أرضوا عنه أم سخطوا عليه أو أحبوه أم بغضوه...

وتأسيساً على هذه المقدمة أقول (أصلح نفسك أولاً ثم غيرك) واعرف أولويات المرحلة وابدأ بالأهم واقرأ في سيرة الأنبياء والرسل عليهم السلام، وكيف صنعوا المحتوى الملائم للعصر وتالياً نهضوا بأممهم.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي