«الراي» استطلعت آراء عدد من المختصين حول عوامل تفوّقه
المسرح الكويتي... «قنّاص» الجوائز
تعتبر الحركة المسرحية في الكويت من أقدم الحركات المسرحية في منطقة الخليج العربي، إذ يعود تاريخها إلى العشرينات من القرن الماضي حينما قدم المؤرخ عبدالعزيز الرشيد أول عرض مسرحي باللغة العربية الفصحى من تأليفه. أما في العام 1939، فأتت مسرحية «إسلام عمر» على خشبة المدرسة الأحمدية، ليقدم بعدها مجموعة من الشباب مسرحية «حرب البسوس» مطلع أربعينات القرن الماضي.
ومنذ ذلك الوقت بقي المسرح الكويتي متسيداً في المنطقة ومحافظاً على ريادته، حيث استطاع جيل الشباب المسرحي أن يحصد الجوائز والمراكز الأولى دائماً خلال مشاركاته الخارجية، والتي غالبيتها تكون الرئيسية منها.
«الراي»، استطلعت آراء عدد من المختصين في مجال المسرح من الدكاترة والنقاد والكتّاب، الذين أوضحوا العوامل والأسباب التي تقف وراء تصدّر عروض المسرح الكويتي في المنافسات الخارجية، سواء كانت في دول الخليج العربي أو في البلدان العربية حتى، و«قنصه» في كثير من الأحيان لأهم الجوائز.
نرمين الحوطي: «صحوة ثقافية مسرحية»
رأت الدكتورة نرمين الحوطي، عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للفنون المسرحية، قسم النقد والأدب المسرحي، أن «أبناء المسرح الكويتي مواكبون لجميع المهرجانات المحلية والخليجية والعربية وصولاً إلى العالمية منها، وأجزم أن اطلاعهم الدائم وتواجدهم في العروض المسرحية والندوات من شأنه أن ينمّي لديهم الفكر المسرحي بكل ما يحتويه من تطورات، وأن يثري معرفتهم وثقافتهم».
وتابعت: «إلى جانب ذلك، وباعتقادي الشخصي، أرى أن جيل الشباب المسرحي في الكويت لديه تصميم وإرادة كبيرة جداً بالمحافظة على المستوى المسرحي والريادة التي بناها صنّاع المسرح في الكويت، لهذا تراهم دائماً مستمرين في العطاء دون كلل أو ملل».
واستطردت في قولها: «يسعدني كثيراً عندما تتم الاستعانة بشبابنا وطاقاتنا المسرحية في عروض الافتتاح والختام الخاصة بالمهرجانات المسرحية الخليجية، حتى ان البعض من فرقهم المسرحية يستعين بهم في عروضهم الخاصة، ومقصدي من ذلك القول إنهم دائماً متواجدون في الصورة، ما جعلهم على دراية تامة بما هو مطلوب في المهرجانات لتحقيق النجاحات دائماً».
وختمت بالقول: «من خلال (الراي)، أود توجيه الشكر الجزيل إلى جيل الشباب الذي يدير الحركة المسرحية بكل أمانة، فهم حريصون على حضور المهرجانات كافة أينما كانت، حتى لو على نفقتهم الخاصة، في سبيل التطوير من أنفسهم، ليعود بالنفع على المسرح الكويتي، وهذا الأمر يشعرك فعلاً بأنهم يمتلكون الصحوة الثقافية المسرحية».
فهد السليم: تسيّد الموقف المسرحي
قال الدكتور فهد السليم، عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للفنون المسرحية، قسم التمثيل والإخراج المسرحي إن «الكويت ما زالت تحتفظ برونقها، وما زالت تتسيد الموقف المسرحي الجاد في المهرجانات المحلية والخليجية والعربية، والدليل على كلامي ليس حصدنا للجوائز فحسب، بل أيضاً الاستعانة بالكثير من الدكاترة والأساتذة المتخصصين ليكونوا من ضمن لجان التحكيم أو حتى ترؤسها، وهو دليل على سمعة المسرح في الكويت. أتمنى فعلاً أن نكون خير سفير لبلدنا من الناحية الثقافية في جميع كل المحافل».
وأضاف: «سمعة المسرح الكويتي تسبقنا منذ القدم، وهذا ليس كلامي الشخصي، بل هو كلام الكبار والمخضرمين وكل من سبقني في هذا المجال، فالجمهور العربي ينتظر ويتشوق دائماً لحضور عروضنا المسرحية بفارغ الصبر».
وتابع: «دائماً أردد على مسامع طلبتي في المعهد العالي للفنون المسرحية مقولة (الوصول إلى القمة صعب، لكن الأصعب هو المحافظة عليها)، وأجزم أن جيل الشباب المسرحي (قدها وقدود) وسيكمل المشوار محافظاً على هذه السمعة الطيبة. ومن خلالكم، أبارك لكل من حصد الجوائز في المحافل الخارجية ورفع راية الكويت».
بدر محارب: إرث كبير
اعتبر الكاتب والناقد المسرحي بدر محارب، أن «حصول المسرحيات الكويتية على الجوائز في المحافل الخارجية لم يأتِ من فراغ، لأن المسرح الكويتي يحمل إرثاً كبيراً، وعمره وصل إلى الـ 100 عام. فأول نص مسرحي (محاورة إصلاحية) كُتب في العام 1924 للمؤرخ عبدالعزيز الرشيد، بعدها جاء المسرح الارتجالي لتعطش الجمهور الكويتي وحبهم للمسرح، فظهر - على سبيل المثال - أيام دراسة أحمد مشاري العدواني وحمد الرجيب في القاهرة في حقبة الأربعينات من القرن الماضي في بيت الكويت الذي يجمع الطلبة، وكتبا مسرحيات بالفصحى قُدّمت في مصر».
وأكمل «وفي الخمسينات ظهر الرائد محمد النشمي برفقة عقاب الخطيب وعبدالرزاق النفيسي وحسين الحداد وغيرهم وقدموا مسرحيات ارتجالية اجتماعية، ثم انتقل إلى الاطار العلمي مع استقطاب زكي طليمات، ومنها تطور المسرح وظهرت فرقة المسرح العربي التي أسّسها طليمات، ثم ظهرت بقية الفرق الأهلية، ليتم إنشاء معهد الدراسات المسرحية الذي تحول لاحقاً إلى المعهد العالي للفنون المسرحية، ثم ظهور الفرق الخاصة والمسرح الطليعي ومسرح الفرقة الوطنية».
وأردف: «كل هذه المسيرة بالتأكيد ستكون دافعاً وحافزاً وإرثاً للأجيال التي أتت في ما بعد، فالمسرحي الكويتي عندما يقدم أي عمل، سواء كان ذلك في الداخل أو الخارج، فهو يعلم ما الذي يقدمه، كما يعلم أسرار المسرح، سواء العربي منه أو العالمي من خلال الاطلاع الدائم».
خالد رمضان: لدينا سوابق وتجارب مثمرة
من جانبه، رأى الكاتب والناقد المسرحي الدكتور خالد عبداللطيف رمضان أن هذا الأمر ليس بالغريب على العروض الكويتية، قائلاً: «أن يفوز العرض الكويتي أخيراً ضمن فعاليات (مهرجان الخليج) بدورته الأخيرة والذي أقيم في الرياض ليس غريباً أبداً، والسبب أن المسرح الكويتي عبر تاريخه أثبت وجوده في المحافل العربية والمهرجانات التي كانت تُقام في دمشق وبغداد وقرطاج ودول الخليج قاطبة وغيرها، وهذا يرجع إلى تميز المسرح النوعي الكويتي».
وأكمل: «لدينا في الكويت نوعان من المسارح هما الجماهيري والنوعي، فالجماهيري عادة لا يُشارك في الخارج بالمهرجانات على عكس النوعي الذي تأتي مشاركته من خلال الفرق المسرحية الأهلية، وعبر تاريخ المسرح في الكويت نجد أن تلك الفرق الأهلية جميعها قد تميزت بمشاركاتها بالمهرجانات العربية المختلفة، وكان لها حضور وإقبال جماهيري وردود فعل طيبة، حتى إذا لم تفز بالجوائز. ومع ذلك كانت تحصد الجوائز سواء على مستوى العروض، أو على مستوى الجهود الفردية بالإخراج أو التأليف أو التمثيل أو في السينوغرافيا وما إلى ذلك».
وختم بالقول: «لهذا، ليس غريباً أن نحصد الجوائز كوننا لدينا سوابق وتجارب مثمرة، فالمسرح الكويتي لديه تاريخه وحضوره على مستوى الساحة العربية منذ أيام الراحل صقر الرشود ثم الراحل فؤاد الشطي، ثم بعد ذلك أتى مجموعة من الشباب ممن يتصدون للمسرح. في الكويت كوادر مسرحية كثيرة وعديدة تعمل بمختلف مجالات المسرح، نعوّل عليها في الارتقاء بالمسرح الكويتي، ونأمل منهم المزيد من التميز والحضور وحصد الجوائز».
خليفة الهاجري: يعكس إيمان الدولة بالمسرح
قال الدكتور خليفة الهاجري، عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للفنون المسرحية، قسم الديكور المسرحي، «لدينا فعلاً شباب مسرحي ذو خامة رائعة وجدية ومهنية عالية. وعلى الصعيد الشخصي، فخور بهم جميعاً، إذ لم يخيّبوا آمالنا أبداً. وهناك عوامل عدة ساهمت بشكل كبير في تحقيق الشباب الكويتي المسرحي والعروض الكويتية لهذه الإنجازات في المهرجانات الخليجية على وجه الخصوص، ومن أهمها امتلاكنا لصرح أكاديمي مثل المعهد العالي للفنون المسرحية، والذي يضخ في كل عام دماء مسرحية جديدة في الداخل والخارج، لذا أرى أن الكويت قد تميّزت في صناعة المسرح أو إن صحّ التعبير حرفية المسرح».
وتابع «أما إن تحدثنا عن المنافسة خارج إطار مهرجانات الخليج العربي، فأرى أن العروض المسرحية الكويتية تنافس وبقوة، لكنها في الآونة الأخيرة أصبحت في تراجع بسيط بسبب عدم مشاركتنا ضمن منافسات عربية، ما عدا تواجدنا في مهرجان قرطاج، والذي يشارك فيه في كثير من الأحيان المخرج المسرحي سليمان البسام، والذي يغلب على عرضه الطابع الغربي».
وأردف الهاجري «لا يمكن أن أنسى الدعم الحكومي وإيمان الدولة بالمسرح قد شجع إلى وجود هذا التفوق، وهذا لا يعني أن بقية الدول لا يوجد لديها إيمان بالمسرح، لكنه لم يكن من ضمن أولوياتها على عكس ما يحصل اليوم من نهضة مسرحية في دول الخليج».
كما لم يغِب عن الهاجري «الإشادة بالدعم الدائم والمستمر اللوجيستي والمعنوي والمادي من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب للفرق الأهلية الأربعة في الكويت».