بنوك الخليج سارت على خطى «الفيدرالي» و«المركزي» يضغط على زناد التحوّل تدريجيّاً

بعد خفض الفائدة... متى تنشط القروض وأين يستثمر الأفراد والشركات أموالهم؟

تصغير
تكبير

- أهم تداعيات خفض الفائدة انتهاء التشدّد النقدي وتحوّل السلوك الائتماني
- الشركات على خط الفرحين بخفض الفائدة لهيكلة ديونها أو التمويل مجدّداً
- العقار والأسهم والسيارات والذهب والاستثمارات المتوسطة أبرز الرابحين
- هجمة القروض لن تبدأ مبكراً لكن الجميع بدأ التأهل للاقتراض
- الأفراد والشركات عموماً مستفيدون من خفض الفائدة

خفّض الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة أول من أمس بواقع 50 نقطة أساس للمرة الأولى منذ 4 سنوات، في تحوّل كبير ومفاجئ عن سياسته المتشددة، فيما جارته البنوك المركزية في منطقة الخليج بخفض مشابه، باستثناء بنك الكويت المركزي الذي قرّر خفضاً بربع نقطة، ضمن سياسته المتدرجة في تحديد اتجاهات الفائدة، ما يذكي التوقعات بعودة النشاط للقروض، والتي تشهد تباطؤاً منذ بداية 2024 بمعدل نمو يُقارب 3.7 في المئة.

وعملياً شرع قرار خفض الفائدة، الذي يمثل نقطة تحوّل رئيسية للسياسة النقدية المتشددة عالمياً منذ 2020، الباب واسعاً لجملة أسئلة مستحقة، أبرزها متى تبدأ عجلة الاقتراض في الدوران بمعدلات ما قبل 2020، وأين سيستثمر الأفراد والشركات قروضهم بعد أن بدأت البنوك المركزية في التخلي عن فرض تكاليف مرتفعة للاقتراض في محاولة لترويض التضخم؟

للتبسيط وبعيداً عن أي تعقيد، يعني خفض الفائدة انخفاض تكلفة الأموال، فما سيقترضه الشخص أو الشركة من أموال بعد القرار ستكون تكلفته أقل من قبل القرار، لكن مع خفض محلي ربع نقطة يكون الفارق محدوداً، ولا يُشكّل اعتبار جذب قوياً لمترقبي القروض.

لكن هذه الإجراء يمثل في المقابل بداية التحوّل في السلوك الائتماني المتباطئ منذ فترة طويلة للأفراد والشركات، والتأهل لمرحلة مقبلة أكثر نشاطاً للقروض، خصوصاً مع بدء تتابع خفض الفائدة، والمتوقع تكراره قبل نهاية 2024، حيث يمكن القول إن هجّمة القروض لن تبدأ مبكراً، لكن الجميع بدأ التأهل للاقتراض.

وأثناء ذلك تعود إلى الواجهة جملة خيارات تمويلية واستثمارية موجهة للأفراد والشركات، شهدت أعمالها تباطؤاً الفترة الأخيرة بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، لعل أبرزها التالي:

1 - العقار، والذي يبرز في مقدمة الخيارات الاستثمارية التي تحل محلياً محل الودائع دائماً، لكن ما يتعيّن الإشارة إليه أن الفترة من دورة تخفيف الفيدرالي لاتزال مبكرة، ولن تقود كويتياً إلى هجرة عكسية مباشرة للودائع إلى العقار، لاسيما أن الخفض المقرر محلياً لايزال بربع نقطة، وهو معدل غير محفز ليكون نقطة مثالية للضغط على زناد التحول، لاسيما وأن فوائد الودائع لاتزال مناسبة قياساً إلى عوائد تأجير العقارات لدى شريحة كبيرة من المستثمرين الأفراد، تتفادى التعرّض لمتاعب الإدارة، خصوصاً بعد تحميلها بتكاليف الصيانة.

يذكر أنه حسب بيانات بنك الكويت المركزي سجلت التمويلات العقارية صعوداً بـ1.8 في المئة وبنحو 67.6 مليون دينار لتصل 3.743 مليار، كما زاد تمويل الإنشاء 66.1 في المئة وبنحو 639.9 مليون إلى 1.607 مليار، وارتفع رصيد القروض العقارية 3.3 في المئة وبنحو 321.8 مليون إلى 10.06 مليار.

2 - سوق الأسهم، هناك قاعدة استثمارية قديمة في الكويت، مفادها بأن الأسواق الرئيسية الثلاثة موزعة على الودائع، والعقارات والأسهم، وكلما ضعف مسار، يتنامى القطاعان المقابلان، ومن ثم يرجح خفض الفائدة باستفادة القطاعين العقاري والأسهم.

بالطبع هذه القاعدة صحيحة من الناحية النظرية، لكن عملياً تأثير خفض الفائدة محدود أقله في المرحلة الأولى.

وباعتبار أن تكاليف الاقتراض الأرخص تُشكّل حافزاً رئيسياً عند شراء سهم أو منزل، فقد تدفع المعدلات الحالية للفائدة والتي لاتزال عالية إلى إبطاء إعادة انتشار الأموال إلى القطاعات البديلة، حتى إشعار آخر وبرسم مزيد من الخفض المشجع، والأهم استقرار سوق الأسهم.

وحسب بيانات بنك الكويت المركزي سجلت التمويلات المقدمة لشراء الأوراق المالية ارتفاعاً خلال الأشهر الـ7 الأولى من 2024 نمواً بـ70.2 في المئة وبنحو 445.7 مليون دينار إلى 1.08 مليار، كما ارتفع الرصيد التراكمي لتلك التسهيلات 3.5 في المئة وبنحو 122.6 مليون إلى 3.626 مليار.

3 - السيارات والسلع الاستهلاكية، فبخلاف الاقتراض بغرض شراء عقارات أو أسهم، يزيد وهج المعدلات المنخفضة للفائدة زخم شراء السيارات وغيرها من السلع الاستهلاكية التقليدية، الذي سجل الأقبال عليها تراجعاً الفترة الماضية، ويرجع ذلك جزئياً إلى ارتفاع أسعار الفائدة، ولذلك يفترض أن يساعد خفض الفائدة ولو بربع نقطة، إلى زيادة التكهنات المتفائلة بإمكانية عودة النشاط الكبير إلى سوق السيارات والسلع الاستهلاكية، بالتدريج.

4 - الاستثمارات المتوسطة والصغيرة ذات التدفقات النقدية، وفي هذا الخصوص يفتح مسار خفض الفائدة فرصة جديدة للمبادرين فتح بعض المشاريع التي كان يتم تجنبها بسبب ارتفاع تكلفة الاقتراض، أخذاً بالاعتبار أن بداية النشاط الفعلي لمثل هذه النوعية من النشاطات، وتحديداً التي تحتاج إلى رؤوس أموال صغيرة سيكون بقدر انخفاض تكلفة الأموال.

5 - الذهب، والذي يكتسي أهمية خاصة في ظل التطورات الجيوسياسية في مناطق مختلفة من العالم، حيث يزيد الإقبال على أصول الملاذ الآمن، كما انه وباعبتار أن الذهب يشترك مع الدولار في علاقة عكسية مع بعضهما البعض، يفترض أن يوزاي انخفاض قيمة الدولار المسجل عقب قرار خفض الفائدة أول من أمس، ارتفاع الطلب على الذهب، وبالتالي يكون مرجحاً زيادة التوجه للاقتراض من أجل تمويل عمليات شراء إضافية لهذه السلعة مدفوعة بخفض الفائدة والدولار.

6 - تدخل الشركات عموماً على خط الفرحين بخفض الفائدة، خصوصاً التي تحتاج لإعادة هيكلة مديونياتها، أو حتى التي تسعى للحصول على تمويلات استثمارية جديدة، حيث سيؤدي أي خفض لخفض ديونها ومن ثم زيادة نشاط القروض بين الشركات، بعد أن كانت توقعات خفض الفائدة سبباً في تأجيل العديد من قرارات إعادة الهيلكة والقروض الجديدة.

هل ستتأثر أرباح البنوك بخفض الفائدة؟

عموماً لا يُمكن تجاهل التأثير السلبي لخفض الفائدة على إيرادات البنوك، لكن هذا الأثر محدود جداً، خصوصاً في نطاق الربع نقطة، والنصف نقطة مئوية.

إضافة إلى ذلك يُمكن القول إن التوازن المقرر بين خفض فائدة القروض وفائدة الودائع، يُضيّق هامش الأثر السلبي كثيراً، بل يُمكن الإشارة إلى أنه يُسهّل مصرفياً تعويض هذه الخسارة غير المحققة من خفض الفائدة إذا زاد نشاط التمويل، وزاد حجم الإقراض، حيث في هذه الحالة سيكون أفضل للبنوك منح قروض أكثر بفائدة أقل.

البنوك المركزية المخفّضة للفائدة بالتتابع

عقب قرار «الفيدرالي الأميركي» خفض الفائدة نصف نقطة مئوية، قررت الدول المصدرة للنفط والغاز في منطقة الخليج السير على الخطى نفسها،، باستثناء الكويت، نظرا لأن عملات تلك الدول مربوطة بالدولار، فيما يرتبط الدينار بسلة عملات منها الدولار، وإلى ذلك قررت بنوك الخليج المركزية خفض الفائدة نصف نقطة، والكويت ربع نقطة، وهي كالتالي:

1 - البنك المركزي السعودي خفّض معدل اتفاقية إعادة الشراء (الريبو) 50 نقطة أساس إلى 5.5 في المئة، وخفض معدل اتفاقية إعادة الشراء المعاكس (الريبو العكسي) 50 نقطة أساس إلى 5 في المئة.

2 - خفّض مصرف الإمارات المركزي سعر الأساس على تسهيلات الإيداع لليلة واحدة بواقع 50 نقطة أساس، لتصل 4.9 في المئة، من 5.4 في المئة.

3 - خفّض البنك المركزي القطري 3 أسعار فائدة رئيسية بمقدار 55 نقطة أساس لكل منها.

4 - البحرين خفّضت سعر الفائدة على الإيداع لليلة واحدة 50 نقطة أساس.

5 - البنك المركزي العُماني خفض أسعار الفائدة 50 نقطة أساس إلى 5.5 في المئة.

6 - بنك الكويت المركزي خفّض سعر الخصم بواقع ربع نقطة مئوية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي