رؤية ورأي

ما بعد فسخ عقد «عافية - 3»

تصغير
تكبير

البيان الأوّل الذي صدر من وزارة الصحة في يوم الخميس الماضي بشأن قرار وقف خدمات التأمين الصحي «عافية-3»، أثار العديد من التساؤلات والتعقيبات، المؤيّدة والمعارضة للقرار من حيث المبدأ والمبرّرات والإجراءات والخطوات.

بعيداً عن رأيي في القرار، أثني على تبنّي الوزارة الشفافية في شؤون القرار، من خلال إصدار بيانين رسميّين بشأن القرار وحيثيّاته، وأيضاً تعميم رقم هاتف مركز الاتصال التابع للوزارة (151) كنافذة للرد على استفسارات المواطنين بشأن القرار وتبعاته. ولكنّني في الوقت ذاته، أرى أنّ مستوى الشفافية الذي تبنّته الوزارة متدنٍّ، دون الحد الأدنى المطلوب خلال فترة غياب مجلس الأمّة.

لذلك، أدعو المتحدّث الرسمي باسم وزارة الصحة الدكتور عبدالله السند، إلى عقد مؤتمر صحافي حضوري لعرض حيثيات القرار – وقرار مجلس الوزراء – بشأن التأمين الصحّي، أمام ممثلي وسائل الإعلام الرسمية، وللرد على استفساراتهم. وفي حال وجود محاذير قانونية لدى الوزارة تحول دون عقد المؤتمر حضورياً، أقترح عقده إلكترونياً عبر منصّة البريد الإلكتروني لضمان تجنّب هذه المحاذير.

كثيرة هي الأسئلة والاستفسارات المتوقّعة أثناء انعقاد المؤتمر الصحافي، ولكنّي سأكتفي بالإشارة إلى اثنين منها.

السؤال الأوّل حول إمكانية توقيع عقود تعاون مباشر بين وزارة الصحة وبين عدد من المستشفيات والعيادات الصحية التي كانت مشمولة في «عافية-3»، للتعاون خلال فترة وقف العمل بأحكام قانوني التأمين الصحي رقم 114 لسنة 2014 ورقم 71 لسنة 2023، وفق مبدأ تبادل المنافع بين الطرفين (Win-Win Situation)، لكي تستمر هذه المستشفيات في استقبال المتقاعدين – ومن في حكمهم – بنفس شروط «عافية-3»، ولكن بتكلفة مخفّضة بنسبة «كبيرة». وذلك من أجل تقليل أعداد المرضى المتقاعدين الذين سوف يراجعون المستشفيات الحكومية من جانب، ومن جانب مقابل تقليل الخسائر المنظورة على المستشفيات والعيادات الخاصّة خلال الفترة الموقّتة.

أمّا السؤال الثاني فهو بشأن موقف الحكومة (بوزاراتها وهيئاتها) الحالي (بعد صدور قرار مجلس الوزراء وقف العمل بأحكام قانوني التأمين الصحي) من التأخير الطويل في تشغيل مستشفيات ومستوصفات شركة مستشفيات الضمان الصحي«ضمان». الشركة التي تأسّست بموجب قرار وزير التجارة والصناعة رقم 376 لسنة 2014، بهدف توفير الرعاية الصحية لحوالي مليوني وافد (حملة الإقامة وفق المادة 18 وعائلاتهم) عوضاً عن المستشفيات الحكومية. فاليوم، بعد قرار توجيه المرضى المتقاعدين نحو المستشفيات الحكومية، تضاعفت الضرورة والأولوية لتوجيه الوافدين نحو مستشفيات «ضمان»، الجاهزة للافتتاح الرسمي منذ فترة طويلة.

ومن باب إظهار أهمية السؤال الثاني، أشير إلى أمرين. الأول هو أن قرار تأسيس شركة مستشفيات الضمان الصحي صدر بناءً على دراسات تفصيلية مولتها الهيئة العامة للاستثمار أثبتت أن «ضمان» سوف تعزز الاستدامة المالية للدولة. والأمر الثاني هو أن 50 في المئة من أسهم «ضمان» يجب أن تُطرح للمواطنين في اكتتاب عام. ويفترض أن يُخفّف هذا الاكتتاب من كآبة أزمة «عافية-3».

وفي الختام، وفي مقابل الإشارة إلى تدنّي مستوى الشفافية، لابد من الإشارة إلى الجانب الإيجابي في أداء الحكومة بأزمة «عافية-3»، وهو جانب الشجاعة والحزم في اتخاذ القرار، على عكس العادة التي سادت على مدى عهود طويلة، وهي التردّد في اتخاذ القرارات المماثلة بسبب التخوّف من التبعات، خصوصاً إذا كانت العقود متعلّقة بخدمات للمواطنين. علماً بأن في «عافية-3» الطرف المقابل للحكومة ثقيل لكونه شركة محليّة كبيرة وعريقة ومسنودة بقوّة من قبل شركة غربية مرموقة (تمتلك ما يزيد على 97 في المئة من أسهم الشركة المحليّة). ومن أجل الصالح العام، أدعو الحكومة إلى الاستمرار في ممارسة الحزم، بدءاً في تشغيل «ضمان»...

اللهمّ أرنا الحقّ حقاً وارزقنا اتباعه.

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي