السفير الإيراني أصيب بجروح وسقوط نجل نائب من الحزب وإصابة أبناء مسؤولين رفيعي المستوى

إعصار أمني يضرب «حزب الله»... صفقة «بيجر» ملغوم انفجرت بالآلاف

تصغير
تكبير

- «حزب الله» يحمّل إسرائيل «المسؤولية الكاملة» ويتوعّد بالقصاص
- القناة 12 تتحدّث عن «عملية تحت الحزام»
- الانفجارات وصلتْ إلى دمشق... وسقوط العديد من الجرحى
- إسرائيل تعلن إحباط محاولة «حزب الله» اغتيال رئيس أركان سابق
- بيروت تدين «العدوان الإسرائيلي الإجرامي... يُشكل خرقاً خطيراً للسيادة اللبنانية»

«إعصارٌ أمني»... هذا أقلّ ما أمكن وصْفُ تسونامي «انفجارات الأشخاص» التي تَدَحْرَجَتْ أمس في عموم خريطة وجود «حزب الله، في لبنان وصولاً إلى سورية، وعناصر له مزوّدين بـ «أجهزة نداء» (البيجر) حوّلتْها إسرائيل بخرقٍ غير مسبوق إلى عبواتٍ «قصفت» حامِليها وانفجرتْ بأيديهم ما تسبَّب بسقوط أعداد هائلة من الإصابات«فاقت القدرة على إحصائها» وبينها السفير الإيراني في بيروت مجتبى أماني (إصابته طفيفة) واثنان من موظفي السفارة.

ومنذ قرابة الثالثة والنصف من بعد ظهر أمس، بدأت «العاصفة» الدموية التي أفيد بدايةً بأنها وقعتْ في الضاحية الجنوبية لبيروت، مع ظهور عشرات الأشخاص «ينفجرون» ويقعون أرضاً في أماكن عامة، ليتضّح تباعاً أن ما تَطايَرَ بهم كان أجهزة pager تُحمل باليد أو توضع على الخصر وقد تُحمل في حقيبة، وهو نظام اتصالات لاسلكي قديم ينقل رسائل مختصرة ويمكن أن تكون مشفّرة وشكّل بديلاً اعتقد الحزب أنه آمِن لشبكة الخلوي التي اخترقتها إسرائيل في شكل كبير بعد عملية «طوفان الأقصى» وكانت «الخاصرة الرخوة» التي أفتى السيد حسن نصرالله، بالتنبه إليها وحظْر استخدام الجوّال و«دفنه في صندوق... فهو العميل».

وتباعاً تَكَشَّف هول الاختراق ورقعته الواسعة في الضاحية الجنوبية والبقاع والجنوب وغيرها من مناطق يحمل فيها عناصر الحزب هذا الجهاز، قبل أن يُعلن على وقع طوارئ صحية في لبنان في كل المستشفيات التي فاضت بمئاتِ الإصابات (وبعضها بليغ) وحال ذعر بين السكان، عن أن الانفجارات نفسها وصلتْ إلى العاصمة السورية التي تَقاطر إلى المستشفيات فيها ومحافظة ريف دمشق، أكثر من 14 جريحاً، وأن أحد الأجهزة انفجر داخل سيارة كانت تسير على الطريق قرب حي كفرسوسة.

«عملية تحت الحزام»

وفيما كانت اسرائيل تفرض «حظر كلام» على مسؤوليها في ما خص الحدَث الأكبر في سياق حرب المشاغَلة المفتوحة في جنوب لبنان منذ 8 أكتوبر الماضي، وسط مشاوراتٍ مكثّفة في تل أبيب على أعلى مستوى سياسي - أمني - عسكري وإطلاق القناة 12، اسم «عملية تحت الحزام» عليه، وعلى وهج استنفار كل الطواقم الطبية في لبنان والنداءات العاجلة للتبرع بالدم إلى المستشفيات ونَصْبِ خيمةٍ في الضاحية الجنوبية لهذا الغرض، تطايرت من قلب غبار «غارات البيجر المتزامنة» سلسلة أسئلة أبرزها:

- حصيلة هذه العملية التي كانت ترتفع في شكلٍ سريعٍ من مئات إلى أكثر من 2800 وما لا يقلّ عن 9 ضحايا، بينهم طفلة، وفق أرقام أولية لوزارة الصحة اللبنانية، وسط علامات استفهام كبرى حيال الرقم النهائي ولا سيما في ظل تقديراتٍ بأن حاملي هذه الأجهزة هم أيضاً من العناصر الذين ربما يتحصّنون في أنفاق، ناهيك عن مستوى الكوادر أو قادة «حزب الله» المزوّدين بـ «بيجر».

وفي حين أفيد بأن نجل نائب «حزب الله» علي عمار سقط في هذه الانفجارات وجُرح نجل النائب حسن فضل الله واثنان من أبناء مسؤول وحدة الارتباط في الحزب وفيق صفا، علمت «الراي» أن عدد الضحايا يتجاوز 15 من الحزب، ناهيك عن مدنيين بينهم الطفلة التي لا يتجاوز عمرها 10 سنوات، وأُعلن أنها قضت في بلدة سرعين البقاعية، بعد انفجار جهاز كان بجانبها.

- كيفية نجاح إسرائيل في تحقيق هذا «الخرق المدوّي»، وسط استبعاد أن يكون حصل عبر «السيطرة» على الموجة السرية التي يَستخدمها حاملو هذه الأجهزة وتحمية بطاريات الليثيوم المزوّدة بها عبر تقنية متطورة، وهو ما عزّزه وصول التفجيرات إلى سورية، ليرتفع تالياً سيناريو تفخيخ الشحنة الأحدث التي وصلتْ الى «حزب الله»، من مَصدر لم يكشف عنه الحزب حتى الساعة، ووزّعها على مجموعات كبيرة من عناصره، ما أتاح لتل أبيب تفجيرها في وقت متزامن في «عدوان متسلسل» استمرّ لنحو نصف الساعة.

- هل تكون هذه الضربة القاسية لـ «حزب الله»، بعد سلسلة اختراقاتٍ مكّنتْ إسرائيل مراتٍ من اغتيال قادة كبار منه وآخرهم رئيس أركانه فؤاد شكر في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت في ليلة اغتيال إسماعيل هنية في طهران، «الموجة الأولى» السبّاقة للحرب الأوسع على «حزب الله» التي كانت الحكومة الأمنية الإسرائيلية المصغّرة أقرّت خططها فجراً تحت عنوان «توسيع أهداف الحرب لإعادة المستوطنين إلى منازلهم في الشمال».

واستوقف مصادر متابعة حصول هذا «الإنزال الأمني الأخطبوطي» على وقع دخان زيارة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين لاسرائيل في إطار ما قيل إنه حضّ لها على تفادي توسيع الحرب، كما زوبعة اتجاه بنيامين نتنياهو لإقالة وزير دفاعه يواف غالانت ما أوحى بتخبّط داخلي في تل أبيب رغم أنه على خلفية الموقف من «ترقية» الحرب ومنسوب التصعيد وتوقيته.

إحباط محاولة اغتيال

كما بدا من الصعب عزْل يوم الانفجارات الطويل عن إعلان الاستخبارات الإسرائيلية أنها أحبطت محاولة اغتيال كان من المفترض أن ينفّذها «حزب الله» ضد مسؤول أمني رفيع المستوى.

وقال الناطق باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي ادرعي، انه «في عملية مشتركة لجهاز الأمن العام الشاباك تم إحباط عملية إرهابية بواسطة عبوة ناسفة لحزب الله كان يخطط لها أن تستهدف مسؤولاً سابقاً في المؤسسة الأمنية وكان يخطط لتنفيذها في الأيام القليلة المقبلة».

وأضاف: «خلال العملية كشف جهاز الشاباك عبوة ناسفة نوع كليماغور التي يُعرف حزب الله باستعمالها من قبل والتي كانت مخصصة لاستهداف الشخصية. وكانت العبوة مرتبطة بجهاز تفعيل عن بُعد والذي كان يحتوي على كاميرا وهاتف نقال بهدف تفعيلها من قبل حزب الله من لبنان».

وتابع: «حالت الجاهزية العملياتية وأنشطة القوات دون تنفيذ هذه العملية الإرهابية التي كانت في مراحل تنفيذها الأخيرة. والحديث عن عبوة ناسفة مشابهة لعبوة الكليماغور التي استخدمها حزب الله في يوم 23/9/15 في بارك هياركون في تل أبيب، والتي كان يخطط استعمالها لاستهداف مسؤول إسرائيلي».

ولاحقاً كشفت قناة «العربية»، أن المستهدف بالعملية المفترضة كان رئيس الأركان السابق أفيف كوخافي.

«حزب الله»

من جانبه، حمل «حزب الله» إسرائيل «المسؤولية الكاملة» عن «العدوان الإجرامي» بتفجير أجهزة البيجر لدى عدد من العاملين في وحدات ومؤسسات الحزب، وتوعدها بـ «القصاص».

وذكر في بيان إنه «بعد التدقيق في كل الوقائع والمعطيات الراهنة والمعلومات المتوفرة حول الاعتداء الآثم، فإننا نحمل العدو الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن هذا العدوان الإجرامي والذي طال المدنيين أيضا وأدى إلى ارتقاء عدد من الشهداء وإصابة عدد كبير بجراح مختلفة».

وتابع أن «هذا العدو الغادر والمجرم سينال بالتأكيد قصاصه العادل على هذا العدوان الآثم من حيث يحتسب ومن حيث لا يحتسب».

نداءات إغاثة

في موازاة ذلك، كانت المستشفيات تمضي في نداءات الإغاثة وسط مشاهد مخيفة ومؤلمة لقوافل من سيارات الإسعاف على طريق الجنوب وتوافد على مدار الدقائق لجرحى إلى مستشفيات بيروت والمناطق، قبل أن يعلن وزير الصحة فراس أبيض حصيلة غير نهائية للمجزرة من 9 ضحايا و2800 جريح، 200 منهم إصابتهم بليغة، متحدثاً عن أن غالبية الإصابات هي في اليدين والوجه.

وكانت الوزارة طلبت من جميع الذين يملكون pagers أن يعمدوا إلى رميها والابتعاد عنها ريثما يتبيّن حقيقة ما يحصل، في ظل حال ذعر عمّت لبعض الوقت كل مستخدمي هذه الأجهزة والكثير منهم من الأطقم الطبية، إضافة الى مواطنين في منازلهم أُمطروا بإشاعات عن مخاطر تتربص بهم جراء بطاريات الليثيوم في الهواتف وألواح الطاقة الشمسية.

كما عمّم مركز عمليات طوارئ الصحة العامة «بصيغة عاجل» على «جميع المستشفيات الاستنفار إلى أقصى درجة ورفع مستوى استعداداتها لتلبية الحاجة السريعة إلى خدمات الطوارئ الصحية، والبقاء على تنسيق مع الوزارة لسرعة توزيع الإصابات وضمان السرعة في بدء علاجها».

وفي المقلب السياسي، أجرى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اتصالات عاجلة بقائد الجيش العماد جوزف عون وقادة الأجهزة الأمنية واطلع منهم على ملابسات الانفجارات التي حصلت «ما أدى الى سقوط عشرات الشهداء والجرحى».

وأكد مجلس الوزراء الذي أبقى اجتماعاته مفتوحة «إدانته هذا العدوان الإسرائيلي الإجرامي والذي يشكل خرقاً خطيراً للسيادة اللبنانية وإجراماً موصوفاً بكل المقاييس».

شحنة جديدة
أفاد مطلعون، بأن أجهزة النداء المتضررة كانت من شحنة جديدة تلقاها «حزب الله» أخيراً.
وأوضح مسؤول في الحزب أن مئات المقاتلين لديهم مثل هذه الأجهزة، وتكهن بأن البرامج الضارة ربما تسببت في تسخين الأجهزة وانفجارها.
وأضاف أن بعض الأشخاص شعروا بسخونة أجهزة «البيجر» وتخلصوا منها قبل انفجارها، بحسب صحيفة «وول ستريت جورنال».
بدورها، كشفت مصادر أمنية مطلعة أن أجهزة الاتصال التي انفجرت هي أحدث طراز يجلبه الحزب في الأشهر القليلة الماضية، وفق وكالة «رويترز».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي