عليك أنت أنت وحدك ... أن تقرر

تصغير
تكبير
نبدأ من تأكيد حكومي رسمي صريح، وليس على لسان مصادر، بأن الحكومة ستدعم وزير الاعلام الشيخ أحمد العبد الله وانه جاهز للرد على محاور الاستجواب وأنها ليست في صدد اجراء أي تدوير وأن الوزير لن يستقيل أو يقال.

نتمنى ان ينظر الوزير لمرة واحدة في حياته الى العبارات السابقة نظرة مختلفة ووفق قراءة دقيقة وموضوعية كي يدرك أن وراء الاكمة ما وراءها، وان ينظر الى الاستقالة كخطوة اصلاحية مهما كان رأيه في الانتهاكات التي تعرض لها القانون من قبله أو من قبل مسؤولي وزارة الاعلام، خصوصا ان القانون اكبر من الاشخاص وان وحدة الكويت اهم من الاشخاص وان امن الكويت، بالتأكيد، ابدى منه ومن غيره.

نتمنى، ويتملكنا شك كبير، في إمكان ان يجري الوزير العبدلله مراجعة نقدية لمسيرته، فهو ارتكب كماً من الاخطاء خلال توليه مسؤوليات عامة ولم يتعلم منها شيئا. يعتبر دائما كل نقد او نصيحة او امنية بمثابة خلاف شخصي، ويدعي امام اوساطه ان من ينتقده انما يفعل ذلك لان الوزير اوقف له معاملة. هذا كان في الماضي، اما اليوم ففضائح الوزير على الهواء مباشرة وتجاوزاته القانونية تنتشر عبر الاثير ونتائجها على الامن والوحدة والاستقرار شوهدت بالصوت والصورة في بلد ينهار بكامله اذا اهتز امنه وغاب استقراره... ومع ذلك يصر على البقاء في منصب هو نفسه غير مقتنع به ويقول لجماعته إن الاعلام مجال مختلف لا يعرف دهاليزه وان التسويات «العائلية» والمحاصصة اوصلته الى هذه الحقيبة.

يا سيدي، يجب ألا يقنعك احد بأن تركك لحقيبة الاعلام واكتفاءك بحقيبة النفط امر يمس الكرامات، بل هو امر يحفظ كرامتك خصوصا ان «النفط» تحتاج الى اربعة وزراء وليس الى وزير واحد في بلد نفطه حياته. ان مسارعتك سابقا بتقديم استقالتك بعد انعكاس التجاوزات القانونية على الامن والاستقرار كانت ستحسب لك لا عليك. قارن بين ما فعلته وما فعله وزراء سابقون كرام مثل الوزير الدكتور عادل الصبيح الذي استقال على خلفية اهمال في إحدى المصافي ادى الى حريق أودى بحياة رجل اطفاء وعاملين آسيويين، ومثل الدكتورة معصومة المبارك التي استقالت على خلفية اهمال في احد المستشفيات ادى الى حريق، ومثل الدكتور انس الرشيد الذي شعر بأن القانون يمكن ان يمس وانه لم يعد ينسجم مع نفسه في ادارة وزارة الاعلام. هؤلاء وغيرهم حافظوا على كراماتهم وكبروا في اعين الكويتيين كثيرا بل ان الدكتورة معصومة حصدت المركز الاول في الثقة الشعبية من خلال الانتخابات.

حريق في مصفاة وحريق في مستشفى اديا الى استقالتين أما اقتراب الكويت كلها من حريق قبلي وطائفي ومذهبي بسبب عدم تطبيق وزارة الاعلام للقانون بل وتجاوزها للقانون فهو لا يستحق في عرف الوزير الا ان «يركب راسه» مدعوما بتصريحات من وزن «نحن معك» و«ولا يهمك» وكأن شيئا لم يكن.

الوزير اخطأ ومن يعمل يخطئ، والوزير هذه قدراته في ادارة الشؤون الاعلامية للبلد ونحن نعذره لان الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، والوزير ادلى بكمية من التصريحات المتناقضة في زمن الفتنة اظهرت اما انه يغطي على شيء واما انه لا يحسن قراءة التطورات او تفسيرها واما ان غيره يدير الوزارة. وكل سبب من هذه الاسباب كفيل بأن يدفعه الى الاعتذار عن عدم الاستمرار في منصبه ان كان منسجما مع ضميره وقناعاته خصوصا انه ينفي دائما ان تكون شهوة السلطة متحكمة به ويعتبر نفسه اكبر من المنصب... يا سيدي اعتبر نفسك ما تشاء لكنك لست اكبر من الكويت.

اليوم، الحكومة تسرب تلميحا بأنك غير قادر على المواجهة، وتعلن تصريحا انك ستواجه ولن تستقيل. عليك انت، وانت وحدك، ان تقرر ما هي الخطوة الاصلح بغض النظر عن الضغط النيابي الواضح وخناجر زملائك الوزراء المخفية. انت وحدك من يقرر ما اذا كان اقتراب الكويت من الحريق الكبير يستحق ان تتخلى بكرامة وكبرياء ومسؤولية وحرص واخلاص عن وزارة لست على دراية بشعابها وان تكتفي بوزارة ضخمة كوزارة النفط، وانت وحدك من يقرر ان يستمر في الخطأ ويدخل مرحلة اخرى من مراحل المواجهة والتوتر بين السلطات على خلفية حسابات وتسويات وصفقات وهذه نتائجها سيئة وسلبية مهما كانت النتيجة لان الثمن سيكبلك اكثر من داخل البيت الحكومي ومن خارجه اذا صحت حسبة الحكومة... اما اذا صحت حسبة النواب فلن تبقى حتى في وزارة النفط.

في 5/6/2009 كتبت في هذه الصفحة مقالا بعنوان: «احمد العبدالله هل تجرؤ؟» اتمنى ان تعود اليه لتعرف كم كان اهل الاعلام حريصين على عدم سقوطك في محوري الاستجواب، اي تطبيق القانون بتفعيل الرقابة المالية على وسائل الاعلام حرصا على حريتها واستقلاليتها وعدم تنفيذها اجندات اي تمويل من خارجها، وحماية الوحدة الوطنية من اي اساءة عبر استغلال وسائل الاعلام في التهييج والتجييش واللعب على الغرائز.

كتبنا وما كتبنا ويا خسارة ما كتبنا... ويا خسارة الكويت بهذا النهج السياسي وبمسؤولين لا يرون ابعد من انوفهم.



جاسم بودي
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي