بيروت قدّمت «مفهومها» لتطبيق الـ 1701... وتل أبيب ترفض ربط جبهة الجنوب بهدنة غزة

جبهة لبنان إلى الصدارة... في الميدان والدبلوماسية

 دخان غارة إسرائيلية على بلدة مرجعيون جنوب لبنان (أ ف ب)
دخان غارة إسرائيلية على بلدة مرجعيون جنوب لبنان (أ ف ب)
تصغير
تكبير

- هل «ذَهَبَ» حزب الله إلى ما بعد حيفا؟
- الجيش الاسرائيلي يتوعّد بخطوات هجومية داخل لبنان

بإعلانه أن «إسرائيل نقلتْ لنا رسالةَ عبر وسطاء مَفادُها أنها غير مهتمّة بوقف إطلاق النار في لبنان حتى بعد التوصل إلى وقف للنار في غزة»، أكد وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب المؤكدَ لجهة أن جبهةَ الجنوب المشتعلة منذ 11 شهراً بالتمام والكمال باتت لها ديناميتُها العسكرية المنفصلة عن حرب القطاع وأن إشعالَ حريقها الذي كان من جانبٍ واحد (حزب الله) في 8 اكتوبر 2023 لا يعني إطلاقاً أن إخمادَه سيكون «أحادياً» أيضاً، وأن الطلقة الأولى في الحرب التي جاءت من «حزب الله» تحت عنوان «المشاغَلة» لا تجعله صاحب الكلمة الأخيرة في ما خص رَسْم خطّ النهاية لها.

فكلام بوحبيب عبر قناة «الجزيرة الانكليزية» (مساء أمس)، لم يفاجئ العارفين بخفايا حرب جنوب لبنان التي لم تَعُد خافيةَ على أحد، بعدما كرّستْ تل أبيب بالنار تِباعاً كما من خلال القنوات الدبلوماسية، أنها ستفصل في «السِّلْم» ما جمعتْه الحرب على جبهتيْن وحّدهما المحورُ الإيراني، وأن أي هدنةٍ في غزة - ما زالت تحتاج إلى معجزة أصلاً لبلوغها - وأَلْزَمَ «حزب الله» نفسه بها تلقائياً، لن تَسْري من جهتها على جبهتها الشمالية إلا على مَتن تَفاهُمٍ على «اليوم التالي» يتمحور حول القرار 1701 وترتيباتٍ أمنية تشكّل «السُلَّم» للنزول عن شجرة مواجهاتٍ صار الجميع واقعياً عالقين عليها وإن بدرجات متفاوتة.

وجاء موقف بوحبيب بالتزامن مع إشاراتٍ مُقْلِقَةٍ أطلّتْ من الميدان الذي شهد منذ ليل الجمعة «إعصارَ نارٍ» اتخذ شكلَ غاراتٍ مدمّرة وموسّعة شملت بلدات جنوبية عدة وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه هاجم خلالها «أكثر من 15 منصة إطلاق وبنى تحتية عسكرية لحزب الله وأن بعض هذه المنصات كانت جاهزة لإطلاق الصواريخ باتجاه الأراضي الإسرائيلية»، في موازاة إعلان رئيس الأركان هيرتسي هاليفي خلال جولة تفقدية في الجولان أن قواته تستعدّ لاتخاذ خطوات هجومية داخل لبنان «وتسعى لتخفيف التهديدات التي يتعرّض لها سكان المنطقة الشمالية وهضبة الجولان»، وذلك تزامناً مع «الاستعداد للهجوم في مرحلة لاحقة»، ومن دون أن يذكر تفاصيل إضافية.

ولم يكن عابراً أن ترتسم على وهج الميدان الملتهب «حرب استباقية» دبلوماسية على جبهة «اليوم التالي»، بدأت برسالة إسرائيلية حول تنفيذ القرار 1701 قُدّمت (1 سبتمبر) إلى مجلس الأمن، قبل أن يردّ عليها لبنان أمس وعلى العنوان نفسه برسالة وجّهتها بعثته لدى الأمم المتحدة أيضاً إلى الأمين العام للمنظمة الدولية وضمّنها موقفه المتمسك «بتطبيق شامل وكامل لهذا القرار بكافة بنوده ومندرجاته وليس بصورة انتقائية كما يحاول الطرف الآخَر»، مجدداً «الالتزام الكامل للبنان بالقوانين الدولية وبالشرعية الدولية»، ومؤكداً دور «اليونيفيل» بحسب الولاية الممنوحة لها في «مساعدة الدولة اللبنانية على بسط سلطتها على كامل أراضيها من خلال تقوية القوات المسلحة اللبنانية».

وحدّدت الرسالة التي جاءت بناء على تعليمات وزير الخارجية، وبعد التنسيق والتشاور مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، مفهومَ لبنان لـ «التطبيق الشامل للقرار 1701»، محددةً في هذا السياق إطاراً «مثلث الضلع» يقوم على: «انسحاب إسرائيل من كافة الأراضي اللبنانية المحتلة، وقف اعتداءاتها على سيادة لبنان واستهدافها للمدنيين اللبنانيين والأهداف المدنية، وانخراطها في عملية إظهار الحدود اللبنانية الجنوبية البرية المعترف بها دولياً، والمؤكد عليها في اتفاقية الهدنة لعام 1949، بإشراف ورعاية الأمم المتحدة».

كما طالب لبنان الدول الأعضاء في مجلس الامن والمجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لتطبيق القرار 1701 بكافة بنوده.

وفيما كانت الحلبةُ الدبلوماسيةُ تزخر بتسابُق بين لبنان واسرائيل على تركيز أرضيةٍ للإطار الناظم لعودة جبهة الجنوب الى رحاب الهدوء المستدام، وبسباقِ الأمتار الأخيرة على جبهة غزة بين إحداث خرقٍ في مفاوضاتِ الهدنة ما زال يحتاج إلى «قوة خارقة» وبين إعلان انهيارها، كان الميدان جنوباً يرسم فصولاً من تصعيدٍ كبيرٍ بدأته اسرائيل التي تستمرّ في الاستعاضة عن الحرب الشاملة بارتقاءٍ في هجماتها الواسعة، في مقابل رفْع «حزب الله» من وتيرته هجماته التي بات معها منذ اغتيال القيادي الكبير فيه فؤاد شكر في الضاحية الجنوبية لبيروت (30 يوليو)، ورغم ردّه عليه (25 اغسطس)، في موقع الدفاع على عكْس كل المسار السابق.

وانطبع يوم أمس من جانب «حزب الله» بسلسلة استهدافاتٍ عكست استشعاراً بأن تل أبيب تخبىء «الأثقل» للفترة المقبلة، وكان الأكثر إثارة فيها إعلان الجيش الاسرائيلي عصراً أن «صواريخ اعتراضية أُطلقت نحو هدف جوي مشبوه داخل الأجواء اللبنانية من دون وقوع إصابات»، مؤكداً «ان الهدف لم يخترق الاجواء الاسرائيلية وتم تفعيل انذارات وفق السياسة المتبعة»، وذلك بالتوازي مع ما كان نُقل عن تقارير اسرائيلية من «إسقاط طائرة مسيرة لحزب الله فوق منطقة الناعورة شرق مدينة العفولة» (ما بعد حيفا) وأنها كانت تستهدف محطة الطاقة.

وسبق ذلك استهداف «حزب الله» قاعدة عسكريّة استراتيجيّة قرب صفد تضم مجمّعات عسكريّة حسّاسة، وإعلانه قصف «مقر الاستخبارات الرئيسية في قاعدة ميشار بصلية من صواريخ الكاتيوشا» وأيضاً قاعدة جبل نيريا (مقرّ ‏قيادي كتائبي تشغله حالياً قوات من لواء غولاني) وانتشاراً لجنود العدو في محيط مستوطنة «منوت» بالأسلحة الصاروخية، قبل أن يعلن «ان وحدة الدفاع الجوي تصدّت لمسيّرة نوع «هيرون» بصاروخ أرض – جوّ في البقاع ومنعتها من تحقيق أهدافها وأجبرتها على مغادرة الأجواء اللبنانية».

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي «رصد إطلاق نحو 30 صاروخاً نحو الجليل الأعلى ومنطقة جبل ميرون وتسلُّل مسيّرة إلى الجليل الغربي، فيما لم ترد أنباء عن وقوع إصابات».

كما زعم «استهداف منصة إطلاق صواريخ لـحزب الله في بلدة ياطر جنوب لبنان» بالتوازي مع سلسلة غارات شنّها على مناطق جنوبية.

وفيما أٌعلن سقوط مسيّرتين داخل بلدة عين إبل في جنوب لبنان (تردد انهما تعودان لحزب الله)، ذكرت صحيفة»معاريف" أنّ منزلاً أصيب مباشرةً، في مستوطنة شلومي، جراء القصف من لبنان.

«مجموعة الخمس»

ولم تحجب هذه التطورات الصاخبة، عنوانين، سياسي وقضائي، يُنتظر تبلور آفاقهما الأسبوع الطالع: - الأول اللقاء الذي انعقد في الرياض بين الموفد الرئاسي الفرنسي جان - إيف لودريان والمستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا وسفير المملكة في لبنان وليد بخاري وتمحور حول الملف الرئاسي الذي تسعى «مجموعة الخمس» (تضم ايضاً الولايات المتحدة ومصر وقطر) لتوفير تقاطُع بين اللبنانيين بإزائه لإنهاء الشغور المتمادي منذ 1 نوفمبر 2022.

وفيما أشارت تقارير إلى أن سفراء «الخماسية» سيجتمعون في بيروت في 14 الجاري، بدا من الصعب توقُّع أي اختراق وشيكٍ في هذه الأزمة متعددة البُعد والتي باتت مرتبطةً واقعياً بمآلات حرب غزة وأخواتها، وسط اعتبار أوساط مطلعة أن استمرار «اللعب على الكلام»، في ما خص إصرار رئيس البرلمان نبيه بري و«حزب الله» على حوارٍ أو تَشاور سابق لمعاودة فتْح البرلمان لجلسات انتخابٍ، عبر ما يشبه «المناقصة» حيال أيامه (من أسبوع لأقل من 5) أو «جلساتِ الانتخاب بدورات متتالية» لتصبح «جلسةً بدورات متتالية»، ما هي إلا مناورات إلى حين لفْظ الكلمة السحرية «لا تعطيل لنصاب الجلسات»، ناهيك عن العقدة الأمّ المتمثلة بتمسُّك الثنائي الشيعي بترشيح سليمان فرنجية «ولا أحد غيره»، ورفْض غالبية المعارضة تكريس عُرفٍ بأن يمرّ الانتخابُ بـ «ممرات جانبية» غير قاعة الاقتراع.

احتجاز سلامة

- والثاني الاحتجاز الاحترازي للحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة والادعاء عليه في اختلاس أموال وإثراء غير مشروع وتبييض أموال، وسط ترقُّبٍ لأول جلسة استجواب له قبل ظهر غد أمام قاضي التحقيق الأول بلال حلاوي ليتقرر في ضوئها إما الحاجة إلى جلسات إضافية او إصدار مذكرة توقيف وجاهية بحقه أم تركه بسند إقامة أو بكفالة مالية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي