رأي قلمي

ها هو يعود...!

تصغير
تكبير

من أهم اهتماماتهم بناء بيئة جيدة، لأنهم على يقين بأن تأثير البيئة التي نعيش فيها فعال للغاية في توليد المشاعر والانطباعات الذهنية والقيم والمعايير الأخلاقية... لكن بناء البيئة الجيدة شاق على مقدار ما هو مهم، ودقيق على مقدار ما هو حاسم.

إلا أنهم اجتهدوا وبذلوا كل ما لديهم من جهد ووقت ومهارات وإمكانات وأموال لنعيش ببيئة صحية نافعة متفاعلة، قائمة على الود والإخاء والصراحة، ولهذا فإن الإخوة الكبار يكونون بالنسبة للصغار بمثابة الآباء، والأخوات الكبيرات يكنّ بمثابة الأمهات، كانت مسؤوليتهم بث الوعي بيننا بأهمية التراحم والتماسك في بيئتنا. إنهما والدايّ اللذان لم ولن يكررهما الزمن فهما نسخ نادرة، فقدت أمي في سبتمبر 2005، وفقدت أبي في سبتمبر 2010.

دائماً يجعلانا نشعر بأننا محبوبون مرغوبون في داخل الأسرة، فهذا يقوي الروابط الوجدانية بيننا، كانا يراعيان الفروق الفردية بيني وبين أخوتي، متفهمين أن هذه الفروق مهمة للغاية على صعيد المواهب والإمكانات والحاجات والرغبات والميول، كانا يدركان مع مراعاة الفروق الفردية يتم تحقيق العدل بين الأبناء، ومن غيرها سيسود الشعور بالظلم والعجز.

كانا يتعاطفان معي بكوني الابنة الصغيرة (آخر العنقود) ويراعونني في الظروف الصعبة التي أمر بها، عندما أتعرض للظلم في المدرسة من معلمة أو زميلة، أو أُهزم في تنافسي مع إحدى زميلاتي في الألعاب الرياضية...، لأنهما على إدراك ويقين أننا في هذه الظروف بحاجة إلى مساندتهما لنا بالشعور والفعل.

لا يمكن أن تفوتهما الهدايا وتجهيز المفاجآت السارة عندما نتفوق بالمدرسة أو ننجح باكتساب أي مهارة، أو نعمل بأي نصيحة قدمت لنا منهما، وذلك تعبير بليغ منهما عن مشاعر الحب والحنان والاهتمام، والهدف من تقديم الهدايا لإزالة الكثير من مشاعر الغيرة والحسد التي قد تنشأ بين الأخوة.

الحديث عنهما لا يُمل، والكتابة عن أوصافهما وطباعهما ومناقبهما لا تنتهي. فارقانا بأجسادهما، ولايزالان يسكنان بأرواحنا وبين أضلعنا، لم ولن ننساهما مادمنا أحياء فوق الأرض، «أمي وأبوي» نسخ نادرة كما ذكرت سابقاً لا يمكن أن تتكرر، موتهما كسر ظهورنا، وأثقل علينا العيش في دنيا تخلو منهما، يارب صبرنا على فراقهما، القلب تقطع وتمزق، والعين تنزف دماً بدلاً من الدموع، من الوله والشوق لهما، يارب ارحمهما كما ربياني صغيراً، واغفر لي كما بررت بهما كبيراً، ربي أجبر كسر قلبي، وتشتت أمري من بعدهما.

M.alwohaib@gmail.com

mona_alwohaib@

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي