المقال ليس دراسة علمية، المقال أشبه بالمُلخص الذي يُكتب بلغة البرقيات، وبرقيتنا اليوم تحمل جملة (عدم الاستقرار السياسي في منطقتنا).
غالبية دولنا العربية تمُرُّ بحالة عدم استقرار سياسي، قد يأخذ عدم الاستقرار أشكالا عدة، منها العنف الجماهيري؛ والاغتيالات السياسية؛ والثورات؛ وتغيير الحكومات أو إسقاطها، وعادة يترتب على عدم الاستقرار اهتزاز الثقة بالإطار المؤسسي ومدى بقاء القادة في مناصبهم، وبالتالي عدم اليقين بشأن السياسات الاقتصادية، وعدم اليقين هذا يشبه المُنحدر الذي يدفع إلى انتهاج سياسات اقتصادية قصيرة النظر بهدف كسب الرضى والمحافظة على المنصب ومع السنين يصل بك المنحدر إلى القاع بسبب سلبية الوضع على المؤشرات الأساسية للنمو الاقتصادي ، ومن أهم هذه السلبيات تراجع الاستثمار في رأس المال المادي؛ والبشري؛ وانخفاض الإنتاجية وبالتالي تباطؤ عملية المسار الطبيعي في المشروعات؛ وتدمير الطاقات الإنتاجية؛ واختفاء وسائل التطوير والبحث العلمي؛ وتجمّد عملية التقدم التكنولوجي .
إن التأثير السلبي القوي لعدم الاستقرار السياسي على الأداء الاقتصادي ينعكس على نمو الناتج المحلي والتضخم والبطالة، وبالتالي الدخول في دائرة عدم الرضى الاجتماعي وربما العنف هو ما يزيد من عدم الاستقرار ويُدخل الدول في دائرة مغلقة تختلط فيها كل المؤثرات السلبية التي تسبّب جُمود الدول، وربما إلى فشلها كما حدث لبعض بلادنا العربية.
إن عدم الاستقرار السياسي يرجع إلى أسباب عدة، تم بحثها في كثير من الدراسات السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية، وقد ربطت بعض تلك الدراسات بين انخفاض نصيب دخل الفرد وبين الصراعات الأهلية؛ كما أن انخفاض نسب التعليم والبطالة لاسيما بين الشباب يكون عاملاً أساسياً لاستقطاب الشباب وتجنيدهم لمن له أطماع بتلك الدول.
كثير من دولنا العربية اليوم تُعاني من عدم الاستقرار السياسي؛ بعضها أصبحت دولة فاشلة والبعض في الطريق، وتشارك بعض الدول الكبرى وبعض الدول الإقليمية في إبقاء مسببات عدم الاستقرار السياسي وما يترتب عليه في الدول العربية لاسيما تلك التي تم استقطاب أبنائها لأسباب دينية؛ أو مادية؛ لإعطاء الولاء لمن يحاول أن يُضخّم قدراته السياسية والاقتصادية على حساب أمتنا العربية.
لا شك أن التاريخ والجغرافيا هما الميزان الذي مازالت كثير من دول العالم تقيس بهما علاقتها بالوطن العربي، ونحتاج فعلا إلى منهج قومي قادر على استكشاف الثقافات ومحاولة إزالة الحواجز التي تجعل بعض دول العالم البعيد والقريب تبذل أموالاً وطاقات للمحافظة على عدم الاستقرار في أمتنا، بل والسعي إلى إسقاطها لثارات تاريخيّة؛ أو لحاجاتها إلى أسواق غير منتجة لتقوية التبادل الاقتصادي لدولها.
إن دولنا الخليجية العربية البعيدة عن عدم الاستقرار السياسي مسؤوليتها مع من تبقى من دولنا العربية التي مازالت متماسكة، مسؤوليتها وضع الإستراتيجية التي تكفل مساعدة الدول العربية على التخلص من عوامل عدم الاستقرار، ذلك أن هذه الدائرة تتسع، لذا من الموجب وضع الحلول بصفتنا أمة واحدة، نعم أمة واحدة بدليل أن كل خلل في دولة نتأثر نحن به دون غيرنا.