عاشت إيران بعد الفتح الإسلامي لبلاد فارس ضمن الإمبراطورية الإسلامية العظيمة، وتألقت كمنارة للفقه والأدب والعلوم وبرز فيها الكثيرون من كبار علماء الدين، والفلك والرياضيات، والطب. لكن هذا الانسجام مع العالم الإسلامي تغير فجأة عندما استولى إسماعيل صفوي، الطائفي على السلطة في إيران منذ 5 قرون، وبدأ عملية اضطهاد واسع لمسلمي إيران، وتغيير تراثهم، أدى إلى نشوب حروب مع الدولة العثمانية، كان أعظمها معركة جالديران في 1514، انتصر فيها السلطان سليم الأول العثماني، رحمه الله، على الشاه إسماعيل صفوي، واستطاع فيها القضاء على أطماع الشاه إسماعيل صفوي، الذي كان يطمح إلى مد نفوذه إلى الممالك الإسلامية المجاورة.
تغير الطابع الإيراني مع تسلّم الشاه رضا بهلوي، السلطة في العام 1925 وتأسيسه لدولة إيران الحديثة. ومع سقوط ابنه الشاه محمد رضا بهلوي، في ثورة الخميني 1979، عادت إيران بدستور جديد يؤكد على طائفية الدولة.
وقد رأينا تبعات هذه السياسة المدمرة في منطقتنا العربية وبالأخص الخليجية، بعد إعلان الخميني تصدير الثورة، وقد كانت ذات شعارات، لاتزال يتردد صداها بين حين وآخر مستغلة بعض الأحداث التاريخية التي مرّت بها أمتنا الإسلامية. ومن المؤسف أن تطرح مثل هذه الشعارات على لسان المرشد، كتغريدة في الفضاء السيبراني الواسع منذ أيام.
وكما هو معلوم فإن الحسين، رضي الله عنه، الذي قُتل شهيداً في كربلاء، عربي قرشي الأصل ولسانه عربي فصيح، ولم يكن طائفياً، بل تابعاً للثقافة الإسلامية النبويّة الصافية، والاقتداء بالحسين يتطلّب نبذ الطائفية والعنصرية واحترام اللغة العربية، وجعلها موازية للغة الفارسية التي ينص الدستور الإيراني على أنها اللغة الرسمية «المادة 15».
كما يتطلّب الاقتداء بالحسين، العربي، رضي الله عنه، تفادي أي سياسة عنصرية تجاه عرب «الأحواز»، ومنحهم حق استخدام لغتهم العربية في مدارسهم ومؤسساتهم وأنشطتهم الثقافية، وعدم فرض الثقافة الفارسية عليهم بما يؤدي إلى تجفيف منابع ثقافتهم العربية. كما يفترض أن يتحدّث المسؤولون باللغة العربية الفصحى عندما يأتون إلى عواصمنا العربية، اقتداء بالحسين، العربي، رضي الله عنه، وأن تكون اللغة العربية لغة موازية للغة الفارسية الرسمية، ويعلمونها في مدارسهم كلغة إلزاميّة مثل الإنكليزية.
استخدم الشيوعيون شعارات تعبئة معنوية وكانت موجهة لعمال العالم «ياعمال العالم اتحدوا». لكن الاتحاد السوفياتي الذي كان يرفع هذا الشعار انهار بلا رجعة. وهذا مصير الشعارات غير الصادقة التي هدفها التعبئة لكن تبعاتها قد تكون مدمرة على مَنْ يرفعها.