باختلاف الزمان والمكان، ومع تواصل أنياب الأسلحة الإسرائيلية وأعوانها بنهش قطاع غزة المنكوب... وبعد مرور 79 عاماً، نرى هيروشيما حاضرة اليوم في غزة بعد حرب الإبادة الجماعية المروّعة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ 10 أشهر بأسلحة حديثة وتكنولوجيا ذات قدرة تدميرية هائلة تُحدث خسائر كبيرة في صفوف المدنيين ودماراً شاملاً في البنية التحتية.
فقد سحقت هذه الحرب المرعبة أحياء سكنية بالكامل راح ضحيتها أكثر من 40691 شهيداً، حسب ما أكّدته وزارة الصحة الفلسطينية، إضافة لإصابة ما يزيد على 94060 ألفاً، معظمهم من الأطفال والنساء.
إن العصابات الإسرائيلية تتعمد توسيع مساحة الدمار في عدوانها بأقصى استطاعتها، متبعةً سياسة الأرض المحروقة، وقد استخدمت أسلحة محرّمة دولياً، تحتوي على اليورانيوم المنضب مثل قنابل GPU-30 والقنابل الفراغية.
هي أسلحة قادرة على اختراق طبقات التربة فتتسرب الإشعاعات إلى شبكات المياه، بعد حدوث موجات اهتزازية «تُشبه الزلازل المصغرة» تؤدي إلى تدمير شبكات المياه والصرف الصحي.
كما تسود حالة من الرعب بين المواطنين في قطاع غزة بسبب تراكم الصواريخ والمواد التي لم تنفجر في شتى أنحاء القطاع، فهم لا يدرون كيف يتعاملون معها.
بالإضافة لانتشار أنواع من مرض السرطان وأمراض خطيرة أخرى نتيجة الإشعاعات المنبعثة من تلك الأسلحة والتي تتطلب سنوات طويلة للتخلص منها بعد استقرارها في التربة والجسد.
وبحسب تقديرات حكومة غزة، فإن المتفجرات التي ألقتها العصابات الإسرائيلية على القطاع تعادل 5 أضعاف القنبلة الذرية التي أُلقيَتْ على هيروشيما.
وبينما تزن قنبلة هيروشيما 15 ألف طن، فقد ألقت اسرائيل اكثر من 80 ألف طن على قطاع غزة، وفق ما أفاده مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة، أي بما يعادل أكثر من 5 أضعاف القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما عام 1945.
كما أكد خبيرٌ عسكري انّ المتفجرات التي ألقيت على هيروشيما من نوع (TNT) بينما تستخدم إسرائيل خليطاً يُعرف بـ (RDX) والذي يطلق عليه اسم «علم المتفجرات الكامل، وتعادل قوته 1.34 قوة«TNT»مع ملاحظة أن مساحة المدينة اليابانية، 900 كيلومتر مربع، بينما مساحة غزة لا تزيد على 360 كيلومتراً.
وقال رئيس المرصد «الأورومتوسطي» لحقوق الإنسان رامي عبده، إن جريمتي هيروشيما وقطاع غزة تتشابهان في ثالوث«السلاح المُحرم، الإبادة الشاملة والصمت الدولي»، بعد تصريحات السيناتور الأميركي غراهام في لقاء مع قناة NBC News الأميركية والتي أثارت استياءً دولياً، عندما زعم أنه يحقّ لإسرائيل تسوية قطاع غزة بالأرض باستخدام سلاح نووي لإنهاء الحملة العسكرية، كما فعلت بلاده بمدينتَي هيروشيما وناغازاكي في أربعينيات القرن الماضي.
لا ريب أن مثل هذه التصريحات تنسجمُ كلياً مع حقيقة الكيان المجرم، وتدلّ على عمق السقوط الأخلاقي الذي وصل إليه، وعلى عقلية الإبادة والاستعمار التي ينتهجها الإسرائيليون ضد المدنيين العُزَّل في فلسطين بشكل عام، وفي قطاع غزة بشكل خاص. وتتواصل الإدانات عربياً ودولياً ضد الجرائم النكراء التي يرتكبها الاحتلال ضد الإنسانية من أجل ممارسة الضغط سياسياً لوقف العدوان وحرب الإبادة والتجويع بحقّ الشعب الفلسطيني.
X: @Fahad_aljabri
Email: Al-jbri@hotmail.com