باعتبار أنه كلما زاد معدل تسعير التمويلات ارتفعت عوائد المصارف
«المركزي» على حافّة خفض الفائدة فهل تتراجع أرباح البنوك... من القروض؟
- تعويض الخسارة مصرفياً يعتمد على نمو قروض الأفراد والشركات
- تزايد نشاط صفقات التمويل الخارجية يرفع الإيرادات أو أقله يحقق التعادل
- الخصوم والأصول المصرفية حساستان من اتجاهات الفائدة بالمعدل نفسه
- خفض الفائدة يخدم أكثر خطط البنوك التي تكافح في الحصول على ودائع
- إعادة تسعير البنوك لقروضها وودائعها بين 3 إلى 6 أشهر يخفض الأثر تدريجياً
هناك قاعدة مصرفية عامة، مفادها أنه كلما زادت أسعار الفائدة ارتفعت عوائد البنوك، وهذا ما يتحقق محاسبياً بالفعل، حيث سجلت البنوك الكويتية في الربع الثاني 2024 أكبر زيادة بين المصارف الخليجية في صافي إيراداتها من الفوائد، بنسبة 6.3 في المئة، وذلك ببلوغها 2.5 مليار دولار.
ومع تنامي التكهنات عالمياً حول توجه بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، في اجتماعه المقرر 17 - 18 سبتمبر، كموعد مفضل لبدء خفض تكاليف الاقتراض، ومن ثم توقع خفض الفائدة محلياً، يكون السؤال مشروعاً هل خفض الفائدة يقود لانخفاض أرباح البنوك؟
مبدئياً، تتميز بنوك الكويت بتوزيعات عالية، كما أن سيولتها تعتبر مرتفعة جداً، وفي المقابل تتمتع بمستويات مرتفعة من الأموال الجارية المودعة في حساباتها، من دون أن تدفع عليها أي تكلفة، خصوصاً الكبرى، ما يزيد الاعتقاد بأن انخفاض الفائدة يقلل معدل ربحية البنوك، وبالتالي يكون تأثير الإجراء عليها سلبياً.
نظرياً، قد يكون هذا التحليل صحيحاً من الناحية النظرية، لكن عملياً هناك جملة متغيرات ستترتب حكماً على خفض الفائدة، وبناء عليه ستكون البنوك المحلية مهيأة لتحقيق نمو بديل، تعوض من خلاله أي خسارة يمكن أن تسجلها في معدل صافي إيراداتها، من خفض الفوائد، أحذاً بالاعتبار أن درجة هذا الأثر تختلف من مصرف لآخر، حسب أدوات التعويض المتاحة لديه، والتي يمكن استعراضها، فيما يلي:
1 - من المرجح أن يكون خفض الفائدة تدريجياً سواء من «الفيدرالي» أو بنك الكويت المركزي، حيث يرجح أن يكون في نطاق ربع نقطة، أو نصف نقطة على أقصى تصور، وفي هذه الحالة سيكون الأثر محدوداً.
2 - درجت العادة مصرفياً، على أنه كلما زادت الفائدة تباطأ نمو منح القروض، حيث تخفض التكلفة العالية شهية المقترضين على التمويلات الجديدة وربطها بالحاجة الملحة، سواء لدى الأفراد أو الشركات، أما في حالة انخفاض الفائدة فمن المرجح زيادة الإقبال على الاقتراض، على وقع السياسة المالية الرأسمالية المرتقبة، وارتفاع الإنفاق الحكومي وتدفق المشروعات الجديدة.
فمقابل تخفيف تكاليف الاقتراض، يشرع تنامي طلب القروض المرتقب، للبنوك باباً واسعاً لتعويضها ائتمانياً، فما تمت خسارته من ذراع خفض الفائدة، يمكن استعادته مجدداً بذراع زيادة قاعدة التمويلات، وهنا يحدث التعادل في صافي إيرادات الفائدة المسجلة، ما لم يزدد.
وحسب البيانات المنشورة، بلغ نمو الائتمان الربع الثاني من العام الجاري 1.1 في المئة، ما أدى لارتفاع معدل النمو منذ بداية العام حتى تاريخه إلى 2 في المئة، ونمو 2.9 في المئة على أساس سنوي. وهي نسبة ضيقة مقارنة بمعدلات النمو المسجلة في 2021، والتي وصلت 9.7 في المئة على أساس سنوي.
3 - توسع محافظ الإقراض المرتقب من خفض الفائدة لا يعني انتعاش عمليات التمويل المحلية «أفراد وشركات»، بل يتسع النطاق ليشمل التمويلات الخارجية التي نشطت البنوك المحلية في عقدها الفترة الماضية، كما أن المشهد العام للحراك الحاصل في أسواق المنطقة، ينبئ بمزيد من الصفقات التمويلية التي يمكن أن تنضم إليها البنوك الكويتية، بحكم ما لديها من فوائض سيولة مرتفعة.
4 - خفض فائدة القروض يقابله حكماً تراجع تسعير الودائع، ما يشكل اعتباراً مهماً لاسيما لدى البنوك الصغيرة والمتوسطة، وتحديداً التي تكافح للحصول على الودائع، حتى ولو بفائدة أعلى من السوق، فتكون ضطرة في ذلك للمحافظة على نسب السيولة الرقابية لديها وتحديداً لجهة سلم الاستحقاقات.
ومع استقرار سوق الودائع، يمكن تسجيل أسعار أقل، ما يعني تكلفة أموال أقل، وهنا يحدث تعويض مصرفي جزئي لما يمكن خسارته من صافي أرباح الفوائد التي انخفضت، وسيكون ذلك محققاً من تراجع تكلفة جذب الودائع، التي تعد مصدراً رئيسياً لتغذية قروض البنوك الكويتية، ما يحقق التوزان، أخذاً بالاعتبار أن هذا التوزان يفيد البنوك الصغيرة والمتوسطة، أكثر من الكبرى باعتبارها الأكثر اضطراراً لتسعير ودائعها بمعدلات أعلى من الكبرى.
5 - بالنسبة لاعتبار تحقيق المصارف الكبرى فائدة أعلى من الحسابات الجارية، قياساً للبنوك الصغيرة، ومن ثم تكون مرشحة لتسجيل خسارة أعلى من خفض الفائدة، قياساً بالتي يمكن أن تحققها البنوك الأخرى، ترى مصادر مصرفية أن هذه القاعدة غير دقيقة، باعتبار أن القياس المنضبط مصرفياً، يتعين أن يكون نسبة إلى حجم الأصول، وليس لقيمة الأموال الجارية، وفي هذه الحالة تكون البنوك الكبرى والصغرى متساوية لحد كبير.
6 - خفض الفائدة لن يؤثر بأي حال من الأحوال على القروض الممنوحة الفترة الأخيرة، فوفقاً للتعليمات الرقابية لا يسمح بتغيير سعر الفائدة على القروض الشخصية، سوى كل 5 سنوات، ما يعني أن التسهيلات الممنوحة، قبل قرار الخفض المرتقب ستظل على تسعيرها، دون تغيير.
7 - محافظ البنوك تتكون من أصول وخصوم، وكلاهما حساس من اتجاهات الفائدة، ومن الطبيعي أن يتأثر الجناحان بحركة الفائدة صعوداً ونزولاً بالمعدل نفسه، ولكي تتفادى البنوك استمرار الأثر السلبي من خفض الفائدةن تقوم بإعادة تسعير خصومها وأصولها، بسعر الفائدة بين 3 إلى 6 أشهر، وهنا ينخفض الأثر السلبي تدريجياً.
8 - في جميع الأحوال، ستظل البنوك متمسكة بالحد الأعلى من هامش التحرك المسموح لها رقابياً فوق سعر الخصم، والمقدر بـ3 في المئة في قروض الأفراد، و 4 في المئة للشركات.
وإلى ما سبق، يصعب توقع أن يقود خفض الفائدة إلى تراجع أرباح بنوك الكويت، وتحديداً إذا شهدت نمواً مقابلاً في حجم قروضها الداخلية والخارجية.