وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ {العاديات:8}، إنّ الله تعالى فطر الإنسان على حُب الخير، والخير هنا واسع الدلالة، يعني كل ما يجلب للإنسان السعادة والطمأنينة والراحة، وكل ما يقلل من متاعبه، ومن تكاليف الحياة ومشقاتها.
إن الخير يعني تحقيق الآمال والتطلعات، والاطمئنان إلى المصير، ومن هنا كان الإيمان بالله تعالى هو ذلك الجسر الذي يربط بين ماضي البشرية وحاضرها ومستقبلها. وكل من يهتدي بوحي السماء، سوف يعثر على الطرق العملية لمعالجة مشكلات البشرية، المادية منها والمعنوية، والمضيّ بها نحو بر الأمان.
هناك حقيقتان مسلّمتان، الأولى ارتباط الإنسان بجذوره وماضيه وتاريخ آبائه وأجداده وأمّته.
والثانية ارتباطه بالعالم من حوله، ومن هذين الارتباطين يتولّد لديه الوعي بذاته، وما لديه من ميزات وخصائص، وما يكابده من ألوان المشكلات. نعم إنها المقارنة بين الحالة الحاضرة، وبين أحوال الماضي، والمقارنة بين الحالة المحلية الحاضرة وأحوال العالَم، المقارنة هي أمّ كل العلوم، لأنها مفتاح الوعي بالكثير الكثير من شؤوننا وأحوالنا.
إن الوعي هو حصيلة لعمليات ذهنية وشعورية معقدة، يسهم فيها الخيال والحدس والإرادة والمشاعر والأحاسيس والضمير، بالإضافة إلى مرتكزات الفطرة وحوادث الحياة والنظُم الاجتماعية، والظروف التي تكتنف حياة الإنسان، والقيم والمبادئ التي يؤمن بها. ووعي الشخص هو ما يتحصّل لديه من إدراك وشعور حول ذاته وحول العالم من حوله.
يتكون الوعي من المعرفة الجيدة بالذات، أي وجود إدراك عميق لشخصية الإنسان، وطبيعة تركيب المجتمع الذي يعيش فيه الناس.
وهذا الوعي يكشف عن الطور الناتج عن الجهد الذي يبذله الإنسان من أجل الخلاص من كل ما يسبب له الألم والحرج والضيق، والطور الناتج من الجهد الذي بذله الإنسان من أجل الحصول على الراحة والرفاهية وتأمين الاحتياجات بأقل قدر ممكن من الجهد العضلي، فالإنسان يحب أن يعيش العيش الممتع والسهل، حتى نهاية العمر.
M.alwohaib@gmail.com
@mona_alwohaib