«نداء» من مقاومة غزة لـ «حزب الله» والمحور لفتْح الجبهات «لإزالة إسرائيل»
لبنان «يحبس الأنفاس»... هدنة غزة على «التنفس الاصطناعي» وإلى الميدان دُر
- إسرائيل دشّنت الضربات الاستباقية لردّ «حزب الله» بغارات على مُستودعات أسلحة في البقاع
- ميقاتي لم يتلقّ ضمانات دوليةً بعدم انزلاق الأمور نحو الأسوأ
- الحرس الثوري: ردنا قد يطول وسيؤدب إسرائيل جيداً
فيما دَخَلَتْ مُفاوضاتُ وقْفِ النار في غزة «العنايةَ الفائقةَ» وسط تَمَسُّك بنيامين نتنياهو بـ «لاءاته» الناسفة لاتفاقٍ «قابلٍ للحياة» واتّهامِ «حماس» الرئيس الأميركي جو بايدن بالانحياز لإسرائيل والرضوخ لشروطها، تركّزت الأنظارُ أكثر على الميدانِ ولا سيما جبهة جنوب لبنان التي باتت «باباً» للرياح العاتية الآتية على «بلاد الأرز» والإقليم، سواء تمّ اجتراحُ «معجزة الهدنة» أو خصوصاً إذا لم تنجح الوساطاتُ في إخماد الحريق المروّع في القطاع وإهماد تشظياته التي يُخشى أن تلتهم خطوطاً حمراً في المنطقة المتحسّبة لأسوأ السيناريوهات.
ولم يكن ممكناً في بيروت التي تَمْضي في تقليب «خطة الطوارئ» الحكومية التي غرقت فجأة في عتمة أزمة الكهرباء التي تَطَلّبتْ «حلولاً طارئة» ترقيعية وانتقالية، إشاحةُ النظر عن الإشارات المُقْلِقة التي أطلّتْ من كواليس محاولاتِ إبرام اتفاق وقْف النار بين إسرائيل و«حماس» والتي يحاول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن شخصياً تفكيك صواعقها قبل أن تنفجر بالجميع، وتحديداً انطلاقاً من جبهة الجنوب في ضوء تحفُّز نتنياهو لتوسيعها بـ «فتيلِ» الردّ المؤجَّل منذ 3 أسابيع من «حزب الله» وإيران على اغتيال فؤاد شكر وإسماعيل هنية في الضاحية الجنوبية لبيروت وطهران.
ومع المؤشرات التي عكستْ أن مفاوضاتِ الهدنة باتتْ على أجهزة «التنفس الاصطناعي»، ازداد حبْسُ الأنفاس في لبنان حيال ما سيكون على جبهة الجنوب وخصوصاً بعدما وُضع تعليقُ «حزب الله» وإيران ثأرهما لِما ارتكبتْه إسرائيل باغتيال شكر وهنية في إطار تفادي منْح نتنياهو فرصةً لإفشال المفاوضات ورمي كرةِ المسؤولية في ملعب محور «الممانعة»، وتالياً «حماية ظهر» الحزب وطهران في ردّهما الذي أكدا أنه حتميّ.
وفي حين استوقفَ أوساطاً سياسية إعلانُ الحرس الثوري الإيراني «أن فترةَ انتظارِ الردّ الإيراني قد تكون طويلةً وأن مرور الوقت في صالحنا، وردُّنا قد لا يشبه العمليات العسكرية السابقة، والكيان الصهيوني ارتكب جريمة كبرى باغتياله الشهيد هنية، وسيعاقب هذه المرة بصورة أشد من ذي قبل، وردنا سيؤدب إسرائيل جيداً، فعليها أن تترقب»، فإن هذا الموقف بدا في سياق واحد من أمرين:
-إما المزيدُ من «توسعة كوع» التمهّل وتمديده تَفادياً لصِدامٍ كبير لا ترغب طهران في أن تنجرّ إليه مباشرةً ولا قدرةَ لها عليه في ظل وجودِ الولايات المتحدة على الضفة المقابلة في معركةٍ لطالما تجنّبتْها لأنها ستعني هدْمَ كل ما راكمتْه من تمدُّدٍ في المنطقة وساحات «قوس النفوذ» المترامي حتى المتوسط.
- وإما محاولة «إلهاءٍ» لاستعادةِ عامل المباغتة في الضربة التي لا بدّ أن تأخذ في الاعتبار، في حال تنفيذها، «المعطى الأميركي» وتكون بمنسوبٍ تَفترض إيران أنه لا يعطي نتنياهو مسوغاً لردّ على الردّ يكسر كل القيود وينقل الصراعَ إلى مرحلةِ «وبعدي الطوفان».
وإذ كان الميدانُ الذي تتركّز عليه الأنظارُ يتوسّع ليشمل توقعات بتصعيدٍ في الضفة الغربية «وربما بحجم انتفاضة، ستتخلله عمليات تفجيرية وانتحارية في إسرائيل، وأن الانفجار في تل أبيب قد يكون مؤشراً على ذلك» كما ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإنّ أفقَ الميدان في جنوب لبنان بدا غامضاً في ضوء تَهَيُّب «حزب الله» رداً قبل أن تكتمل محاكاةُ الخطوة التالية لإسرائيل بعده، وهو ما يستوجب جهوزيةً دفاعية وهجومية من الحزب، ويدخل في الوقت نفسه في احتساب توقيت الردّ وإذا كان يصبّ في مصلحة تل أبيب بمعنى أن يأتي على «ساعة التفجير» الكبير التي تحددها هي، ناهيك عن وجوب أن يكون هناك «تزامُن في السرعة» بين الحزب وإيران في الردّ «غير المتسرّع».
وفيما تمّ التعاطي مع الرسالة البارزة التي وجّهتْها المقاومة الفلسطينية في غزة أمس إلى «حزب الله» وأمينه العام السيد حسن نصر الله والتي عكستْ بلوغَ مفاوضات الهدنة حائطاً مسدوداً باستعادتها لغة «زوال إسرائيل من الوجود» ودعوتها الحزب وباقي «محور المقاومة» للقيام بذلك و«التقدم نحو فتح باب خيبر من جديد»، على أنها بمثابةِ «نداءٍ» للدعم يَستحضر دعوة محمد الضيف بعد «طوفان الأقصى» لـ «فتْح كل الساحات وتوحيد الرايات»، فإن مفعولَ هذه الرسالة وتأثيرها على قرار «حزب الله» بدا محكوماً في أي حال بالاعتبارات البالغة الدقة التي تَحْكم مقاربته للمواجهة مع إسرائيل ومنسوبها والتي تتكامل مع رؤية طهران للمعركة من زاوية المشروع الإستراتيجي وفي الوقت نفسه مقتضيات إدارته بتقنين الخسائر وتوزيعها.
واستوقف الأوساطَ السياسية أنه في الوقت الذي انشدّتْ العيون على غزة ومفاوضات الهدنة، فإن إسرائيل أمعنتْ في توجيه رسائل بـ «فصْل الساحات» بين القطاع وجنوب لبنان الذي لن تشمله بأي وقف نارٍ، على صعوبة حصوله، وصولاً إلى إشاراتٍ سبّاقة أطلقتْها ليل الإثنين إلى بدء ضربات استباقية لردّ «حزب الله» على اغتيال شكر عبر الغارات على مستودعات أسلحة له في البقاع.
ضربة استباقية
ولم يكن عابراً قول القناة 12 الإسرائيلية إن «سلاح الجوّ نفّذ ضربة استباقية على أهداف مهمّة لـ«حزب الله»، تبعد عن الحدود الشمالية أكثر من 100 كلم، وذلك في إشارة إلى 3 غارات نفّذت في سهل قصرين، وسهل النبي شيت - السفري، وبين السفري وسرعين، وأعلن الجيش الإسرائيلي أنها استهدفت عدداً من مخازن السلاح التابعة لحزب الله في وادي البقاع، قبل أن تشير تقارير عبرية إلى أن هذه المواقع معدّة للاستخدام في ردّ الحزب على اغتيال شكر.
وإذ لم يسفر الهجوم عن سقوط قتلى وسط تأكيد وزارة الصحة اللبنانية أنها أحصت 11 إصابة، فإن الفيديوهات التي تم تداولها عن الغارات أظهر أحدها انفجارات هائلة وتطايُر ما يُعتقد أنه صواريخ في اتجاهات عدة، وسط تأكيد الجيش الإسرائيلي أنه «على إثر الهجمات، سُمع دوي انفجارات، ما يشير إلى أنه كانت توجد كميات كبيرة من الأسلحة في المخازن».
وسبق ذلك قيام الجيش الإسرائيلي باغتيال حسين علي حسين في منطقة يارين معلناً أنه «كان يعمل في وحدة القذائف الصاروخية التابعة حزب الله».
ورداً على غارات البقاع ويارين أطلق «حزب الله» أكثر من 75 صاروخاً باتجاه شمال إسرائيل والجولان، معلناً في إحدى بياناته أنه «رداً على اعتداء العدو الإسرائيلي الذي طال البقاع، قصف مجاهدو المقاومة الإسلامية الثلثاء بصليات كثيفة من الصواريخ مقر قيادة فرقة الجولان 210 في ثكنة نفح ومقر فوج المدفعية ولواء المدرعات التابع للفرقة 210 في ثكنة يردن».
لا ضمانات دولية
وفي موازاة ذلك نقل موقع «لبنان 24» (محسوب على رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي) عن أوساط حكومية معنية «أن الرئيس ميقاتي لم يتلقّ ضمانات دولية على عدم انزلاق الأمور نحو الأسوأ، لأن لا أحد يضمن مغامرات بنيامين نتنياهو. كما أن محادثات الدوحة التي ترعاها دول كبرى لم ترشح عنها أجواء إيجابية، وبالتالي على لبنان أن يكون يقظاً إلى حد كبير»، مشددة «على أن رئيس الحكومة يواصل اتصالاته الدبلوماسية بهدف حض أصدقاء لبنان على وقف التهديدات الإسرائيلية ومنع العدوان الإسرائيلي المتمادي على لبنان».
رسالة المقاومة الفلسطينية إلى «حزب الله»
وجّهت المقاومة الفلسطينية رسالة إلى «المقاومة الإسلامية» في لبنان، جاء فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم
«قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ»
الإخوة المجاهدون الأحبة في المقاومة الإسلامية في لبنان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام على سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، السلام على الشهداء والجرحى، السلام على المجاهدين الصابرين الثابتين كالجبال الراسيات، تزول الجبال ولا تزول أقدامهم.
أيها الإخوة الأحبة
أنتم والله نعم الإخوة ونعم السند ونعم الرجال الأوفياء ونعم المقاومة الصادقة المخلصة. أكثر من عشرة شهور ونحن نرى جهادكم وصبركم وتضحياتكم بأعز ما لديكم في نزال هذا العدو الذي يخشى مواجهتكم. هذا العدو الأحمق المهزوم الغارق في وحل غزة، الذي يستجدي في كل يوم قيادته للهروب والنجاة من ضربات مجاهدينا وكمائنهم التي شيّبت رؤوس الضباط والجنود الصهاينة، كيف له أن يواجهكم ويقاتلكم!!
أيها الإخوة الأحبة:
من قلب غزة ومن رحى المواجهات والقتال وغبار المعارك، ومن قلب معاناة شعبنا المجاهد الصابر الثابت، نرسل لكم هذه الكلمات في هذه اللحظات الفارقة في تاريخ الأمة وخذلان البعيد والقريب، فهذا العدو المذعور في شوارع قطاع غزة وأزقته، وكما وصفه سماحة الأمين العام السيد حسن نصرالله حفظه الله، بأنه أوهن من بيت العنكبوت، يقف اليوم على أطراف أصابعه يتملكه الخوف والانتظار المؤلم المُكلف -للأيام والليالي والميدان-
لقد أخطأ العدو في تقديراته وحساباته ونحن متيقنون من أنكم ستؤدون مهمتكم بكل جدارة، وسنرى بأسكم وجهادكم نافذاً بحول الله، أنتم وبقية إخواننا في محور المقاومة من إيران الإسلامية إلى سورية العروبة، إلى العراق الأبي، وصولاً إلى اليمن العزيز الذي حفر في التاريخ الإسلامي والعروبي بالدم والبارود أروع معاني الانتماء لفلسطين وقضيتها، فقد حان اليوم أيها الأبطال المجاهدون التقدم نحو فتح باب خيبر من جديد، والعمل لزوال"إسرائيل"من الوجود.
ختاماً: يا من نكاتفهم قتالنا ونشاطرهم صبرنا وشموخنا في معركتنا معركة طوفان الأقصى نقول لكم: إن النصر قريب وشاهدناه ببركة عطاء مجاهدينا الأماجد في قطاعنا الباسل وضفتنا البطلة، فصبرٌ حتى النصر، وتحرير كامل تراب فلسطين الحبيبة ومقدساتها.
تقبل الله جهادكم وصبركم وتضحياتكم
وإنه لجهادٌ جهاد، نصرٌ أو استشهاد
إخوانكم: المقاومة الفلسطينية».
إقفال وقائي لمصلحة الأبحاث الزراعية في البقاع
أعلن رئيس مجلس الإدارة، المدير العام لمصلحة الأبحاث العلمية الزراعية، ميشال افرام «إقفال محطات الأبحاث في البقاع بعد الغارات الإسرائيلية التي حدثت ليل الإثنين، بحيث سقطت صواريخ لم تنفجر بالقرب من محطة تل عمارة».
وأضاف البيان: «تحسباً لأي تطور سلبي وحفاظاً على أرواح الزملاء تقفل محطات تل عمارة وكفردان ورياق أبوابها غداً في انتظار جلاء الموقف».
وزير الطاقة اللبناني: الحصار الأميركي تَسَبَّبَ بدخول البلاد في العتمة الشاملة
أكّد وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية وليد فياض أنّ «أزمة الكهرباء في لبنان ودخول البلاد في العتمة الشاملة تعود إلى أمرين أساسيين، الأول خارجي ويتمثل في الحصار المفروض والعقوبات الأميركية عبر قانون قيصر، ما أدى إلى حرمان لبنان من تعدد الموارد في حصوله على الفيول، والأمر الثاني وهو العامل الداخلي المتمثل في المناكفات السياسية بين الأفرقاء».
وفيما بدأ لبنان بخطة طارئة انتقالية أتاحت توفير ساعات تغذية قليلة للمرافق الحيوية وسط طلب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي فتْح تحقيقٍ في ملابسات الانقطاع الكامل للكهرباء عن كل لبنان يوم السبت ومحاسبة المسؤولين، كشف فياض عبر إذاعة «سبوتنيك» عن «رسالة أميركية وصلت إلى السلطات اللبنانية قبل عامين تَعِدُ بحلّ العقوبات المتعلقة بقانون قيصر، إلا أن الأمر لم يحصل حتى الساعة لا بل على العكس، فالشروط التي كانت تتخذ طابعاً إدارياً تحوّلت شروطاً مالية وأمنية تتعلق بأمن إسرائيل، ونحن نريد مساعدة من دون شروط».
وأعلن أنّ «شحنة السبوت كارغو من المتوقع أن تصل إلى لبنان في 24 أغسطس وبعد أن تُفحص تدخل مخازن الكهرباء»، موضحاً أنّ «الشحنة تحمل 30 ألف طن من الغاز أويل وتؤمن 600 ميغاوات تغذية أيّ ما يعادل 6 ساعات كهرباء يومياً»، ولافتاً إلى أنّ «مؤسسة كهرباء لبنان أعطت الأمر لمصرف لبنان بفتح الاعتماد المخصص لتحرير عمل الباخرة وملء الفيول لتصل إلى لبنان في الموعد المتوقع».
وأشار فيّاض إلى أنّ «هذه الأزمة كان لها جانب إيجابي تمثّل في مسارعة الدول الصديقة إلى مساعدة لبنان ومنها العراق الذي جدد التزامه مع لبنان، والجزائر التي قدمت هبة من الفيول لإنقاذ لبنان من العتمة الشاملة».