كنت قبل ما يُقارب الـ 45 عاماً أو يزيد، أعشق السفر عبر العالم بالسيارة... وكنت ومازلت لا أحب، القيادة بسرعة تتجاوز المئة كيلومتر في الساعة.
وقد أثبّت السرعة على أقل من 80 كيلومتراً في الساعة، وبهذه الطريقة كنت أسجل في ذاكرتي البصرية، مشاهد خلّابة للجبال والسهول والوديان، التي أعبرها إلى الغاية المنشودة في أسفاري كلها.
فالسفر براً منفرداً، يعطي المسافر متعة وسعادة أكثر بكثير من السفر جواً عبر الفضاء.
مشاهداتي في السفر براً، كانت كثيرة جداً ومتعددة الاتجاهات.
عبرت حدوداً كثيرة ونزلت في دول مختلفة العادات والثقافات... فرأيت وتمعّنت في المدن والجبال والقرى الريفية، وتلك التي تُعد من قرى الصحراء... فما عشقت مدينة مثل العاصمة الأردنية عمّان.
منذ السبعينيات من القرن الماضي، وقبلها كان هناك نهر متدفق يجري بأمر الله سبحانه... ويعرفه العمّانيون القُدامى ممن عاصروا نهضة الأردن الحبيب، حيث كانت العربان تتجمّع حوله، تسقي وتروي أنعامها من ماء زلال، كان بمثابة شريان الحياة لبلد وشعب يرزقه الله الخيرات من حيث لا يعلم.
فسبحان الله الخالق الرازق الذي تجري بأمره الخيرات والنعم، والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه. فعمّان اليوم وإن جفّ النهر الذي كان يُطلق عليه اسم «سيل عمّان العذب الزلال»... وقد لا أبالغ إن قلت عن هذا السيل وحسبته رافداً من جنة النعيم.
ففي برنامج شيّق جميل للدكتور المؤرخ عمر محمد نزال العرموطي، يقدم عبره التاريخ الجميل والحديث الأجمل عن جميلة عواصم العالم عمّان المجد والتاريخ.
وبالمناسبة، فالدكتور العرموطي صاحب أكبر موسوعة عربية تتحدث عن بلاده الأردن بصفة عامة، وعن مسقط رأسه عمّان الهاشمية التي تعلو شموخاً عبر التاريخ والأجيال، وما تضم من مراقد ومزارات دينية وتاريخية، منها الكهف الذي يضم في أعماقه، فتية آمنوا بربهم فزادهم الله هدى هم «أهل الكهف» المذكورون في سورة الكهف في القرآن الكريم. ومن المؤكد أن التاريخ الاردني يصل إلى حضارات أبعد ويتجاوز زمن «أهل الكهف» بكثير...
فعمّان التاريخ... وأردن المجد عطره الفواح ينبعث من آل البيت الكرام، صفوة بني هاشم من ذرية المصطفى محمد بن عبدالله صلّى الله عليه وآله وسلم، وعبق خديجة والزهراء عليهما السلام... فهم تاج رؤوسنا ونور عيوننا وبلسم جروحنا وشفاء صدورنا.
فسلام عليهم إلى يوم قيام الساعة... وسلام عليك يا عمان المجد والتاريخ والخلود.
وتحية لكم يا أبناء شعب الأردن الشقيق، أصحاب غيرة وشهامة وصمود. وشكراً لك أخي العزيز الدكتور المؤرخ عمر العرموطي، على ما تقدم من إنتاج ثقافي علمي أدبي ينتفع به العالم ويزداد به الناس علماً ومعرفة على أمل اللقاء قريباً بإذن الله... وللحديث بقية.