من غير المستبعد أن تؤدي إلى كارثة شرق أوسطية على أطراف عدة بمَن فيها إسرائيل وأميركا
ترامب «يُحضّر» لحرب كبرى... إذا أصبح رئيساً!
لا يستطيع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إنهاء حرب غزة من دون الدخول بحرب أخرى على جبهة مختلفة أو المماطلة بمفاوضات وقف إطلاق النار أو نسْفها بعد القبول بمرحلة أولية تطلق سراح الإسرائيليين الأحياء أو عدداً منهم.
فهدفه الأول هو البقاء في الحُكْم حتى نهاية ولايته في أكتوبر 2026 أو الذهاب إلى انتخابات مبكرة عندما يضمن إعادة انتخابه - من دون محاسبة على إخفاقاته واتهاماته بالرشوة - بعد تقديم «نصرٍ ما» للمجتمع الإسرائيلي.
وقدّم المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية الرئيس السابق دونالد ترامب «خريطةَ الطريق» التي سيتبعها إذا أعيد انتخابه والتي تتضمّن حرباً شاملة بدعْم أميركي لا محدود وتوسّع جغرافي إسرائيلي ليَشمل دولاً شرق أوسطية أخرى مجاورة.
لن ينعم الشرق الأوسط بالسلام، إذا تضمّنت الأجندة الأميركية أهدافاً متطابقة مع الفكر القومي الصهيوني التوسعي.
ففي خطابه الأخير أمام الجالية اليهودية، قال ترامب: «عندما أعود إلى المكتب البيضوي سأدعم حق إسرائيل في كسْب حربها على الإرهاب. يجب أن يكون لهم الحق في الفوز بالحرب، وسأقدّم لإسرائيل الدعمَ الذي تحتاجه للفوز، ولكن أريدهم أن يفوزوا بسرعة. علينا أن نسمح لهم بالفوز بسرعة. انقِذوا إسرائيل. إسرائيل صغيرة جداً بالمقارنة مع دول شرق أوسطية أخرى. أليس هناك طريقة للحصول على أراضٍ إضافية»؟
وتابع المرشح الرئاسي «إسرائيل لا تستطيع القتال على ثلاث جبهات، وإسرائيل لا تملك قوات مسلّحة كافية».
عندما يقول ترامب إنه «سيسمح لإسرائيل بالانتصار بسرعة» فهو لا يقصد المساعدات المالية والعسكرية فقط. إذ ان إدارة الديمقراطيين الحالية بقيادة الرئيس جو بايدن دعمت إسرائيل بـ 3.5 مليار دولار، كما هي الحال كل سنة، وكذلك قدّمت 26 ملياراً إضافية أثناء الحرب ووافقتْ على إمداد إسرائيل بطائرات F-15 EAGLE الإستراتيجية التي تستطيع ضرْب إيران واليمن والعراق.
وأعادت أميركا تذخير جميع المنظومات الدفاعية الإسرائيلية، ما يساعد جيش الاحتلال على استخدام الذخائر بغزارةٍ لم يعهدها أي جيش في العالم ضدّ منطقةٍ صغيرة مثل قطاع غزة.
وتكفّلت الولايات المتحدة باعتراض أي صاروخ يُطلق من غزة أو لبنان أو العراق أو اليمن أو إيران، إذ إن أميركا وبريطانيا وأعضاء في حلف «الناتو» يجوبون البحر المتوسط وكذلك البحر الأحمر جواً وبحراً بحثاً عن أي خطر يتهدّد إسرائيل.
وتعمل القواعد الأميركية خصوصاً في العراق وسورية (وكذلك قواعد فرنسية وبريطانية) على اقتناصِ الصواريخ والمسيَّرات المتّجهة إلى إسرائيل.
ولم تشهد إسرائيل يوماً تجمّعاً عسكرياً بهذا الشكل والحجم بالإضافة إلى القوة البحرية البريطانية والفرنسية والأميركية التي أَحضرت قوات مشاة بحرية وقوات «دلتا» وزوارق وحاملة طائرات لدعم إسرائيل.
وتالياً عمّا يتكلم ترامب عدا عن مشاركة أميركا بالحرب مباشرة إلى جانب إسرائيل بأعداد أكبر من التي يقدّمها بايدن وبقوةٍ أكبر تشعل المنطقة ليتسنى محاولة تحقيق الفوز بسرعة، خصوصاً أن «إسرائيل لا تملك قوات مسلّحة كافية».
أما عن «الأراضي الإضافية» للكيان الصهيوني، فقد سبق لترامب أن قدّم الجولان السوري والقدس. فهو يدغدغ أحلام القوميين والمتدينين المتطرفين بحلم إنشاء «إسرائيل الكبرى من البحر إلى النهر»، كما يتبنّاه حزب الليكود (عام 1977) وتنادي به فئات عدة من حركة المستوطنين.
إذ توجد ايديولوجيات تنادي بحدود إسرائيل - غير المرسومة لغاية اليوم - من نهر الأردن إلى البحر المتوسط والتي يزعم هؤلاء أنها أرض إسرائيل التوراتية.
فمنهم مَن يشرح أن «حدود إسرائيل لم تُرسم بعد إلى حين عودة جميع اليهود إلى الأرض التوراتية والتي تشمل جنوب لبنان حتى صيدا ونهر الليطاني، ومرتفعات الجولان السوري وسهل حوران ودرعا وكذلك سكة حديد الحجاز من درعا إلى عمان وكذلك خليج العقبة»، بحسب «سفر التكوين».
وكان الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات سبق له أن شرح أن الخطين الأزرقين على العلم الإسرائيلي يمثّلان نهري الفرات والنيل. هذا بالإضافة إلى طموحات إسرائيل في الضفة الغربية وقطاع غزة، خصوصاً بعد قرار الكنيست برفض أي فكرة دولة فلسطينية مستقبلية، في الوقت الذي تعمل الحكومة الإسرائيلية من خلال المستوطنين القَتَلة على تهجير العائلات والقرى وحرْق المنازل والبساتين لاحتلال أراض فلسطينية إضافية.
عادةً ما يطلق المرشحون للرئاسة الأميركية وعوداً غير قابلة للتنفيذ جميعها، رغم أن بعضها يُنفذ أحياناً. إلا أن ترامب أهدى سابقاً ما لا يملكه من أراضٍ سورية لإسرائيل عندما كان رئيساً، مخالفاً قرارات الأمم المتحدة في ما يتعلّق بالقدس والجولان والضفة الغربية المحتلة.
ويُعرف عن ترامب أنه لا يعمل وفق أي حسابات سياسية ويأمر بالاغتيالات من دون رادع، كما فعل مع اللواء قاسم سليماني. وتالياً، فإن ما يَعِد به ليس مستحيل التنفيذ، خصوصاً إذا قرر إرسال قواته للمشاركة مباشرةً في الحرب إلى جانب إسرائيل.
إلا أن هذا لا يعني انتصارَه أو إمكان تحقيق أهدافه وأهداف الكيان الصهيوني. فقد فشلت أميركا في أفغانستان بعد 20 عاماً من الحرب وكذلك في العراق وسورية وليبيا رغم مئات آلاف القتلى والتدمير المرتفع للبنى التحتية، ما يدلّ على أن أهداف ترامب – إذا نجح وأراد تنفيذها – من غير المستبعد أن تؤدي إلى كارثة شرق أوسطية على أطراف عدة، بمَن فيها إسرائيل وأميركا، حتى ولو رمى كامل ثقله في معركة القدس وفلسطين ومناطق أخرى في الشرق الأوسط، لأن أعداء إسرائيل لم يعودوا ضعفاء وبإمكانهم الدفاع عن نفسهم، وغزة هي أفضل مثال على ذلك.