أصبحت تطبيقات التواصل الاجتماعي في متناول الجميع، كباراً وصغاراً. وقد سهّلت هذه التطبيقات حياتنا بشكل غير مسبوق في تاريخ البشرية.
يجد طالب العلم كنوزاً من العلوم تحت اصبعه، ويجد الهاوي مجتمعات كاملة تشاركه هوايته وينخرط معها. ويجد التاجر منصات عملاقة توصله إلى ملايين الزبائن بضغطة زر. ولكن، هل نعي الجانب المظلم من هذه التطبيقات؟
لقد بدأت جميع دول العالم بوضع آليات جديدة لاحتواء العالم الرقمي الجديد، من فرض الاتحاد الأوروبي على شركة «أبل» العالمية، توحيد سلك الشحن مع نظيراتها من الشركات، إلى القضية العملاقة من الكونغرس الأميركي ضد منصة «تيك توك».
شاهدنا جهوداً كبيرة من دول متطورة تجاه منصات مثل هذه. وقد تتساءل، هل هي فعلاً بهذه الخطورة؟
أظهرت العديد من البحوث في مجلات علمية رفيعة المستوى، أن تطبيقات التواصل الاجتماعي أصبحت السبب الرئيسي في تراجع القدرة الاستيعابية لجيل الألفينات، وقدرت بسبع ثوان فقط.
نشأ هذا الجيل وترعرع على هذه التكنولوجيا ولم يعرف حياة أخرى من دونها.
أصبح هذا الجيل مدمناً لمادة الدوبامين التي يفرزها المخ عندما يشاهد مقاطع سريعة في هاتفه، فيقع في دوامة من الكسل والانغماس في هذه الفيديوهات.
ويُقدر عدد الفيديوهات التي يشاهدها الشخص من هذه الفئة بأكثر من ألف في اليوم، تتراوح مواضيعها بين السعيدة والمضحكة إلى القلقة والكئيبة، ما يجعل مشاعر المشاهد تتقلب بكثرة وفي مدة قصيرة جداً.
لننظر إلى بعض الممارسات المخيفة التي نراها بكثرة عند تصفح برامج التواصل الاجتماعي في الكويت تحديداً.
شاهدت بقلق العديد من «المشاهير» المعروفين في مجال الرياضة وكمال الأجسام، يروجون لمواد وهرمونات للشباب من دون وصفة طبية أو رخصة صيدلة أو تحاليل دم.
هل يقبل الرقيب في البلاد مراقبة ذلك من دون تحرك؟ وشاهدنا أيضاً حسابات لمحلات تجارية تروّج لأسلحة بيضاء خفية وتسوّقها للشباب، ناهيك عن حسابات محلات الوشم والمساج وغيرها. نسأل الله السلامة والحماية.
رأيت أبشع المنتجات المحرمة والممنوعة تُروّج بكل أريحية عبر هذه التطبيقات، حيث يُرسل رابط دفع للمشتري، لكي لا يكون هناك وصل شراء، ومن ثم يتم توصيل المنتج إلى منزل الشاري.
في هذه الحالة، نرى سوقاً سوداء تهدد حياة المواطنين بشكل صريح دون تدخل من الجهات الرقابية. علماً أننا لم نبذل جهداً يُذكر في البحث، إذ ظهرت لنا هذه الحسابات أثناء التصفح العادي نظراً لشدة شهرتها في الكويت، إذ لكل منها ملايين المتابعين.
لا أرى حرجاً في أن تفرض الجهات الرقابية حظراً على بعض المواضيع التي تظهر في هذه التطبيقات ضمن الحدود الجغرافية الكويتية، كما تفعل العديد من الدول.
قد نصل إلى منع بعضها إذا كان ضررها يفوق فائدتها. لابد من وضع آلية رصد لهذه السوق السوداء التي لا يردعها قانون أو شرع أو أخلاق وتتاجر بأرواح أبنائنا بكل سهولة.
وما أراه مستفزاً هو عدم خوف أي منهم من المحاسبة ومجاهرتهم بتجارتهم هذه! لا أعتقد أن مسؤولية الإبلاغ تقع على المواطن وحده، ويجب أن تُوضع فرق حقيقية ترصد هؤلاء وتحاسبهم بأسرع وقت ممكن.
إضاءة:
حفظ الله الكويت وأميرها وشعبها من كل مكروه.