ربيع الكلمات

القضية الإسكانية... المشكلة والحل

تصغير
تكبير

لا شك أن القضية الإسكانية وتوفير السكن للشباب تحول إلى هاجس كبير بسبب كثرة الحلول النظرية الورقية، ولكن على أرض الواقع الشيء مختلف، وخير مثال التسويق الذي تم لمنطقة «صباح الأحمد» من خلال المقاطع التي قامت بها المؤسسة العامة للرعاية السكنية، من خدمات ومساحات خضراء وأسواق ومؤسسات تعليمية وكافة احتياجات السكان، ولكن على أرض الواقع الشيء مختلف تماماً والفرق واضح بين الاثنين، ولعل زيارة واحدة للمنطقة ومقارنة الشكل التسويقي على الواقعي تتعرف على الفرق.

ولو استمرت القضية الإسكانية بهذا الشكل من دون تغيير فإنها ستتسبب بهدر كبير لخزينة الدولة والمواطن على حد سواء، فالمواطن الذي ينتظر الرعاية السكنية فإنه سيدفع أكثر من 100 ألف دينار كويتي نظير انتظاره بسبب الإيجارات التي يدفعها وهي أكثر من هذا المبلغ، أما الدولة فإنها تقدم مبلغ 70 ألف دينار يقسط ويسترجع بالكامل لخزانة الدولة من غير أي فوائد، إضافة إلى تقديم مواد بناء للمشمولين بالرعاية السكنية تقدر قيمتها بـ25 ألف دينار تقريباً لكل مواطن بشكل مجاني.

ولو قسنا مبلغ الأموال التي ستدفع فقط عن الدعومات للطلبات الحالية لعدد 100.000 طلب إسكاني حالي فإننا سنحتاج إلى مليارات من الدنانير المسحوبة من خزينة الدولة، تقريباً 2.5 مليار دينار للدعوم و2.5 مليار أخرى لمشاريع الكهرباء والماء والصرف الصحي والشوارع والبنية التحتية.

وفي الواقع من شبه المستحيل أن توفر الدولة المبالغ الكبيرة في ظل تذبذب أسعار النفط والعجوزات الموجودة في خزانة الدولة.

وهذا أمر يحتاج إلى إعادة نظر بحيث يتم استرجاع كامل المبلغ الذي يعطى للمواطن بشرط أن يحصل على بيت وسكن له ولأسرته يقل عن قيمة الإيجار الذي يدفعه، وبالتالي المواطن استفاد ووفر قيمة الأموال التي يدفعها قبل أن يحصل على الرعاية السكنية، والدولة كذلك استفادت وبطريقة مستدامة عبر توفير مساكن ودعم الميزانيات للقادمين الشباب في السنوات المقبلة.

خصوصاً أن هناك 400 ألف شاب كويتي سيدخلون سوق العمل خلال العشر سنوات المقبلة، كما أن هناك 700 ألف مواطن تقل أعمارهم عن 24 عاماً، لذلك، إذا أردنا لدولة الرفاه أن تدوم فعلينا‏ تنويع مصادر الدخل، وتوجيه الدعوم للمستفيد الحقيقي، وترشيد الإنفاق، الاهتمام أكثر بالاقتصاد ودعم القطاع الخاص وهو شريك أساسي في ايجاد الحلول وأحدها الرعاية السكنية.

والبناء العمودي قد يكون أحد حلول هذه المشكلة لأنه ليس كل الشباب يريد بيتاً، ولكن إذا توفرت بنية تحتية جيدة وبناؤها بطريقة عصرية تناسب احتياجات الأسر مع توفير الخدمات الكاملة في هذه المناطق ووسائل نقل مختلفة مثل ما هو حاصل لبعض شركات القطاع الخاص، وعلى سبيل المثال مشروع «حصة المبارك» السكني لو كانت الجودة الحكومية مثله لوجدت الشباب لايترددون في اختيار الشقق بدل البيوت، ولكن مازالت التجربة الحكومية في البناء العمودي جداً متواضعة، ما يؤدي إلى عزوف الأسر عنها، ولذا يجب الاطلاع على تجارب الدول الناجحة ودراسة أسباب النجاح.

وتعتبر أسعار العقار في الكويت هي الأغلى على مستوى جميع دول مجلس التعاون الخليجي، والحلول لعلاج المشكلة الإسكانية كثيرة، ولكن قبل ذلك الأمر يحتاج إلى قرار شجاع.

فمن الحلول تحرير أراضٍ جديدة والسماح للقطاع الخاص بتطويرها، كما هو حاصل في دول الخليج، وإعادة بيعها للمواطن بسعر معقول ومقبول، خصوصاً وأن 90 في المئة من مساحة الكويت عبارة عن صحراء وأراضٍ لدى بعض شركات ومؤسسات الدولة، ووضع التشريعات الخاصة بقانون الرهن العقاري وتنظيم التمويل العقاري، وزيادة مدد السنوات الخاصة بالقروض العقارية، وتحرير الأراضي، وإدخال المطور العقاري، وتوفير الخدمات للمساكن الجديدة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي