هناك جيل يتذكر طفولته بسعادة، فقد كانت فيها شخصية كارتونية مشهورة تُدعى الكابتن ماجد، حتى الفتيات يعرفنه جيداً بسبب شهرته، لقد ضاع من وقتنا حلقتان إلى ثلاث حلقات كان ماجد فيها يجري باتجاه مرمى الخصم، وبينما كان يجري كان يتحدّث مع نفسه، تماماً مثلما نتحدث مع أنفسنا طوال اليوم في كل صغيرة وكبيرة، نعاتب أنفسنا نلومها، نشجعها، نقويها ونحفزها.
كان الكابتن ماجد يخطط أثناء جريه للمرمى، كيف سيرمي الكرة وفي أي اتجاه؟ ولماذا عليه الفوز؟ ومن سيفرح بفوزه هذا؟ يتذكر لقطات وصوراً من ذاكرته في الماضي، في الحقيقة لا توجد لعبة كرة قدم في العالم الواقعي يحتفظ بها لاعب واحد بالكرة ويجري دون أن يعرقله أي لاعب آخر أو أن يمررها حتى لأحد زملائه، وعند وصوله للمرمى فهو يركز بشدة بالكرة وبالحارس وبالشباك وبالجمهور وبالمتابعين خلف الشاشة قبل أن يحقق هدف الفوز.
لو قِسنا هذا المثال الخيالي في الحياة الواقعية، وتذكرنا سؤال المعلمة ماذا تريدين أن تصبحي في المستقبل، كل نصف سنة دراسية كنا نغير أهدافنا، في الواقع كانت أهدافنا مشوشة وتركيزنا أكبر فقط على دراسة المادة والمعلومات فيها والتركيز في الاختبار أكثر من التركيز في المستقبل الذي نسعى له.
لذلك، يتذمر كثيرون اليوم بسبب عملهم الذي لا يناسب الشهادة العلمية التي حصلوا عليها وتلك قضية أخرى، ليس شرطاً الحصول على وظيفة تناسب الشهادة العلمية، وحتى من يعمل في عمل متعلق بشهادته لا يعني أنه سينجح، على سبيل المثال طبيب لا يبرع في عمله، ولكنه محبوب جداً لكثير من الناس بسبب فلسفته الجميلة في كتابته للروايات فأحبه الناس لأنه كاتب رائع وليس لأنه طبيب.
ولنتطرق لمثال قريب عن التركيز وهو اللاعب التركي وبطل الرماية يوسف ديكيتش، والذي حاز انتباه العالم أجمع بمقارنته بمن ينافسه وأخذهم لجميع الاحتياطات للتركيز أكثر والوصول للفوز، وقدومه ببساطة بسماعة أذن صغيرة ونظارة طبية وأخذ الميدالية الفضية ببساطة شديدة كي يرسل لنا رسالة واضحة مفادها (لا تكثر من التركيز المبالغ).
أن تنصح شخصاً مراراً بأن يركز في دراسته واختباراته فقط تكون قد وضعت حِملاً ثقيلاً على عاتقه، وهذا ما يسبب نفوراً للدراسة وكره الكثير من الطلبة للدراسة والنجاح، من يركز كثيراً يخطئ كثيراً، أو المُبالغ فيه تماماً مثل بائعي علم الطاقة، الذين ينصحون الناس بالتركيز في المليون، أعرف شخصاً ركّز منذ خمس سنوات وما زال يركز. عليك أن تحبب المواد الدراسية للطالب وتجعله يدرسها بسهولة ويسر والاستفادة من المعلومات دون ضغط عليه، وأن يدوّن أهدافاً كثيرة وليس هدفاً واحداً فقط، لا نقصد تشتيت ذهنه وإنما إتاحة الخيارات في حياته، حتى لا يصاب بخيبة أمل عند تركيزه المبالغ وعدم بلوغه الهدف المنشود.