تصور لو تُسجن من دون أن ترتكب أي ذنب، هذا ما حدث لي قبل يومين، وقبل أن نبدأ بحكاية السجن، تذكرت وأنا أكتب المقال صاحبنا «دحيريب»، وهو إنسان طريف كنت التقي معه قبل «كورونا» في ديوان ما.
دحيريب، له حكاية حيث ذَكَرَ لنا أن أفراد عائلته حاصروه لسنوات وطالبوه بأن يُغيّر اسمه الذي لا يُناسب لا الزمان ولا المكان، واقتنع أخيراً وقدّم طلباً بتغيير اسمه، ووصل الأمر للقضاء وفي الجلسة قال له القاضي: يا ابني يا دحيريب لماذا تريد تغيير اسمك؟
«رد قائلاً:«يا حضرة القاضي كم شهر وسندخل سنة ألفين لهذا بنغير كما الزمان غير». ابتسم القاضي ووافق على تغيير اسمه.
ودحيريب له حكاية ترتبط بموضوعنا، حيث يقول إنه في أحد الأيام خلع ضرس العقل وانتفخ خده وتغيّرت معالم وجهه، وعندما أراد فتح هاتفه ببصمة الوجه رد الهاتف قائلاً:«أنت غير معروف لدينا»! وهنا وقع في إشكال، وصاحبنا له قول أعجبني ودليل على أهمية الهاتف النقال، يقول دحيريب:«إذا جاك ولد سمه آي فون»، لان هذا الجهاز العجيب يقوم بمئات المهام حتى ابنك لا يقوم بها، يذكرك بالصلاة وينور عليك إذا لا كهرباء حولك، ويدلك على الطريق وبه منبه يوقظك من النوم، ويزودك غوغله بأي معلومة تريدها وهكذا».
أعود لسالفة سجني، أبعدنا الله عن السجون وأبعد صاحبنا، قبل يومين كنت في مؤسسة حكومية وأردت الصعود من السرداب إلى الطابق الأول، وبلحظة توقف المصعد، وحاولت أن أضرب كل الأزرة ولا حراك، هنا عرفت أنني مسجون انفرادي، والإنسان العاقل يضع في حياته احتمالات منها أن يقف فيه مصعد في يوم ما، لهذا لم أرتبك وأخذت هاتفي وفعلت خدمة التوقيت لحساب الوقت، ومرت دقيقتان لم يأت إنقاذ، وكان أمامي أن أتصل على رقم 112 الطوارئ ولكن لم أفعل، وفضلت أن أتصل على مسؤول في المكان واتصلت عليه، وفعلاً جاء الإنقاذ ومحاولات أولى من الأمن فشلت، وبعدها جاء «طيور شلوى» عدد من الفنيين الهنود ومحاولات لتشغيله.
المهم وأنا في الحدث تذكرت حالة مسجون في سجن، وتذكرت سالفة دحيريب وهاتفه المُنقذ، مرت عشر دقائق وبعدها عشر دقائق أخرى حتى انفرجت عندما وصل العد إلى 22 دقيقة خرجت وشكرت الجماعة، والغريب أن 22 دقيقة كأنها خمس دقائق، هنا تصور لو لم يكن معي هذا الجهاز العجيب، وصدق قول دحيريب.
طبعاً، حرفت اسم صاحبنا دحيريب فهو ليس اسمه الأصلي، إنما قريب منه، حيث لم أود أن أذكر اسمه الحقيقي من دون أن أستأذن منه، ومعنى «طيور شلوى»، يُقال هذه صقور طيبة موطنها جبل بإيران اسمه جبل شلوى، وهذا ما ذكره الشاعر حمد العزب، رحمه الله، في إحدى حلقات برنامج البادية، والله أعلم.