باتت قضية الاعتداء على المال العام، والتلاعب بأموال الدولة من أخطر القضايا التي تهدّد الأمن، حيث أضاعت حقوق الناس وألحقت خسائر وأضراراً فادحة، وسبّبت خللاً في حماية واستقرار المجتمع.
المال العام حق لمجموع الناس، وشدّد الشرع في حُرمة الأخذ منه، بل هو أشد حرمة من أخذ المال الخاص، فالأول اعتداء على حقوق المجتمع كله، والثاني اعتداء على حق فرد واحد، والمال الخاص له من يحميه وهو صاحبه، أما المال العام فحمايته مسؤولية المجتمع كله، فمن اعتدى على هذا المال وأخذ منه شيئاً دون وجه حق، فكأنما أخذ من جميع أفراد الأمة، فمال الدولة وكل ممتلكاتها أمانة عند المسؤولين عنها والقائمين على تشغيلها وتخزينها، فيتوجب اختيار الأكفاء لإدارتها بالعلم والخبرة، والحفاظ عليها وعدم إهمالها حتى تستقيم حياة البلد وأفراده.
والمسؤول الصالح هو من يراقب الله في كل ما يصدر عنه من قول أو عمل، ولا يفرط في أي حق اؤتمن عليه، بينما الغالب اليوم هو وضع الشخص الذي لا يحافظ على تلك الأمانة، ولا يصلح لهذا المنصب، فيستغل سلطته في إساءة التصرف بمال الدولة والتلاعب بها بحسب هواه، وإهدار المال العام بالتبذير أو ضياع المال في ما يضر ولا ينفع، والأخطر إن كان إنفاقه فى أوجه الفساد، أو الترف الزائد الذي يجلب مفسدة كبيرة على أفراد المجتمع وخراب للبلد، فالحرص صار على التفاهات، وترك الضروريات، وينسى أن المال الذين بين يديه أمانة.
وهو الذي صار واقعاً ينكره الناس ويرفضونه بشدة، وقد ارتفعت أصوات الناس لما في ذلك من فساد وظلم وتعدٍّ على حقوقهم، وهو المنتشر الآن على الساحة، والمُشاهد على مواقع التواصل، لأنه جريمة شرعية وأخلاقية وخيانة وطنية لا يقبلها الشعب.
ومن الواضح أن أهم أسباب التطاول على مال المجتمع وعدم احترامه هو ضعف الإيمان، وفساد الأخلاق، والجهل بأحكام المال العام، وحين يتجرد الإنسان من ضميره ومبادئه، وينخلع من وطنيته وحبه لبلده، لا نتعجب من تلاعبه بكل ما يجب الحفاظ عليه من أجل المجتمع كله.