قيم ومبادئ

الترقيات والبعثات والإصلاح؟

تصغير
تكبير

لا نريد لغة البلبلة العلمية التي نقرأها عادةً في مقدمات البحوث بين الفروض الصريحة والفروض المبهمة والمقابلات من هنا والمعارضات من هناك ثم تخلص إلى مشكلة البحث... وهي الإنسان الذي نريده، وذلك هو موضعه الصحيح في (الشخصية الإنسانية) الحضارية، فلا مستقبل للإنسان إن لم يكن مستقبلاً لىشخصيته الكاملة، ولا تطور لهذه الشخصية إن لم تكن شخصية قيادية ذات ضمير، وبطبيعة الحال ما هو براء من النقص والتقصير!

إنّ الشخصية الإنسانية مركبة من عقل وعاطفة وضمير، فهي ليست مجرد أعضاء ووظائف وخلايا وأعصاب... ومعنى تطور الإنسان في الذهن أن تتم له هذه الشخصية بعدما نبتت له بذورها في أطوار النمو الماضية... وليس في الواقع ما يمنع الدولة بحسب «الدستور» أن ترعى النشء وتصونه من الإهمال أو الاستغلال وسوء الاستخدام. اللهمّ إلا استمرار حالة الشللية والبيروقراطية واستماتة البعض لاستعادة دوره الذي ران عليه الغُبار والعثار.

والملاحظ اليوم في التعليم العالي وبعض الممارسات في سُلّم الترقيات والبعثاث في بعض الجامعات وعند عمداء الكليات يجد أننا على مسافة بعيدة من اليوم الذي يصبح فيه الإنسان وقد تطور التطور الذي يجعله أهلاً لأن يشعر بضميره أو (الوازع الديني) - كما يقال - وألا يكون كل همه في المعاملة أن يعامل كما يعامل الطفل القاصر في ظل استمرار الهدر في الدولة الريعية مع استمرار سياسة قروبات التصفيات ؟

فحتى نصل إلى اليوم الذي ننتج فيه ذلك الإنسان الجامعي المتطور الذي بلغ حالة من وعي الضمير بحيث توسع له أفق النظر وتأهل كي يضطلع بالدور العظيم في القيام بمهمات تحقيق أهداف الجامعات وإصلاح التعليم وتحقيق تكافؤ الفرص، ولا يكون كالحمار الذي يدور في الساقية وقد أغمضوا عينيه كي لا يصاب بدوار من أجل الاستمرار في سقي غيره... أو كالحيوان الأعمى الذي يعمل في أعماق المحيطات الداكنة السواد ولا يدري أنه يبني بعمله جزيرة مرجانية سوف تعمرُ بالكائنات التي تبحث عن مصالحها فقط!

ولكننا باختصار نريد من مخرجات البعثات والترقيات أن تصل إلى إنتاج الإنسان الذي يعمل وهو يعلم أنه رائد للسلالة المقبلة من أبناء هذا البلد التي ستتبوأ المناصب القيادية وهي وليدة سعيه المبرور وجهده الأكاديمي المشكور.

وعلى كل إنسان أن يذكر أن القانون الذي كان قبل «حل المجلس» هو القانون ذاته بعده، وسيبقى وعليك أن تناضل وأن النضال لم يهدأ إلى الآن، لأنه تحول من الميدان المادي إلى ميدان الروح والقيم، وعليك ألا تنس كرامة وسمو الخطاب الأميري في مكافحة الفساد الشامل، وعليك أن تسعى في تحرير نفسك أولاً، وأن تنقاد في ذلك الجهاد لأدق البواعث الوطنية المخلصة من قرارة وجدانك حتى مع أقرب الناس إليك، وأن هذه هي شرارة الإصلاح كامنة في قرارك... وأنت حر قادر على أن تهملها أو أن تقتلها أو تفزع للصالح العام وتعرب عن غيرتك على العمل لله، ثم للأمير، وتتخلى عن سلوك الماضي، فهذا قرارك.

فهل نتوقع مخرجات جديدة؟

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي