لقد شهدت الكويت أخيراً إعادة إحياء دور التمريض بإطلاق مؤسسات تعليمية أخرى غير المتوافر حالياً مثل كلية التمريض. إلا أن هذه المرحلة الجديدة لم تخل من التحديات. حيث انطلقت موجة من الإشاعات والانتقادات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تدعمها قوى خفية تسعى إلى تقويض استقلالية التمريض وتطويره. هذا الوضع يثير تساؤلات عدة، من أبرزها: من المستفيد من هذه الحملات السلبية التي تستهدف مهنة التمريض؟
ويتساءل الكثيرون عن واقع التمريض في الكويت وما إذا كانت مؤسسة تعليمية واحدة قادرة على تلبية احتياجات سوق العمل الذي يتسم بتعدد المستويات والتخصصات.
الواقع يقول إن هنالك نقصاً حاداً في أعداد الممرضين والممرضات، ولا يمكن لمؤسسة واحدة أن تسد هذا العجز. الأمر يتطلب تنوعاً في المؤسسات التعليمية التي تهدف إلى تحسين جودة التعليم وتقديم تخصصات جديدة تناسب سوق العمل المحلي. فمجرد وجود مؤسسة واحدة قد لا يكفي، بل يجب أن نتوسع في هذا المجال لضمان التغطية الشاملة للاحتياجات التعليمية والمهنية.
لا يقتصر الطموح على زيادة عدد المؤسسات، بل يتجاوز ذلك إلى التوسع إلى تعزيز التعليم العالي في التمريض وتوفير مجالات دراسية متقدمة مثل برامج الماجستير والدكتوراه، بالإضافة إلى الدبلوما التخصصية التي يمكن أن تعزز من مهارات العاملين في الوحدات التخصصية في مختلف المستشفيات والمراكز الصحية في الدولة.
الكويت لديها الإمكانات والبنية التحتية اللازمة، وكذلك القدرة على التعاقد مع هيئة تدريسية وتدريبية ذات كفاءة عالية من داخل البلاد وخارجها. هذا الاستثمار في التعليم ورفع جودة التعليم العالي في التمريض سيعكس إيجاباً على النظام الصحي في المجتمع الكويتي.
ويتطلب تحقيق كل هذه الخطوات من جميع الأطراف المعنية التحلي بالمرونة وعدم الخوف من التغيير. فلا بد من تجاوز حدود النجاحات الأولية، والبحث المستمر عن سبل جديدة للتطوير في جميع مستويات التمريض. فالاحتفاظ بمستوى الإنجازات الحالية يتطلب جهداً إضافياً، وهذا يتطلب رؤية واضحة ومستمرة نحو النجاح.
إن التركيز على الجودة والنمو في مجال التمريض ليس مجرد هدف، بل هو ضرورة ملحة لضمان تقديم رعاية صحية ممتازة للمجتمع الكويتي. يجب أن يكون الهدف الأسمى هو التميز والتفوق في جميع مجالات التمريض، وليس الاكتفاء بما تم تحقيقه مسبقاً. التحسين المستمر هو الطريق لضمان تقديم الرعاية الصحية التي يستحقها الجميع.
في نهاية المطاف، يعتمد مستقبل التمريض في الكويت على استعدادنا للاستثمار في الكوادر البشرية وتطويرها، بدلاً من الطعن في جهود التمريض، يجب علينا دعم وتعزيز هذه الجهود، لضمان تقديم أفضل رعاية صحية ممكنة.
إن تعاضد الجميع – من الهيئات الحكومية، الأكاديميين، والممارسين – يمثل مفتاح النجاح في هذا المجال الحيوي.
بهذا، يجب ألا نغفل عن أهمية مستقبل التمريض في الكويت، وضرورة تكاتف الجهود للعمل على تطويره وتعزيزه لتحقيق أهدافه النبيلة.