من القلب إلى القلب يا دكتور  إبراهيم الحمود

تصغير
تكبير

لأنه بواجهة هجمة شرسة من لدن البعض الذي لا يقوى على المواجهة ولا يظهر في وضح النهار، كان لابد من انبري عمن الدفاع عنه شرف والوقوف معه شرف وصحبته شرف، لأعيد وأستعيد ما حملته الذاكرة وما يستقر في القلب واللب.

صعب جداً أن تكتب عن صديق درب طويل كان فيه ما فيه من المواقف والملمات والتحديات والصعوبات ما يميز الغث من السمين والطيب من الخبيث... طريق شقّتْ دروبه ذكريات حفرت روافدها تعاريج في نياط القلب.

منذ أكثر من 25 عاماً رافقته كتفاً بكتفٍ ويداً بيدٍ ولم أجد منه إلا مواقف ثابتة ضرب فيها أروع القصص والأمثال.

وعلى الرغم من تقدم قطار العمر إلا أنه لا يزال بقلب الشباب وعقل الحكماء وعزيمة الأبطال؛ لم يقصده صاحب مظلمة إلا وانتصر له، ولم يلجأ إليه صاحب حاجة إلا ولبى طلبه، ولم يختبره خصم إلا وبرهن له مواجهاً بشجاعة الشهام، هكذا كان وهو كذلك لا يزال.

خلال السنوات الثلاث الماضية خاض غمار التحديات وهو على رأس جمعية أعضاء هيئة التدريس فكان عنواناً كبيراً لسيرة رجل نقابي فذ، عكف على رعاية مصالح الزملاء بالجامعة بشكلٍ متساوٍ عادلٍ دون تمييز.

في معظم تلك الأيام التي ربت على آلاف الأيام وكان يحضر إلى مقر الجمعية منذ الساعة السادسة صباحاً ليراجع الشكاوى ويكتب العرائض والتقارير ويدون البيانات والتصريحات التي أثرت أدبيات هذه المؤسسة المدنية العتيدة فجعلتها في الصدارة وبامتياز.

لم يسلم هذا الفارس من القدح والهمز واللمز تصريحاً وتلميحاً، ولكنه قابلهم بقلب الشباب وعقل الحكماء وحجة العلماء. لم تثنه كل تلك العقبات ومحطات الانتكاسات ونكران الجميل من لدن البعض، بل حملَ وزرها على كتفه مثابراً بقوة مبادئه ومكامن قدراته النادرة. لقد مثل أعضاء الهيئة التدريسية أمام قيادة السلطتين التنفيذية والتشريعية فضرب لهم أمثالاً، ومثل أمام السلطة القضائية فكان بالحق صادحاً، ومثل الجمعية في مجلس الجامعة فكان جلداً صادقاً، وانبرى في وسائل الإعلام فأقنع الخصم قبل الصديق مناصحاً واضحاً، فواجه الكذب البواح بالحقائق الساطعة وتعامل مع الإشاعات بفنياته القانونية والنقابية المحترفة.

بعد كل تلك السنوات التي تجاوزت ربع القرن من الزمان لا يزال الدكتور إبراهيم الحمود، رفيق الدرب الحميم يكدح ويضع يده جسراً لمن يطرق بابه كي يعبر إلى مأمنه. لقد اختزل هذا الرجل الفذ قصة إنسانية طويلة اعترك خلالها المعتركات، ولم يعبأ من أشواكها التي تغز الجراح المسيلات، فمضى في سيرته النبيلة فارساً لم يبخل قلمه عن سيول خطوط المكاتبات ولم يتنازل عن سيف حججه في المساجلات.

بعد ربع قرن من هذا العطاء الدفاق الذي تشرفت أن أكون معه مصاحباً وصاحباً، وعلى الرغم من انقضاء فترة رئاسته بل قيادته لجمعية أعضاء هيئة التدريس لا ازال أتطلع أن أخوض معه مغامرات مستحقة في ما تبقى من العمر لما لها من لذة الرجولة ونبل الفروسية ورباطة الجأش... تلك كلمات تعبر من القلب إلى القلب يا صديقي الوفي.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي