عاشوراء وموقعة كربلاء كلمات يصعب الكتابة عنها ووصف حدودها ودروسها، ذلك لعِظمها وسموها وشموخها كهامة جبل أشم يصعب للأقلام أن تدرك مداها. في الوقت ذاته، هو أمر يسير الاغتراف من بحر الكلمات والمعاني التي تزدهر بها هذه الواقعة، التي تبقى نار جذوتها مشتعلة لا تخبو بل يزداد وهجها ويتشعشع نورها مع مرور السنين.
في يوم عاشوراء وفي كربلاء وفي قلة من الرجال وفي بضع ساعات من نهار، ترى في هذه البقعة المحددة وفي هذه الساعات القليلة أعظم صور الشجاعة والفروسية والكفاح والصمود والأنفة، وفي الوقت نفسه، ترى فيها أعلى معاني الحب والرقة والعواطف الجيّاشة والدموع والحنان الأبوي.
نعم في يوم عاشوراء صور كثيرة لا تنتهي من الصمود والبطولة والفروسية والشجاعة التي تجلّت في الحسين، وكذلك فيها صفحات من العواطف وأمثلة من الترفق والشفقة حتى مع الأعداء.
نعم، في يوم عاشوراء تتحرّك الدموع وتتحرّك العاطفة والمشاعر الجيّاشة التي تُذكّر دائماً بهذه الواقعة المُشرفة وذلك الدرس الإسلامي الكبير الذي قدّمه الإمام الحسين، عليه السلام، فظلت هذه الذكرى تحملها دمعات متدفقة في محاجر البشرية، وفي ذلك يقول المستشرق الإنكليزي إدوارد براون (هل ثمة قلب لا يغشاه الحزن والألم حين يسمع حديثاً عن كربلاء؟).
نعم كل كلمات النثر والبيان تقصر عن الإحاطة بيوم الحسين في كربلاء، وكل القصائد وقوافيها تقف محتارة في نظم أبياتها في هذه الواقعة.