في الكويت، لا يخلو حديث حكومي أو اهتمام تخطيطي من التركيز على فئتين من المجتمع، وهما الفقراء والأغنياء «مجتمع الأعمال» بمشاريع يفترض أن تنعكس إيجاباً عليهما.
ورغم أهمية هذا المنطلق إلا أنه يغفل دور شريحة من المجتمع مؤثرة ويتعين العمل على زيادة حدودها وهي الطبقة المتوسطة، باعتبار أن لحجمها في أي بلد آثاراً اقتصادية وسياسية واجتماعية كبيرة. فالطبقة المتوسطة الكبيرة تزيد الطلب على السلع والخدمات المحلية، وتساعد في دفع النمو الاقتصادي الذي يقوده الاستهلاك.
كما أن مدى حيزها يشكل مؤشراً قوياً على سلامة الاقتصاد والحالة الاجتماعية حيث تعتبر صمام أمان وعامل استقرار وتوازن، وكلما اتسعت قاعدة هذه الطبقة دل ذلك على عافية المجتمع وصحة حراكه، إذ تمثل الطبقة المتوسطة حلقة الوصل الاجتماعي بين طبقتي الأغنياء والفقراء. ولذلك تعد العمود الفقري لأي مجتمع متقدم حضارياً والوتد الاقتصادي للمجتمع.
فإيقاع المجتمعات وتقدمها أو تأخرها أو بقاؤها محلك سر مسؤولية كلاسيكية ترثها الطبقة المتوسطة. هكذا قالوا قديماً، وهكذا يتحدثون حالياً. حتى ان بعض النظريات الاقتصادية ترى أن «الطبقة المتوسطة مقياس نسبي ومفهوم مطلق إلى حد كبير».
ففي الدول المرتفعة الدخل، أن تكون من الطبقة المتوسطة يعني أنك تتمتع بما يكفي من الأمان المالي لتكون قادراً على التخطيط بأريحية للمستقبل.
أما في العالم النامي، فيرى الاقتصاديون أن الأسر التي تنتمي للطبقة المتوسطة، هي تلك التي تتمتع بدخل يكفيها من أجل النجاة من آثار صدمات مثل البطالة والمرض أو حتى إفلاس مؤسسة تجارية صغيرة، دون أن يتأثر مستوى معيشتهم، أو في أسوأ الظروف ينخفض مستوى معيشتهم، ولكن بشكل موقت».
ومع ارتفاع معدل التضخم عالمياً ومحلياً كان ملاحظاً في الفترة الأخيرة اتساع حيز الطبقتين الغنية والفقيرة مقابل انحسار الطبقة المتوسطة ما أثر سلباً وبشكل حاد على الحركة الاستهلاكية.
وما يدلل على ذلك محلياً، أنه مع تراجع حضور وقوة الطبقة المتوسطة تنامى التأثير السلبي اقتصادياً لا سيما في قطاع التجزئة، ما دفع العديد من الشركات إلى عرض منتجاتها للمستهلكين بالتقسيط وبفوائد منخفضة وأحياناً بفوائد صفرية، لعل يكون ذلك حافزاً على عودة حراك الطبقة المتوسطة التي تشكل حجر الزاوية في نشاط سوق التجزئة.
فالطبقة المتوسطة في كثير من الدول وفي مقدمتها الكويت تضطلع بدور استهلاكي كبير، وهذا يساعد على حفظ التوازن الاقتصادي في الدولة، فهذه الطبقة مؤهلة لأن تلعب دوراً محورياً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومن دونها أو في حال انقراضها تتعثر الدول، وتستمر عمليات التحول السياسي والاقتصادي والسياسي ماضية قدماً، ولكن للخلف در أو أقله يتعزز التباطؤ الاقتصادي.
فالمنتمون للطبقة المتوسطة يبحثون عن جودة هذه الخدمات مثل التعليم والصحة والبنى التحتية. وهذا من معايير جودة الدول وتقدمها. لكن واقع الحال محلياً يظهر أن هذه الطبقة وجدت نفسها منضغطة منصهرة منكسرة بين طبقة مخملية أعلاها وأخرى مدقعة أدناها.
الخلاصة:
عندما تشكل الطبقة المتوسطة أغلبية في المجتمع يزدهر الاقتصاد، باعتبارها القلب النابض للاقتصاد، أخذاً بالاعتبار أن ارتفاع إنتاج اقتصاد الطبقة المتوسطة يؤدي إلى تحسن الاقتصاد وتحوله إلى اقتصاد الابتكار.
وعملياً يمكن القول إن الطبقة المتوسطة في الكويت تركت وحيدة تصارع التغيرات الاقتصادية التي حدثت في السنوات الأخيرة وأدت إلى تآكلها لذلك يتعين التركيز على نمو هذه الطبقة وزيادة إنتاجها، ويحدث ذلك بتخفيف العبء المالي على ضروريات حياتها، وبالتالي تتحول إلى طبقة منتجة، قادرة على دعم تحرك الدولة نحو تحقيق التنمية المستدامة.