من الخميس إلى الخميس

العنصرية هناك

تصغير
تكبير

العنصرية الخفيّة (Aversive racism) هو مصطلح يشير إلى الشكل الخفيّ من العنصرية والتمييز، هذا النوع من العنصرية يظهر باللاوعي لدى الأشخاص الذين يتظاهرون بالتزامهم بقيم التسام، لقد ظهر هذا المصطلح أول مرة عام 1986 بعد بحث ميداني قام به باحثان أميركيان.

لاحقاً تم نشر هذا المصطلح والتوعية به في الولايات المتحدة، وقد زاد إلقاء الضوء على هذا النوع من التعصّب الخفيّ حين تم نشر مقال عنه في صحيفة (ذى نيويورك تايم) الواسعة الانتشار وبقلم الصحافي نيكولاس كريستوف ( Kristof, Nicholas) في 4 أكتوبر 2008، أمّا لماذا اهتم الأميركيون بهذا المصطلح فهو يعكس بصدق رغبتهم بالتخلص من كل أنواع العنصرية والتي ما زالت جذورها الخفية كامنة في بعض طبقات مجتمعهم، وهي نوع من العنصرية لم تؤثر سياسياً على وصف التسامح العرقي الذي اشتُهرت به الولايات المتحدة الأميركية في عقودها الأخيرة، وأكبر دليل على ذلك الفوز الذي حققه مهاجر أفريقي هو الرئيس باراك أوباما (Obama Barak)، الرئيس الرابع والأربعون للولايات المتحدة وتوليه منصب رئاسة الولايات المتحدة مرتين متتاليتين من عام 2009 إلى عام 2017 حصل فيها في الفترة الأولى على 52.9 في المئة، وحصل في الفترة الثانية على 50.6 في المئة من أصوات المجمع الانتخابي الأميركي.

من جهة أخرى، تزداد العنصرية الواضحة، وليست الخفية، في أوروبا وفي مقدمتها بريطانيا التي انزعج شعبها من تولي بريطاني، وليس مهاجراً، من أصول آسيوية هو ريشي سوناك، تولى في 25 أكتوبر عام 2022 رئاسة الوزراء، والذي خلف ليزا تراس، كزعيم لحزب المحافظين، التي تولّت منصبها خلفاً لبوريس جونسون، الذي انتخب البريطانيون حزبه لأنه كان زعيم حزب المحافظين آنذاك، ورغم أن سوناك، حكم فقط سنتين ودعا إلى انتخابات مبكرة إلا أن هذا لم يشفع له عند الناخب البريطاني الممتلئ بالتعصب؛ والنظرة الدونية لشركاء وطنه من الآسيويين وغيرهم من الأقليات.

إنّ العقاب الجماعي الذي ألحقه الشعب البريطاني بحزب المحافظين كان نتيجة لسماح الحزب لشخص آسيوي بتولي رئاسة الوزراء، لقد خسر حزب المحافظين خسارة تاريخية بحصوله فقط على 131 مقعداً من أصل 650 مقعداً، بينما حصد حزب العمال نحو 409 مقاعد، ورغم أن سوناك نجح في مقاطعة يورك شاير، في شمال إنكلترا إلا أن هذا له تفسيرات ليس هنا مجال بحثها، ويبقي الأصل في عقاب حزب المحافظين الذي يعكس العنصرية المتمكنة في أغلب شعوب شمال أوروبا، هذه العنصرية التي ساهمت وتساهم بعزلتهم عن العالم وتراجعهم الملحوظ في قيادتهم الدولية.

إن أكبر نجاح حققته الولايات المتحدة هو الالتزام الكبير في المساواة واحترام القانون في بلدها، وهو الأمر الأخلاقي الذي حافظ ويحافظ لها على البقاء في منصب القيادة العالمية؛ بعكس دول مثل بريطانيا وفرنسا، هاتان الدولتان اللتان تراجعتا بشكل ملحوظ في سلّم القيادة بسبب غلبة روح التمييز الظاهرة على شعبيهما ولا يمكن لمثل تلك الدول العودة إلى الريادة الحقيقية، وليست الإعلامية، إلا إذا حاربت التعصب العنصري، ومحت شعور التفوق العنصري الذي لا أساس له مطلقاً، لا على مستوى الأخلاق ولا على مستوى العلم.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي